لم تعد مراكز الردم التقني للنفايات قادرة على تخزين الكميات الكبيرة للمخلفات خاصة المنزلية التي تتفاقم باستمرار، وقد أخفقت السياسات في معالجة هذه الإشكالية مما يستدعي بحث آليات وتقنيات جديدة لإيجاد الحلول لهذه المعضلة منها اعتماد التدقيق التقني الذي أعطى نتائج مرضية في العديد من دول العالم. لم تعد طرق التخلص من النفايات المنزلية كالحرق والردم العشوائي وسيلة ناجعة لتسيير النفايات التي يتضاعف حجمها باستمرار، والجزائر التي تحصي أكثر من 13 مليون طن من المخلفات، تحتاج لوسائل وتقنيات حديثة لمعالجة هذه الأخيرة، خاصة وأن دراسات تشير إلى أن المعالجة التقليدية للمخلفات تساهم في 18٪ من انبعاث غاز الميثان بمعدل يتراوح سنويا من 9 إلى 70 ميغا طن، وله تأثير كبير على درجات الحرارة، إذ يساهم في ارتفاعها بقدرة تفوق 21 مرة. اعترفت وزيرة البيئة والطاقات المتجددة فاطمة الزهراء زرواطي، أمس، خلال الكلمة التي ألقتها في اليوم الدراسي حول تسيير مراكز الردم التقني للنفايات بالمركز الدولي للمؤتمرات عبد اللطيف رحال، أن التكفل بالنفايات لم يكن سوى بنسبة متوسطة وتثمينها بنسبة «ضعيفة جدا»، بالرغم من المنشآت التي تم إنجازها منذ 2001، بالإضافة إلى 95 مركزا للردم التقني قيد الاستغلال، 4 محطات لمعالجة عصارة النفايات التي توجد في الخدمة و33 محطة في بداية الإنجاز. بالرغم من كل هذه المنشآت ما تزال إشكالية تسيير النفايات مطروحة وبشدة، وهي تتطلب اعتماد الحلول التقنية، ويأتي التدقيق التقني كأحد أهم الوسائل والطرق لبلوغ الهدف، وقد أصبح من الضروري حسب زرواطي - تطوير آلية لتسيير مراكز الردم التقني ومتابعتها ومراقبتها بطريقة تقنية وعلمية دقيقة ومحكمة. تم في هذا الإطار إبرام اتفاقية عمل بين الوكالة الوطنية للنفايات التابعة لقطاع البيئة ووزارة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية، بالتنسيق مع برنامج التعاون الجزائري الألماني للتنمية «جي أي زاد» التي تهدف إلى تحديد أحكام ومجال التعاون بين الوزارتين. وتتمثل مجالات التعاون في إعداد برامج تقييم فعالية المخطط البلدي لتسيير النفايات المنزلية وما شابهها، وإعداد دراسات من شأنها تحسين آليات التحصيل الضريبية المتعلقة برفع المخلفات المنزلية، وكذا تقديم تقارير التدقيق التقني الخاصة بتسيير مراكز الردم التقني للنفايات من أجل تحسين استغلالها، بالإضافة إلى تعزيز الثقافة البيئية الجديدة، التي ترتكز على نمط استهلاك خاص يفضي إلى الحد من إنتاج النفايات من المصدر وفرزها وإعادة تدويرها وتثمينها ... الجزائر تنتج 35 ألف طن من النفايات يوميا أكد فكايري مدير النفايات بالمؤسسة الألمانية «جي أي زاد» في الكلمة التي ألقاها في اللقاء على الطابع الاستعجالي لمسألة تسيير النفايات، مشيرا إلى أن الجزائر تنتج 35 ألف طن من النفايات يوميا، وتطلب إنجاز المنشآت (مراكز الردم التقني) 40 مليار دج منذ 2001، غير أن هذه المنشآت أصبحت اليوم «غير مطابقة للمعايير المتعارف عليها». ويرى المتحدث أنه من الضروري الإسراع في إنجاز منشآت جديدة عالية الأداء، وتظهر عملية التدقيق في المواقع بصفة قطعية أن 90 بالمائة منها تحتوي على عيوب في التصميم، والتي يمكن أن تنجر عنها عواقب بيئية كبيرة، كما لاحظ فكايري أن عملية الرقابة غير كافية، مشيرا إلى أن «جي إي زاد» تعمل منذ 2001 على مرافقة التسيير التقني للنفايات من خلال التكوين. ومن جهته، اعتبر كريم ومان مدير الوكالة الوطني للنفايات أنه من الضروري حشد ما يقارب 400 هكتار من الأراضي واتخاذ إجراءات تقنية لإطالة عمر المراكز، كما تستدعي اعتماد المقاييس والمعايير التقنية كطريقة الردم والتحكم في عصارة النفايات، قصد تثمين الغازات الناتجة عنها .