أكد الباحث الفرنسي الدكتور لويس مرتناز، أن الإشكالية الأمنية على طول البحر المتوسط، تتمحور أساسا في غياب إستراتيجية موحدة بين الدول المعنية، سواء من الضفة الأوربية أو الإفريقية. وأشار الباحث في تدخله خلال الندوة الصحفية التي نشطها، أمس، بمركز الشعب للدراسات الإستراتيجية، فإن هناك العديد من العوامل الإيديولوجية حالت دون توحيد الجهود، بدء من ظهور العنصرية في الشمال والحركات الإسلامية في الجنوب، وكذا غياب عدو مشترك قوي يستدعي تكتلا، مما ساهم في تباعد بين الضفتين. من جهة أخرى، أوضح خبير معهد الدراسات الإستراتيجية والعلاقات الدولية بفرنسا، أن مصطلح الأمن يعتبر من المفاهيم صعبة الدراسة نظرا لارتباطه بعوامل أخرى، سواء أكانت سياسية أو عسكرية وحتى اقتصادية وغيرها من الأبعاد المؤثرة. هذا، وأكد مرتناز أن الإشكالية الأمنية في ضفتي البحر الأبيض المتوسط، لا تتعلق أبدا بمفهوم الإرهاب فقط، بل تتعدى إلى أبعد من ذلك، كالجريمة المنظمة وغياب الثقة بين الدول المنطقة، خاصة مع ظاهرة التسابق نحو التسلح بآخر إطرزات، وكذا "الحرڤة" التي قال عنها الباحث إنها من المحاور المهمة التي تحتاج إلى توحيد الجهود بين دول الضفتين لمعالجتها نظرا للنتائج الوخيمة المترتبة عليها، حيث يتوفى سنويا في عرض البحر الأبيض المتوسط من 10 آلاف إلى 30 ألف شخص، حيث تستقبل إسبانيا لوحدها 4 مليون مهاجر، رغم كل الحواجز الأمنية التي تقوم بها الدول الأوربية المتضررة من الظاهرة. وعلى هذا الأساس، يرى الباحث أنه من الضروري أن تتبنى دول البحر الأبيض المتوسط إستراتيجية أمنية موحدة تقوم على أساس الحوار، بدء بمعالجة كل القضايا العالقة والصراعات، بما فيها قضية الصحراء الغربية وخلق مجال التبادل يخدم الضفتين على حد سواء. ومن جانب آخر، قال كشف الباحث في تدخله إن بعض الدول في الإتحاد الأوربي تتبنى في سياساتها خطابا عنصريا يحرض على قطع العلاقات بشكل كامل مع الدول الإفريقية، مفضلين في ذات الوقت التعامل مع دول شرق أوربا، الأمر الذي اعتبره مرتيناز خطيرا على مصالح الدول الإفريقية التي يستدعي منها الأمر العمل على خلق لوبيات داخل هذه الدول والعمل على جذبها في علاقات شراكة.