ما يزال خطاب رئيس الجمهورية الأخير يصنع الحدث، ويلقى ترحيبا من قبل الطبقة السياسية، حيث ثمنت الأحزاب حتى المعارضة منها، ما تضمنه هذا الخطاب الذي نعت بالتاريخي واعتبرته قفزة نوعية في مسار التحول الديمقراطي و تعزيز الحريات. منذ إلقاء الخطاب لم تتوقف بيانات الأحزاب والحركات الجمعوية عن النزول في قاعة التحرير، حيث عبر الكثير منها عن النية في الانخراط في مسعى الإصلاحات، و ذلك على ضوء اللجنة التي تشكلت للتفكير حول الإصلاح السياسي الجدري البعيد عن الترقيعات. الإعلان عن إنشاء لجنة وطنية للتفكير في الإصلاح السياسي الذي يعد أساس الإصلاح الشامل، يعد تأكيد بنظر الطبقة السياسية والحركة الجمعوية بان المسئول الأول على البلاد، لا يريد أن يجعل من الإصلاحات السياسية مشروع شخصي، فهو يرفض بالتالي الانفراد باتخاذ القرار بشأنه، و يعتبرون ذلك موقفا يعكس رؤية سياسية تقوم على استيعاب طبيعة المرحلة و حساسية عملية الإصلاح التي يريد أن يشرك فيها اكبر عدد ممكن من فئات المجتمع في عملية التحول هذه لضمان الشرعية الشعبية، و لتأسيس قاعدة متينة تسمح بانطلاقة صحيحة نحو مستقبل أفضل. العديد من التشكيلات السياسية اعتبرت الإعلان عن إصلاح سياسي وفتح نقاش وطني اعتبرته الكثير من التشكيلات السياسية خطوة كبيرة نحو التجسيد الفعلي للنظام الديمقراطي التعددي و الخروج من ديمقراطية الواجهة، هذه الأخيرة التي كانت مطلبا ملحا من قبل الأحزاب المعارضة و بعض المنظمات، وتعده استجابة فعلية لمطالب الشعب بما يحقق سيادته في صنع قراره السياسي، وينتظر أن يكرس تعديلات عملية وممارسات ميدانية لتتطابق النصوص و القرارات. و من أهم ما جاء في خطاب الرئيس تأهيل مكانة الجمعيات في المجتمع من خلال توسيع، وتوضيح مجال الحركة الجمعوية، وأهدافها ووسائل نشاطها و تنظيمها، بصفتها تمثل الوساطة بين المواطنين و السلطات العمومية. على غرار الأحزاب رحبت العديد من المنظمات و الجمعيات بخطاب الرئيس، و اعتبت أن الإجراءات الهامة التي تضمنها تعد استجابات للمطالب المرفوعة، حيث ثمنت الحركة الوطنية للتواصل و التنمية فحوى الخطاب التي نعتته بالإصلاحي الجاد ، لأنه يسعى للاستجابة لتطلعات الشعب ، و يكمم أفواه و أبواق المشككين من السياسيين و الوصوليين الذين سقطت أقنعتهم و كشفت وجوههم ، و ظهروا على طبيعتهم الحاقدة و المترصدة بالجزائر. المتتبع لخطاب الرئيس كما جاء في البيان الصادر عن هذه الحركة يلاحظ انه ركز على دور المجتمع المدني في إعطاءها دفع معنوي ، و تنظيمها من منظور أنها شريك فعال ، يستوجب العودة إليها ، و الإصغاء لمقترحاتها ، باعتبارها تشكل حلقة الوصل بين السلطة و الشعب ، و إسهامها في إعادة بناء جسر الثقة و رصه. و حسب ذات المصدر فان الخطاب جاء ملما لجميع القضايا المطروحة ، وعلى رأسها الإصلاح السياسي ، حيث تضمن وجوب تعديل الدستور ، و فتح المجال السياسي عن طريق دراسات دقيقة للقوانين و المراسيم المؤهلة لتشكيل فضاءات سياسية قادرة على تلبية و تحقيق آمال المواطنين ، و تعزيز دولة الحق و القانون.