لن نحكم على نجاح الطريق السيار شرق غرب الذي كلف خزينة الدولة 15 مليار دولار إلا من خلال المحافظة عليه وصيانته، مثلما شدد عليه رئيس الجمهورية في الاجتماع المصغر الذي خصصه لقطاع الأشغال العمومية، لأن العديد من الأجزاء التي فتحها ظهرت عليها الكثير من العيوب، وأهمها نوعية الزفت الرديئة التي جعلت مقطع الأخضرية البويرة يتحول الى تموجات تجعل من المركبات والسيارات لا تعرف الاستقرار والتوازن، ناهيك عن ضعف الخدمات وبروز مشاكل الاعتداءات على مرتدي الطريق السيار وهو ما يعكس غياب النظرة الاستراتيجية في انجاز الطريق أو بروز مؤشرات جديدة لم تؤخذ في الحسبان. ويظهر أن كثرة الدعاية والتصريحات والتقديرات الخاطئة حول آجال التسليم وبروز بعض مؤشرات الفساد أفقد الطريق السيار الكثير من قيمته، فالمشروع بعد البرنامج التكميلي لدعم النمو كان مقرر أن يستلم في بداية 2009 ولكنه تعثر في العديد من المرات وحتى الشطر الرابط بين العاصمة والأخضرية الذي كان مقررا أن يستلم في جويلية 2011 تأخر الى نهاية السنة الجارية، وبالمقابل لم تسلم إلا 53 كلم بين قسنطينة وعنابة مؤخرا وحتى الأسباب التي تم تحميلها للشركة اليابانية (كوجال) الا أن الأمر أعمق، وأصبح غضب ووعيد غول لا يخيف المؤسسات المنجزة بعد ان تكررت التهديدات ولم تجسد الى واقع. وزاد نقص الخدمات وكثرة الاعتداءات على المواطنين الذين يستعملون الطريق السيار من متاعب القطاع والمستعمل للطريق السيار شرق غرب يصاب بالأرق من غياب مساحات الراحة والترفيه ومحطات التموين بالبنزين وحتى الذي لا يعرف الطريق جيدا اذا ضيع مخرجا معينا للوصول مدينة، عليه قطع أكثر من مئة كيلومتر للرجوع الى النقطة المرجوة. وكان رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة قد انتقد تأخر تسليم مشروع الطريق السيار شرق غرب مؤكدا في العديد من المرات على ضرورة احترام آجال التسليم وتفادي اعادة تقييم المشاريع التي كلفت خزينة الدولة خسائر بمئات الملايير. وتبقى الكثير من الجوانب التي تحتاج لدراسة معمقة للطريق السيار شرق غرب وهي كيفية اعمار جوانبه والاستثمار في قطاع الخدمات لجعله موقعا سياحيا وتنمويا فالمشروع الذي سمح للمواطن بقطع المسافة بين الجزائر وسطيف في 3 ساعات في حالة عدم وجود ازدحام، وهذا بعد تقليص المسافات بين الشرق والغرب حيث وفي انتظار فتح مقطع العاصمة الأخضرية سيمكن الوصول الى البويرة في أقل من ساعة وقطع المسافة بين الجزائروقسنطينة في 3 ساعات أو أقل. وتبقى النقائص التي سجلها الطريق السيار قابلة للتدارك ولكن ستكون درسا مفيدا لقطاع الأشغال العمومية مستقبلا الذي تنتظره مشاريع أخرى مهمة خاصة تلك التي تمس المناطق الريفية لفك العزلة وتطوير النشاطات الفلاحية والاقتصادية لأن الهياكل القاعدية تعتبر العامل الأول لجلب الاستثمارات وتحقيق التوازن الجهوي وتقليل الضغط على المدن الكبرى التي باتت لا تطيق الضغط أكثر.