اعتبر رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان، مصطفى فاروق قسنطيني، اعتماد الحبس الاحتياطي بالشكل المطبّق حاليا في الجزائر بمثابة »عقاب مسبق للمتهمين«، مجدّدا الدعوة إلى ضرورة مراجعة الأمر من خلال تطبيق أحكام الرقابة القضائية والإفراج المؤقت التي لا تعني »اللاعقاب«، فيما اعترف بأن اعتماد قوائم السكنات غالبا ما يحصل فيه التلاعب. انتقد رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان حصيلة إصلاح قطاع العدالة في الجزائر، وقال إنه على الرغم مما تحقّق طيلة السنوات الأخيرة فإن ذلك يبقى غير كاف، متمها بعض الأطراف ب »تجاهل تقرير لجنة المرحوم امحند إسعاد«، متسائلا عن الأسباب التي تقف وراء ذلك، وأضاف أن القطاع بحاجة إلى تعزيز التكوين خاصة على مستوى القضاة. وفي سياق ذلك نفى المحامي قسنطيني وجود خلافات بينه وبين وزير العدل حافظ الأختام في أعقاب الاتهامات التي تبادلها الطرفان في الفترة الأخيرة، كما قال إن تقريره الذي رفعه مؤخرا إلى رئيس الجمهورية »ليس استهدافا للوزير«، وعلى العكس من ذلك فإنه صرّح أمس على أمواج القناة الثالثة للإذاعة الوطنية أن »بلعيز رجل ذكي وذو كفاءة«، ومع ذلك أوضح فقد أن موقفه من الحبس الاحتياطي لم يتغيّر. وخلال عودته للحديث عن الحبس الاحتياطي، أورد مصطفى فاروق قسنطيني أن هناك مبالغة وتعسّفا في تطبيقه، وأشار إلى أن موقفه من هذه المسألة واضح من منطلق أن »هذا انشغال يمسّ الحرية الفردية ولا بدّ من تصحيحه«، مقترحا الإبقاء فقط على مثل هذا الإجراء »في حالات استثنائية«، ومبرّره في ذلك أن »المبالغة الحاصلة« في اللجوء إلى الحبس الاحتياطي »تحوّلت للأسف إلى عقاب مسبق للمتهم وهذا إشكال كبير.. فالزجّ بهم في الحبس الاحتياطي يعني معاقبة المتهمين بشكل مؤقت«. ووفق تقدير المتحدث فإن آليات مثل »الإفراج المؤقت« وكذا »الرقابة القضائية« تبقى »لا تُطبّق بالشكل الكافي في بلادنا«، وبرأيه فإن »القاضي هو من لديه التقدير في الحكم على تورّط المتهم« وليس »قاضي التحقيق« الذي تعود له سلطة تقدير زجّ المتهمين في الحبس الاحتياطي إلى حين محاكمتهم. فيما أعلن دعمه لبعض انشغالات المحامين بعد رفضهم القانون الخاص، مثل حفظ حقوق الدفاع، دون أن يغفل كذلك الإشادة بموقف الوزير بلعيز بعد أن دعا إلى ضرورة الحوار. وطالب قسنطيني عندما سُئل عن ملف المصالحة الوطنية، بإعادة الاعتبار لبعض الفئات التي لم تحصل على حقها في إطار ميثاق السلم في 2005، وذكر من بينهم المواطنين الذين تعرّضت ممتلكاتهم لأضرار نتيجة المأساة الوطنية، إلى جانب معتلقي الجنوب الذين قال بشأنهم إنهم اعتقلوا لسنوات في الصحراء لذنب واحد هو أنهم انتموا إلى حزب اعتمد بالقانون رغم أنهم لم يتورطوا في أعمال تخريب، مشدّدا على ضرورة أن يحصلوا على التعويض وبالتالي تصحيح ما أسماه ب »اللاعدالة«. وعلى صعيد آخر اعترف رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان بحدوث »تلاعبات« في قوائم المستفيدين من السكنات الاجتماعية، وكشف أن الكثير من الشكاوى التي وصلته كانت مرفوقة بأدلة مادية تُثبت صحة كلامه، واعتبر أن تحديد السكنات في الجزائر »لا يتمّ على أساس العدالة«، متسائلا: »لست أدري كيف تسير الأمور؟«. وقد تقاطع الموقف الذي أعلن عنه فاروق قسنطيني أمس في حصة »ضيف التحرير«، مع الانتقادات التي وجّهتها المقررة الأممية الخاصة حول السكن اللائق، »راكيل رولنيك«، إلى الحكومة في ختام زيارتها الأخيرة إلى الجزائر، حيث ذهب يقول: »أنا مع تقريرها وأوافقها في كل ما قالته«، ومن وجهة نظره فإن المشكل المطروح في بلادنا يكمن في »غياب الشفافية«، واستنكر في سياق ذلك »تغيير قوائم المستفيدين في آخر لحظة.. هذه حقيقة موجودة في الواقع«. إلى ذلك أشار إلى أن تصاعد حدّة الاحتجاجات كلما يتعلق الأمر بنشر قوائم المستفيدين من السكنات الاجتماعية »أمر مؤسف.. ولكن الحقيقة هو أن هناك تلاعبا، وتحديد القوائم غالبا ما يتم في التعتيم«، وهو ما دفع به إلى مطالبة الحكومة بالتدخل من أجل وضع حدّ لمثل هذه الممارسات عن طريق تعزيز الرقابة على هذه العملية، وخلص إلى أن استمرار الوضع بهذا الشكل »أمر غير مقبول«.