لم يغير قرار منح سائقي سيارات الأجرة محطة جديدة بالخروبة بالعاصمة الشيء الكثير في أوضاع أصحاب المهنة الذين تحدثوا عن نقائص ومشاكل. وهي مشاكل تضاف إلى الأوضاع الاجتماعية المزرية التي يعاني منها السائقون الذين يتجاوز عددهم ال3000 في العاصمة فقط. فمن الأمراض المزمنة إلى غياب قانون يضبط النشاط وقدم الحظيرة يبقى سائقو سيارات الأجرة لما بين الولايات ينتظرون التفاتة من السلطات للتكفل بانشغالاتهم وتمكينهم من تطوير الخدمات وتقديم أحسنها للمواطن. إنها حقيقة وقفت عندها «الشعب» في جولة استطلاعية بعين المكان راصدة مطالب السائقين وانشغالاتهم. قررت سلطات ولاية الجزائر منذ حوالي عام ونصف نقل محطة السيارات لما بين الولايات من ساحة بور سعيد ''السكوار'' إلى الخروبة قرب المحطة البرية، سعيا منها لتحسين ظروف السائقين والمواطن الذي لطالما عانى من السرقة والاعتداءات في محطة ''السكوار''. غير أن قرار التحويل وبعد مدة معينة أظهر بأنه تغيير في الشكل وليس في المضمون والغايات، أفقد الاكتظاظ بالمحطة الجديدة راحة السائقين الذين يطالبون حسب السيد بن فضة عبد الله عضو بمكتب الاتحاد الوطني لسائقي الأجرة بمنحهم الحظيرة المجاورة لضبط المهنة أكثر وجعل ممارسيها في أكثر راحة. ولم يتلق التنظيم الذي يعتبر نقابة مستقلة أي رد من الجهات المعنية وخاصة مديرية النقل لولاية الجزائر. وتتسع المحطة الجديدة ل600 سيارة بينما يفوق عدد السيارات يوميا ال800 سيارة. ولكم أن تتخيلوا الفرق الشاسع بين ما هو متاح والطلب. فعند وجود جميع السيارات بالعاصمة تحدث فوضى كبيرة ويصبح الدخول والخروج أمرا مرعبا. كما أن سيارة الأجرة يجب أن تجد المكان اللازم لحمل الأفراد ومتاعهم وهو ما أصبح مستحيلا أمام ضيق المكان. خدمات رديئة بأغلى الأسعار «الشعب» زارت محطة سيارات نقل الأجرة لما بين الولايات ولاحظت الغياب شبه الكلي للمرافق الخدماتية سواء للمواطن أو للسائقين. وهي الصورة السلبية حسب من تحدثنا إليهم قائلين بملل: لم نشعر بالتحسن وراحة البال هنا، والوعود العسلية التي تلقيناها بالعمل في أجواء مريحة تبخرت، وزادت المشاكل من نوع آخر. يوجد مرحاض واحد تابع لأحد الخواص يجبر السائقين والمواطن على دفع 10 دنانير لقضاء الحاجة، وهو ما اعتبره السائقون ابتزازا. وأكد لنا احد السائقين أن العديد من زملائه مصابين بأمراض مزمنة يجدون أنفسهم مجبرين على دفع أكثر من 100 دج يوميا. وتتوفر المحطة على متجر قديم للأكل السريع يفتقد للمنافسة وخدمات راقية. ويفرض المتجر حسب بعض السائقين أسعارا خيالية وكل شيء مضاعف سعره. وتفتقد المحطة لمصلى يسمح للمواطنين أداء صلواتهم وهو مطلب ملح من السائقين الذين وجهوا نداءا للسلطات المعنية عبر «الشعب» لبناء المرافق اللازمة. ومن المشاكل التي تعرقل تطور المهنة كشف الاتحاد الوطني لسائقي سيارات الأجرة عن غياب قطع الغيار الأصلية. وقال لنا بمضض: ''تتسبب قطع الغيار المغشوشة في زيادة نسبة المخاطر للسائقين حيث ارتفع عدد حوادث المرور لدى الذين يعانون كثيرا من هذا الجانب، فعند إصابة السيارة بعطب لا نجد قطع الغيار وهو ما يدفعنا للاستنجاد بالمتوفرة في السوق الموازي والتي يعتبر جلها مقلد وغير مطابق للمقاييس العالمية''. وفي سؤال ل«الشعب» لممثل السائقين عن عدم إبرام اتفاقيات مع وكلاء السيارات للحصول على قطع غيار أصلية، أشار المتحدث إلى تجربة مع الوكيل ''كيا'' لاقتناء هذا النوع من العتاد. وواصل عارضا مشكل تجسيد هذا الأمر في الميدان قائلا لنا: ''أن الفترة قد تطول للحصول على الطلبية بسبب تواجد معظم المصانع بكوريا الجنوبية وعليه فحل هذه المشكلة صعب للغاية وحتى العقد لا يتضمن بندا يعوض خسائر السائق من الشركة طيلة مدة التوقف''. وعن أرقام حوادث المرور بسبب العتاد المقلد أجاب المتحدث أنها تصل إلى 20 حادثا كل سنة كمعدل في السنوات. وللتقليل من حوادث المرور قام الاتحاد بحملات تحسيسية في أوساط السائقين لتنبيههم بخطورة السرعة الفائقة والتجاوز الخطير. وفي هذا المجال دائما يفكر الاتحاد حسب السيد بن فضة البحث عن عقود تأمين خاصة تحمي السائقين لأن التأمينات الحالية يتوقف دورها في جمع الأموال والتباطؤ في تسديد مستحقات المتضررين بعد الحوادث. الضرائب والتأمينات هاجس كبير وبالإضافة إلى ذلك يصطدم بعض السائقين من معاملات بعض محطات ''نفطال'' التي ترفض تطبيق اتفاقية تخفيض 5 بالمائة على العجلات المطاطية لفائدة أصحاب المهنة، وهي اتفاقية أمضت منذ مدة. أما قضية تجديد الحظيرة التي يصل معدل عمرها إلى 7 سنوات يبقى مقرونا مع تحسن المستوى المادي للسائقين الذين أجمعوا على غلاء السيارات الخاصة بنقل المسافرين ما بين الولايات. وحسبهم تصل النوعية الجيدة إلى حوالي 200 مليون سنتيم وهو ما لا يستطيع السائقون تحمله في ظل ارتفاع تكاليف الصيانة والمتاعب الأخرى. وتدخل أحدهم وقال بنبرة غضب: ''الحظيرة تفرض علينا رسوما في كل رحلة قيمتها 60 دينارا ناهيك عن الأكل والحاجات الأخرى التي أرهقت كاهلنا''. ومن المشاكل كذلك غياب سلم معين للضرائب يسمح للسائقين بتحقيق توازن مالي في مهنتهم. عن هذا الموضوع قال احدهم: ''أننا ندفع الضرائب المؤجلة منذ 1993 بسبب عدم التفاهم على أرضية اتفاق مع المصالح الجبائية حيث كنا سابقا ندفع حوالي 10 آلاف دينار في الثلاثي وهو مبلغ مبالغ فيه كثيرا''. ماذا تقترحون في هذا الشأن سألناهم، فكانت إجابتهم الآتية: ''اقترحنا في آخر مفاوضات دفع من 10 آلاف إلى 12 ألف دينار في السنة ونحن ننتظر الرد على أن نستفيد من إعفاء طيلة المدة الماضية''. كما يطالب الناشطون في المهنة تخفيضات في أسعار المازوت والبنزين مثلما يحدث بأوروبا. وهم يدعون أيضا إلى إنشاء مراكز راحة تستقبل السائقين لتجنيبهم الأمراض المزمنة. فقد لمسنا عند استطلاع المحطة إصابة العديد من السائقين بالأمراض المزمنة خاصة السكري والقصور الكلوي. ويعتبر هذا المشروع قديما حيث كان من المقرر أن ينجز مركز الراحة بالكاليتوس لكن نهب العقار أفشل المشروع. ويتخوف السائقون على مستقبلهم حيث لا يتقاضى أحسنهم أكثر من 9000 دج وهي منحة لا تكفي لمدة أسبوع. وقالوا أن هذه المنحة يجب أن تُراجع وتدعم لضمان لهم تقاعد مريح. ودار حديث السائقين كذلك على الأسعار التي تعتبر حسبهم في متناول الجميع حيث تحسب على أساس 2 دج للكيلومتر الواحد. عن سبب غياب سيارات أجرة نحو ولايات الجنوب أرجعه هؤلاء إلى قلة المسافرين ونقص عددهم. ويفضل أصحاب الجنوب تغيير الاتجاهات في غرداية بالنسبة للمتوجهين إلى أدرار وتمنراست، وسعيدة بالنسبة للمتوجهين إلى بشار وتندوف وورڤلة نحو إيليزي.