شغلت مباراة الجزائر والمغرب الرأي العام الرياضي الجزائري قبل اجرائها بعدة اسابيع ومازالت تحتكر الاهتمام، وستتواصل لعدة ايام، بالنظر للهزيمة التي تلقاها منتخبنا بمراكش، وكنا من بين المتتبعين لهذه المباراة في عين المكان، وكانت خيبتنا كبيرة ونحن نشاهد على امتار من ارضية الميدان توالي الأهداف على مرمى الحارس مبولحي. فقد كنا ضمن الوفد الذي تنقل الى المغرب في رحلة خاصة لمشاهدة تلك المباراة، حيث كانت هذه «الرحلة القصيرة» جد مثمرة بالنسبة لنا ونسرد فيها بعض المحطات التي عشناها رفقة «مرافقينا». والشيء الأول الذي ترسخ في الذهن وبكل ارتياح هو التقائنا بمطار هواري بومدين ظهر يوم السبت الماضي قبل ساعات فقط من موعد اللقاء، وبدأنا نشاهد بعض الوجوه التي ألفناها سابقا وصنعت افراح الجزائر على غرار بلومي وماجر وقاسي السعيد وسعيد قرني وحماد ومغارية ومناد، حيث ارتأت وزارة الشباب والرياضة الى دعوتهم ومنحهم هذه الفرصة تقديرا لما قدموه وكذا لتشجيع «الخضر» في هذه المباراة الحاسمة. وجوه معروفة.. وبعد دقائق من وصولنا المطار، قمنا بكل الاجراءات بشكل جد منظم اين قام المكلفون بهذه المبادرة تقديم كل المساعدات.. لتقلع الطائرة في الموعد المحدد آنفا، في جو من الارتياح وتبادل الآراء، كيف لا والطائرة تعج بالنجوم الذين كانت لهم عدة مواعيد هامة في الكرة الدولية، لما كانت كرتنا فعلا في القمة. فأغلب المواضيع التي تم تناولها كانت تصب في موضوع اسمه الفريق الوطني، سابقا وحديثا، فقال لنا احد النجوم السابقين «في الماضي لم تكن لدينا مثل هذه الامكانيات المتوفرة حاليا، لكننا حققنا نتائج كبيرة، لا اقول انه لايجب وضع مثل هذه الامكانيات لان الكرة تطورت ولابد منها للبقاء في مستوى كبير». ومن جهة اخرى البطل العالمي لالعاب القوى جبير قرني، اعطى تحاليل جد قيمة عن الفريق الوطني ويعشق كرة القدم حتى النخاع واكد لنا انه يلعبها بشكل جيد، وهو ما اكده لنا زملاءه في الفريق الوطني لالعاب القوى الحاضرين معه على غرار عبد الرزاق حماد وسعيدي سياف. ونحن في منتصف الطريق في هذه الرحلة «الخاصة» تحدثنا مع احد اللاعبين القدامى، الذي يدرب ايضا بعض الاندية اعترف لنا انه سئم العمل كمدرب لان المحيط لم يعد يطاق وان العقلية تغيرن مقارنة بجيله وهذا الموضوع تقريبا وجدناه لدى اغلب لاعبينا القدامى، الذين تذكروا المحطات الكبيرة التي شاركوا فيها في جو مليء من القصص المضحكة التي يختزنها كل واحد منهم، لكن محطة وحيدة لم ينساها عدد كبير منا وهي الفوز الباهر الذي عاد به الفريق الوطني من الدارالبيضاء المغربية في عام 1979، حيث تمكن انذاك اشبال خالف محي الدين من الفوز ب (5 1 ).. ومن بين اللاعبين الذين حضروا هذه المباراة كان بلومي الذي تذكر ذلك اليوم، قبل ان يتحدث الصحفي القدير بن يوسف وعدية بتفاصيل دقيقة عن المباراة والفرحة العارمة التي افرزتها تلك النتيجة، قائلا: «اتذكر ان الجمهور المغربي كان رياضيا واذهل بالمستوى المقدم من طرف لاعبينا وصفق طويلا على الفريق الوطني، وكان غاضبا على لاعبيه الذين لم يقدموا مباراة في المستوى». في مثل هذا الجو وتجاذب الحديث مرت تقريبا اكبر مراحل الرحلة ولم نحس بالوقت، ماعدا الدقائق الاخير قبل ان تحط الطائرة بمطار مراكش، اين كانت الرياح قوية اثرت على توازن الطائرة، لتبدأ حصة «الضحك».. فقد تبين ان لاعبين قدامى لايتحملون هذه الاشياء في الطائرة على غرار بويش ناصر وقاسي السعيد، وكانت الفرصة امام زملاءهم لمضاعفة خوفهم في جو مرح..!! وكانت السعادة بادية في اعين الرياضيين المذكورين عندما حطت الطائرة. استقبال مميز.. وغادرنا الطائرة باتجاه القاعة الشرفية اين خصص للوفد الجزائري استقبال مميز من كل النواحي، وتعرف كل الحاضرين على نجوم المنتخب سابقا حيث كان ماجر وبلومي الاكثر طلبا من طرف العديد من الاشخاص. واستقبل الوفد بحفاوة كبيرة، حيث تحدث وزير الشباب والرياضة السيد هاشمي جيار مع نظيره المغربي منصف بلخياط بهذه المناسبة، قبل ان نغادر المطار باتجاه الملعب الجديد في مسار لمدة نصف ساعة تقريبا.. اين اكتشفنا بعض الشوارع للمدينة الحمراء.. ونقترب من الملعب.. وشاءت الصدف ان يكون الشارع المؤدي الى الملعب مملوءا بالانصار المغاربة الذين كانوا يستعدون للدخول.. وعند رؤيتهم للحافلة التي يتواجد فيها لاعبون وصحافيون جزائريون، كانوا يشيرون باشارات على ان الفريق المغربي سيفوز بنتيجة عريضة!! ودخلنا الملعب الذي للوهلة الاولى بدأ لنا انه من طراز حديث وتأكدنا من ذلك عندما توجهنا الى المدرجات التي بها عدة محلات للمأكولات وتعطي راحة اكثر للمتفرجين.. ورغم التأخر الذي وقع في اختيار المكان الذي يجلس فيه اللاعبون القدامى.. الا ان الامور سارت بشكل جيد. وكان القلق باديا على العديد من انصار المنتخب المغربي، الذين اكدوا لنا ان الفريق الجزائري يلعب بعزيمة كبيرة حسب ماشاهدنا في مباراة عنابة. وانطلقت المباراة، اين كان التفاؤل كبير لدى اغلبية الوفد الجزائري، خاصة وان الدقائق الاولى كانت متكافئة وصعد «الخضر» الى منطقة نظيره المغربي.. قبل ان تنقلب الامور رأسا على عقب بداية من الدقيقة (25).. وتلقى الفريق الجزائري الهدف تلو الآخر.. ورأينا ان وجه المدرب بن شيخة بدأ ينكمش، امام اصرار الفريق المغربي على اضافة اهداف اخرى.. وكانت الدهشة والاستياء لدى العداء سعيد قرني الذي قال لنا انه لم يفهم شيئا. وكم احس الجميع بالألم عندما سجل الفريق المنافس الهدف الرابع وضيع عدة اهداف وبسهولة كبيرة!! العودة.. صعوبة التركيز!! وغادرنا المدرجات الى القاعة الشرفية للملعب قبل دقائق من نهاية المباراة.. اين كان الاستياء كبيرا وشاهدنا اللاعب البارع الغائب من الخضر مراد مغني وعيناه تدمعان من شدة التأثر، فرغم اصرارنا على امكانية اعطائنا ولو تصريح لم يرد التحدث واعتذر لنا بكل احترام. وفي الحافلة التي نقلتنا الى المطار كان الحديث ساخنا عن ماشاهدناه والانهزام الكبير الذي سجله الفريق الوطني.. وسمعنا عدة جمل من هذا النوع: «لم تعد التشكيلة الوطنية قوية منذ عدة مقابلات ولم نتفطن لذلك»..!! وبشكل منطقي وبعد مغادرتنا للقاعة الشرفية لمطار مراكش توجهنا الى الطائرة اين كان الجو مختلف بشكل كبير عن الجو الذي رأيناه في الذهاب.. العديد من اللاعبين القدامى اكدوا لنا انهم لم يكونوا ينتظرون مثل هذه النتيجة.. «انها ليست خطة سليمة للفوز بالمباراة..»، «غيرتس درس فريقنا بشكل جيد ورسم خطته»، كانت متداولة بشكل كبير. في حين ان لاعب آخر كان يلعب في الهجوم سابقا قال لنا مايلي: «آه لو انقص 10 كلغ من وزني انا متأكد انني سألعب مباراة في مستوى احسن.. حسب مارأيته من طرف لاعبينا!!». فقد تحولت الطائرة الى «ورشة» من التحاليل التي تتبع مثل هذه النتائج المخيبة فقال احدهم: «بن شيخة انتقد المدرب السابق وخطته لكن ارى ان خطة اليوم كارثة».. في حين ان البعض اتفق على ان التربص الذي جرى في اسبانيا لم يكن موفقا والدليل على ذلك ان الفريق لم يسير المباراة كما ينبغي. ودقائق فقط حتى اعلن قائد الطائرة السيد بوقزولة اننا سنحط بمطار هواري بعد مدة قصيرة، اين كانت الساعة تقارب الثالثة صباحا.. اين بدأ الكل متعب من السفر وكذا النتيجة الثقيلة.. لكن الكل حي المبادرة القيمة التي سمحت لنا حضور هذا الموعد ومتابعته عن قرب.