اهتمت الندوة التي نظمها مركز «الشعب» للدراسات الاستراتيجية بالقضية الصحراوية التي تراوح مكانها رغم اللوائح الأممية المشددة على حق تقرير المصير أسوة بحركات التحرر الأخرى في مشارق الأرض ومغاربها. وانصبت الآراء في ندوة النقاش التي حملت العنوان (تقرير مصير الشعب الصحراوي حق مشروع تعطله المصالح والمؤامرات)، نشطها الدكتور مسعود شعنان بكلية العلوم السياسية والإعلامية في جامعة الجزائر، على سبب تأخر الإقليم، في الإستقلال باعتباره مسألة حسمتها التشريعات واللوائح الأممية وأنهت الجدل العقيم حولها بالاعتراف بأنها تصفية استعمار. وأكدت على هذا الطرح اللائحة الصادرة عن محكمة العدل الدولية «بلاهاي» في 1975 عندما فصلت في القضية المطروحة عليها، ورأت أن القضية الصحراوية أحق بالاستقلال واستعادة السيادة لأن الإقليم لم يكن في يوم من الأيام خاضعا لسلطة المغرب وتبعيته، لكنه حر طليق. وسارت على هذا النهج، اللوائح الأممية الأخرى على مدار 35 سنة، معترفة بمبدأ تقرير مصير الشعب الصحراوي، وفق استفتاء حر نزيه. لكن مسار تحرر الصحراء الغربية اصطدم بمصالح القوى الخارجية في صدارتها الثلاثي (فرنساإسبانيا وأمريكا)، التي وقفت إلى جانب المغرب، ودعمته في كل الظروف، مساهمة في تأجيل تسوية القضية، وتحررها. وجرت الأمور بصفة واضحة لا التباس فيها تطبيقا لمخطط معروف من زمان، وزعت فيه الأدوار القوى الموالية للمغرب، كما ينبغي، وتقاسمت الوظائف بطريقة محبكة حملت أشكالا متعددة، لكن وظيفة واحدة. وهذا ما يطرح الرأي القائل أن ما يجري في الصحراء الغربية مخطط وليس مؤامرة، مثلما تضمنته الندوة الفكرية، وهي مسألة أثارت الكثير من التدخلات تلاقت أفكارها في أن المسألة مدرجة ضمن مخطط قديم جديد. أكد على هذا العضو القيادي في حزب جبهة التحرير الوطني، عبد الرحمان بلعياط، وعبد العزيز مجاهد المحلل السياسي، الصادق بوقطاية البرلماني والدبلوماسي والإعلامي. وشددت مواقف المتدخلين على هذا الأمر، مدرجة ما يجري في الصحراء الغربية من مخطط خارجي، يدخل ضمن بناء الشرق الأوسط الجديد، وتوسيع دائرة التطبيع مع إسرائيل.. وهذه الدول التي تعيق مسار تحرر الشعب الصحراوي، وهي نفسها تجلس مع المجلس الإنتقالي الليبي، وتسانده، ولا تعترف بجبهة البوليزاريو. أكد على هذا عبد العزيز مجاهد، مطالبا بمراجعة المواقف والحسابات، واتخاذ التدابير الكفيلة بجر هذه القوى لتطبيق ما تعرفه من شعارات التحرر والمساواة وحقوق الإنسان، وإجبارها على العدول عن الموقف المتناقض «تقول ما لا تفعل». وأكبر وسيلة في هذه المواجهة الضغط على القوى المناوئة لاستقلال الصحراء الغربية، ونقل الصراع إلى داخلها، وجرها نحو العدول عن موقفها العنيد لمسار التحرر الصحراوي. وحسب مجاهد، فإن الخيار الأنسب هو استعمال «ورقة» مقاطعة منتوجات هذه القوى، وحظر استهلاك سلعها وخدماتها، لجرها مكرهة إلى الإعتراف بالقضية الصحراوية. وبهذه الطريقة التي اتبعتها الثورة الجزائرية ونقلت الصراع إلى داخل التراب الفرنسي، ضاغطة على أصحاب القرار، يمكن تحريك القضية الصحراوية، وجر القوى التي تدعم المغرب بلا حدود ولو خطأ، إلى مراجعة الحسابات والانحياز إلى تطبيق مبدأ تقرير المصير في الصحراء الغربية. وبهذا الأسلوب، يفرض على الدول التي تخترق القانون الدولي وتوقع صفقات تجارية لاستغلال ثروات الصحراء الغربية، تراجع عن هذه الجريمة، وتنساق وراء اللوائح المؤكدة بالملموس أن المغرب لن تكون له في يوم من الأيام سيادة على الصحراء الغربية، ومن ثم يحق تطبيق مبدأ تقرير المصير لشعب أقدم مستعمرة في إفريقيا. فنيدس بن بلة