انتهى المؤتمر ال 6 لكنفدرالية اطارات المالية والمحاسبة بالمصادقة على توصيات عدة تشدد على ضرورة اقامة تكامل اقتصادي مغاربي يمنح المنطقة فرصة الانطلاق والنمو، ويكسبها قوة تفاوضية مع المحيط الخارجي المتغير. وذكر بهذا الطرح كريم محمودي رئيس الكنفدرالية في ختام اشغال المؤتمر ال 6 الذي شاركت فيه شخصيات سياسية وخبراء وممثلو البعثات الدبلوماسية منها سفراء الصين والبرازيل وجنوب افريقيا، وذكروا في مداخلاتهم بجدوى التكامل في زمن لم تعد فيه الدولة الوطنية قادرة على ادارة شؤون الرعية بمفردها دون شراكة مع الآخر. واعطى محمودي مقاربة في كيفية احداث التكامل المغاربي يلعب فيه المتعاملون الاقتصاديون دور المحرك الاساسي، ويضربون المثل في هذا التوجه حتى في ظل غياب التوافق السياسي، وهي امثلة اعتمدتها جهات اخرى كثيرة، نجحت في تكريس منطق التكامل والاندماج رغم مواطن الخلل الانشقاق السياسي. وتعود بنا الصورة الحية الى الاتحاد الاوروبي، الذي لم تتوقف مسارات التلاحم فيه رغم الخلافات المتعددة الاوجه، وتنامي فكرة الزعامة ومحاولة الانفراد بالقرار القاري، وهي مسألة توضحها الخلافات المحتدمة حول الاجراءات الواجب اعتمادها لتجاوز ازمة «اليورو»، وجعل من الخلل قوة انطلاق نحو الاصلاح والتغيير دون السقوط في اليأس والجمود. عكس هذه الحرارة والغيرة على البناء الاقليمي، تستمر بلدان المغرب العربي حسب توصيات المؤتمر ال 6 لكنفدرالية اطارات المالية في ادارة ظهرها لروح التحول وتتمادى قي العزف المنفرد. اكد على هذا الخلل الاستاذ الجامعي عبد الرحمان ملاك، والمستشار الدولي، في قراءته لتوصيات لجنة التصنيع، داعيا الى قراءة ثانية لمجرى البناء المغاربي، ومراجعة الحسابات على أسس جديدة تأخذ في الاعتبار المتغيرات المتسارعة، ومضمون التلاحم باعتباره اساس الوجود في زمن تتحكم فيه الوحدات الكبرى وتفرض منطقها واسلوب عملها بعيدا عن قاعدة «أنا الكل في الكل» او «أنا وحدي املك الحقيقة المطلقة». وحسب الدكتور ملاك، فان المغرب العربي المتأخر عن الركب، مطالب باستراتيجية لسد فجوة النمو والتكامل، وهي استراتيجية تضع آليات اتصال ومرافق بنى تحتية، وصناعة تكاملية يكون فيها تقاسم وظيفي، يسمح بتنويع التصدير، بدل الاتفاق على منتوج واحد. ويكسب الرهان، بوضع في الحسبان المواطنين، وادراجهم في كل كبيرة وصغيرة باعتبارهم اسس البناء الصلب، وقاعدة التوازن في المعادلة المغاربية دون تركهم وشأنهم يغرقون في القنوط والتطرف والتفكير في هجرة الوطن باي طريقة التوائية. وشدد على هذا التوجه زيدان ولد حميدة وزير المناجم والبترول سابقا بموريتانيا، وقال ان المنطقة الغاربية ثرية بالموارد المنجمية وهي لم تستغل هذه الطاقات التي يتهافت عليها الاجانب منهم الصين التي دخلت من الباب الواسع، فارضة تنافسية حادة مع القوى الخارجية. وحسب الوزير الموريتاني السابق فان الفوسفات مادة حيوية يمكن ان تكون عنصر قوة في الصناعة المغاربية تؤمن مداخيل يحسب لها الحساب. والى جانب الفوسفات تشكل الطاقات المتجددة عامل ثراء لنمو المنطقة التي لم تدرك بعد كم هي اهمية هذا القطاع الذي يسيل لعاب الاوروبيين في صدارتهم المانيا المهتمة بمشروع «دزرتاك» الممتد الى الافق البعيدة. من جهته ابرز مصطفى جويلي استاذ باحث تونسي، اهمية التكامل المغاربي، وما يحمله من قيمة في تعزيز استقلالية القرار السياسي والسيادة، هي مسألة دعمها احمد بلحامد مدير الديوان السابق لوزارة الفلاحة المغربية. وقال ان الامن الغذائي التحدي الكبير واذا لم تضع الدول المغاربية هذه المسألة في الاعتبار وتسطر استراتيجية لكسب رهانه، فانها تفتح المجال لخطر وتهديدات مباشرة على سيادتها. وتحدث الخبير عن امثلة قريبة عاشها العالم بمرارة ولم تخرج من تداعياتها وتتمثل في ارتفاع اسعار المواد الغذائية تحت حدة الطلب الاسياوي المتصاعد وكيف باتت المواد الغذائية ورقة ابتزاز وتهديد توجد وتستعمل من اجل الحصول على مكاسب كانت في السابق من الامور السيادية لا تقبل المساومة والتنازل ولماذا صارت الدول في ظل انقلاب الموازين وتصارع النفوذ لا تقوى على شراء مواد غذائية حتى ولو تمتلك اموال الدنيا كلها وهذا بسبب ارتفاق هذه المواد بشروط تضرب في العمق السيادة الوطنية.