شدد مصطفى فاروق قسنطيني رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الانسان على ضرورة ادراج فئات للاستفادة من تدابير قانون المصالحة الوطنية تم إغفالها بطريقة غير متعمدة ويتعلق الامر بالاشخاص الذين تم تحويلهم الى الجنوب بطريقة ادارية وكذا الاشخاص الذين تكبدوا خسائر مادية فادحة، وفي سياق مغاير جدد انتقاد اللجوء التعسفي للحبس الاحتياطي وكذا القانون الاساسي للمحامين، لافتا الى ان توصيات لجنة اصلاح قطاع العدالة لم تؤخذ بعين الاعتبار في الاصلاحات. تطرق قسنطيني امس في حصة «ضيف التحرير» الاذاعية الى فحوى التقرير السنوي حول وضعية حقوق الانسان الذي رفعه مؤخرا الى رئيس الجمهورية وحرص على التأكيد بان الانتقادات التي يقدمها بناءة من شأنها تطوير وتحسين قطاع العدالة، مثلما هو الشأن بالنسبة للحبس الاحتياطي. وفي هذا السياق اكد قسنطيني بان «مشكل الحبس الاحتياطي مطروح بحدة ويشغل كل رجال العدالة لانه مرتبط بالحريات الفردية وبنوعية العدالة لا بد من تصحيحها لتعود الامور الى طبيعتها، وذهب ذات المتحدث الى ابعد من ذلك بقوله الاصل ان يبقى اجراءا استثنائيا، لكن التجربة والميدان يؤكد عكس ذلك، للاسف اصبح عقاب مسبق يخضع له المتهم لان قاضي التحقيق يعطي لنفسه هذا الحق رغم انه قاضي وسيط وليس لديه الحق في معاقبة اي شخص. رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لحماية وترقية حقوق الإنسان بعدما اشار الى الحبس الاحتياطي لا يطبق في حالة ارتكاب الجنح ويقتصر فقط على مرتكبي الجرائم لان الامر في الحالة الاولى يستغرق وقتا كبيرا لاجراء الخبرات والتحقيقات وكذا الجلسات، واعتبر بأن إجراءات اخرى كالحرية المؤقتة والوضع تحت الرقابة القضائية غير مستعملة بطريقة كافية. وذكر قسنطيني جنح التسيير على سبيل المثال الذين يودعون الحبس بمجرد اتهامهم على ان يتم لاحقا تعيين خبير التحقيق في وقت ينبغي ان يبقى المتهم حرا الى غاية ثبوت تهمته، وفيما يخص رفع التجريم عن التشريع فانه تضمن نقاط ايجابية برأيه تتعلق اساسا بتقليص الاحكام وبرأيه لا يمكن الحكم على اي نص قانوني نظريا لان نجاعة القانون من عدمها تظهر من خلال تطبيقه مع العلم ان النص القانوني كان محل انتقاد من رجال العدالة. ورغم الانتقادات التي ابداها الا ان قسنطيني لم يتوان في تثمين المجهودات المبذولة في القطاع والتحسن الكبير، لكن حلمه وطموحه كمحامي ورجل قانون اضاف يقول تحقيق عدالة نوعية وهي مرتبطة بالقضاة وبالتكوين المهني المتواصل والتجربة الكبيرة التي تترتب عنها اصدار احكام صحيحة لانه لا يوجد اصعب من التقاضي ورغم ان الاصلاحات غير كافية الا ان ما تم انجازه معتبر. ولم يفوت قسنطيني الفرصة للتوضيح بان ما طبق من إصلاحات في الميدان لم يعتمد على النتائج التي توصلت اليها لجنة يسعد رغم انها قامت بعمل جيد ونوعي ورفعت تقريرا طموحا لا اثر له في الاصلاحات رغم انها كانت ستقدم الكثير للعدالة الجزائرية لانها ثمرة عمل رجال القانون والقضاة والمحامين متسائلا لماذا ضربت نتائجها عرض الحائط. وفي معرض رده على سؤال يتعلق بالفئات التي لم يشملها قانون المصالحة الوطنية، حرص ذات المتحدث على التوضيح بأنه تم اغفالها ولم يكن ذلك مقصودا، وذكر منها الاشخاص الذين تكبدوا خسائر مادية فادحة بعد خسارتهم لمساكنهم ومزارعهم ومصانعهم مشيرا الى ان وزير الداخلية تحدث عن خسائر مادية ضاهت مليار دولار، وكذا المعتقلين في الصحراء الذين قبعوا في مخيمات لمدة وصلت الى 3 سنوات بالنسبة للبعض منهم دون محاكمة ثم افرج عنهم. ولان المعتقلين الذين يتراوح عددهم ما بين 15 و30 ألف حسب ممثلهم لحقت بهم اضرار مادية ومعنوية ومالية فان تعويضهم ضروري لانهم يعتبرون انفسهم «ضحية اللاعدالة» فانتماؤهم الى حزب سياسي ليس تهمة كما انه وبعد حله لم يعودوا تابعين له. ومن منطلق فلسفة المصالحة الوطنية التي تشمل الجميع ولا تقصي احدا لا بد من اقحام الجميع لتحقيق السلم المدني، وشاطر قسنطيني الملاحظات التي ابدتها مقررة الاممالمتحدة بخصوص السكن مؤكدا نقص الشفافية في عمليات التوزيع وقدم انتقادات بخصوص التشغيل مؤكدا ضرورة وضع سياسة لتشجيعه من خلال انشاء مؤسسات صغيرة تبقى غير كافية. واعتبر ذات المتحدث بان فتح القطاع السمعي البصري طموح سياسي داعيا الى التخلي عن النظرة العدائية بين الدولة والمعارضة، ولا بد من العمل سويا لتطوير الدولة سياسيا واجتماعيا وثقافيا لبلوغ ذلك لا بد من إرساء الديمقراطية التي تم عبر الفتح لكن وفق دفتر شروط لتفادي التجاوزات التي شهدتها تجربة الصحافة المكتوبة. وابدى رضاه عن رفع التجريم عن الصحفي وفيما يخص الغرامة التي تتراوح ما بين 500 ألف و150 ألف دج التي اعتبرها الصحفيون تعسفا في حقهم قال أن القانون قابل للمراجعة شأنه في ذلك شأن القانون الاساسي للمحامي الذي تضمن اجراءات كارثية من شأنها تكريس تراجع العدالة بتحديده حريات الدفاع متسائلا من كان وراء ذلك. ولم يتوان قسنطيني في التأكيد بان المحامي في الجزائر لطالما عمل بكل حرية حتى في عهد الحزب الواحد ورغم ان رئيس الجمهورية يوجه تعليمات صارمة لتكريس الديمقراطية والحريات الا ان اجراءاته تطبق في الاتجاه العكسي، واعتبر تأجيله الى الدورة البرلمانية المقبلة مؤشرا إيجابيا. للإشارة، فان رئيس اللجنة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان اعتبر ما تضمنه تقرير الإدارة الامريكية الذي انتقد بشدة الحريات والديمقراطية والمتاجرة بالبشر مجرد تلفيق واتهامات غير مؤسسة واكد بأنه ينتظر ردا صارما من الحكومة الجزائرية على هذه الادعاءات موضحا بأنه رفع تكذيبات الى الهيئات المعنية.