انتهى الملتقى الذي نظمته كنفدرالية إطارات المالية والمحاسبة وجمعية «مغرب»، باقرار جملة من التوصيات تشدد على مضاعفة الجهود للتكامل المغاربي ومراجعة العلاقات مع الضفة الشمالية للمتوسط تأخذ في الاعتبار توازن الأهداف وتقاسم المصالح بعيدا عن أية انتقائية وعن الأبوة. أكد هذا الطرح في كلمة اختتامية تلاها كريم محمودي رئيس الكنفدرالية وجمعية «مغرب» داعيا إلى مواصلة النقاش من اجل كسر الطابوهات ومد جسور اتصال وتواصل بين المنطقة المغاربية وشريكها الاتحاد الأوروبي تأخذ في الحسبان المصالح المشتركة والمنافع والانشغالات. وكانت هذه المسائل محل مداخلات سفراء وخبراء مختصين في الشأن الاورو متوسطي وكذا ورشات العمل على مدار يومين من أشغال الملتقى الذي تراهن عليه «جمعية مغرب+» المنشأة للتحسيس بجدوى التكامل المغاربي وتلاحمه إلى درجة يمنح المنطقة قوة تفاوض واقتراح في إقامة علاقات متوازنة مع الشريك الأوروبي. وهو شريك لم يتحرر من سياسة الكيل بمكيالين والرؤى المعوجة التي ترى في الضفة المغاربية مجرد سوق لامتصاص سلعه وخدماته. وعن موضوع العلاقات المغاربية والاتحاد الأوروبي أوصت الورشة التي ترأسها الدكتور عبد الرحمان ملاك الأستاذ الجامعي والمستشار الدولي ومقررها ميشال المختص في الجباية والجيوسياسية بمدرسة ايروماد مرسيليا ،بمراجعة جذرية لها تأخذ في الاعتبار المتغيرات والتحولات الراهنة. وجاء في التوصيات التي قراها على المسامع الدكتور ملاك، أن تأخر التكامل المغاربي لا يخدم المنطقة في شيء بل يبعدها عن الركب وروح التحول في شتى المجالات في زمن تحكمه الوحدات الكبرى وتفرض منطقها عليه. فلم يعد مقبولا بقاء المنطقة المغاربية على هذا الوضع وتشكيلها الاستثناء وهي تتوفر على مقومات الإقلاع والتلاحم عكس الكثير من الجهات الجيوسياسية التي بالرغم من افتقادها لهذه الامور نجحت في قطع أشواط معتبرة في الوحدة مقدمة تجربة جديرة بالاهتمام. ونادت الورشة بضرورة إقامة سوق مشتركة ونظام مصرفي موحد يشجع على استقطاب الرساميل والاستثمارات. وتنتقد التوصية الموقف الأوروبي الذي لم يراع متطلبات المنطقة وتطلعاتها في التطور والبناء الديمقراطي. وترى أن أوروبا توظف المنطقة في معركتها ضد الإرهاب والبحث عن الاستقرار والأمن المتوسطي. ولم تقبل أوروبا التي تخلت عن الالتزامات والتعهدات المتضمنة في مسار برشلونة بتقاسم وظيفي في الإقرار بحرية تنقل الأشخاص، لكنها أغلقت المنافذ والأبواب وشددت القيود على الهجرة محصنة نفسها وراء برجها العاجي. والتساؤل الكبير عن أي شراكة تتحدث في ظل التدابير التي حولتها إلى قلعة لا تستقبل أحدا من الضفة المتوسطية الجنوبية بدافع الاحتراز الأمني المفرط والمبالغة في تقدير الأحداث والطوارئ. من جهتها شددت ورشة الإستراتيجية والتكامل المغاربي برئاسة جيل كلوتيي الأستاذ الجامعي بمونتريال في كندا والمقررين موسى سمباسي مدير نشر يومية نواقشوط، وتوفيق بنيدير من الجزائر، على إحداث نقلة نوعية في علاقات الدول المغاربية وتجاوز الاختلافات المرهونة للمشاريع التكاملية. ودعت إلى الإسراع في تحريك مشاريع قديمة جديدة لم تر النور رغم أهميتها، وهي مشاريع تنصب حول التكامل الاقتصادي والمصرفي. وكان التأكيد على البناء الأفقي الذي يسمح للمتعاملين بالتحرك في انجاز مشاريع شراكة واستثمار تأخذ في الاعتبار تجارب الآخرين ومنها تجربة الاتحاد الأوروبي المنطلقة من أدنى الأشياء وابسطها وصولا إلى الاعلى. لكن أي دور للإعلام في هذه المهمة الحساسة؟ حسب السيد موسى سمباسي في تصريح ل «الشعب» فان الإعلام هو أول مجال يمكن ان يحدث النقلة النوعية في التقارب المغاربي قبل المنشئات والبنى التحتية والمشاريع العملاقة. وسبب ذلك أن الإعلام الذي يتولى البناء الوحدوي بلا انقطاع ، وينشط تلقائيا دون اخذ في الاعتبار الحدود السياسية في الزمن الرقمي الكبير. يكفي تفحص أي موقع للاطلاع على مضامين العناوين الإعلامية المتشعبة دون ضغط وعناء. لكن لماذا لا يؤثر الإعلام بالشكل الكافي على صناع القرار ويضغط باتجاه إقرار الوحدة المغاربية؟ الإشكالية حسب موسى سمباسي تكمن في غياب فضائيات تعمل في هذا الاتجاه وتفرض الخيار، فالإعلام المغاربي يسيطر عليه المكتوب الذي لم يكن بالوزن الثقيل للتأثير على الرأي العام وشحن العواطف في اتجاه الضغط للبناء المغاربي الوحدوي المنشود.