أسفرت الساحة السياسية عن تراجع واضح للأحزاب الاسلامية في الجزائر سواء من خلال التوغل في القواعد الشعبية أو على مستوى نتائج الانتخابات، وترهن الصراعات الداخلية والتنافس على المناصب مصير هذه الأحزاب التي ستكون مهددة بالزوال ان استمر الوضع على ماهو عليه وخاصة اذا برزت أحزاب أخرى الى الوجود. يراهن رئيس حركة الإصلاح السابق عبد الله جاب الله على الفراغ الكبير الذي تمر به الأحزاب الاسلامية لانشاء حزب جديد وامتصاص القواعد النضالية لتلك الأحزاب من أجل الانطلاق بقوة في الاستحقاقات المقررة سنة 2012 واسترجاع جزء من الساحة السياسية التي هي بيد حزبي جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي واللذين تعمل الظروف لصالحهما في السيطرة على الاستحقاقات القادمة في ظل الضعف الداخلي للأحزاب المنافسة. وتأتي هذه التحولات في ظل سعي حركة مجتمع السلم للعودة الى الواجهة من خلال الضغط على شريكيها في التحالف وتقمص دور المعارض من أجل مغازلة القواعد النضالية الغاضبة على القيادات أو اقناع جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي بالدخول بقوائم مشتركة من أجل تحقيق إنتصارات وضمان موقع للمناضلين الذين دخلوا في بطالة سياسية. وخطفت حركة مجتمع السلم الأضواء في التصويت على مختلف قوانين من خلال امتناعها عن التصويت على مشاريع قوانين الانتخابات والتنافي مع العهدة البرلمانية وترقية مشاركة المرأة سياسيا في صورة تؤكد عزم الحركة على تغيير موقعها في الساحة السياسية. ويزيد ما حدث في حركة الاصلاح مؤخرا من اشتباكات بين بعض القيادات والمناضلين وهو الواقع الذي يعكس الضغط الكبير لهذا التيار فحركة الاصلاح التي عاشت تطاحنا داخليا في خريف وشتاء 2004 انتهى بازاحة عبد الله جاب الله وتعيين قيادة جماعية بين بولحية وبن عبد السلام وجهيد يونسي لكن سرعان ما ظهرت الاختلافات بعد أن اتفقوا على أن تكون الرئاسة لمدة عام وهو ما جعل الحساسيات تزداد بين مختلف القيادات وبالتالي زيادة التنافر مع القواعد النضالية. وبالمقابل، وحتى وان تمكنت حركة النهضة بقيادة فاتح ربيعي من تحقيق استقرار داخلي إلا أن النتائج في مختلف الاستحقاقات جعلت الحركة دائما في موقع ضعف بالمقارنة مع حالتها الداخلية التي تعتبر الأحسن بالمقارنة مع الأحزاب الاسلامية الأخرى. ويظهر أن التحولات الاقليمية والدولية لم تكن في صالح الأحزاب الاسلامية في الجزائر فنجاح حركة النهضة في تونس وعودة حركة الاخوان المسلمين في مصر وسوريا لم يشفع للأحزاب الاسلامية في الجزائر في البروز بعد أن غابت البرامج والآفاق وطغيان ثقافة الجري وراء المناصب بوغرارة عبد الحكيم