انصب النقاش في الندوة الفكرية المنعقدة أمس بمركز «الشعب» للدراسات الإستراتيجية حول الحرية لفلسطين احياء للذكرى ال61 للنكبة على جملة من النقاط المهمة تتمثل في التحولات السياسية التي تشهدها القضية الفلسطينية في ظل مشروع المصالحة بين الفصائل الفلسطينية والسعي لإنهاء ملف الانقسام الفلسطيني والسر في تغير الموقف العربي اتجاه القضية. وتساؤل أغلبية من حضروا الندوة من اساتدة وصحفيين وممثلي السفارات المعتمدة بالجزائر عن السر في تغير الموقف العربي اتجاه القضية الفلسطينية والذي بات قويا ومتينا في ظل خروج الملايين الى الشارع في بعض الدول العربية كمصر وتونس للاحتجاج والتظاهر دعما للشعب الفلسطيني ومناصرة المطالب المشروعة. وأكد منشط الندوة الأستاذ عامر موسى أن الثورات الشعبية التي شهدتها بعض الدول العربية كمصر وليبيا والتي أدت في نهاية المطاف إلى إسقاط الأنظمة الدكتاتورية الحاكمة سابقا لعبت دورا كبيرا في تحرك العرب وتغيير موقفهم إلى الأحسن بالنسبة لما يحدث في فلسطين من انتهاكات طالت مدتها ولم تعرف النهاية. وفي نفس السياق ضرب مثالا عن دولة تونس التي على حد قوله كانت بعيدة في السابق عن الأحداث الجارية في فلسطين إلا انه وبعد الثورة الشعبية التي عرفتها وتنحية بن علي من السلطة برز دعم الشعب التونسي للقضية الفلسطينية من خلال النداءات المتكررة لإعادة تحرير هذه الدولة المحتلة واستقبالها لعدد من الأسرى المحرريين والخروج في مظاهرات منددة للوضع المزري. من جهته، تساءل صحفي من جريدة المشوار السياسي عن رأي منشط الندوة من إعلان جهاز المخابرات الإسرائيلية «الموساد» عن رغبته في تصفية رئيس دولة فلسطين ابومازن والتخلص منه. وأجاب منشط الندوة الأستاذ عامر موسى أن إعلان الكيان الصهيوني لا يتوارى عن تصفية أي قائد من قادة الشعب الفلسطيني قد يشكل بالنسبة إليه تهديدا وخطرا على مشاريعه الاستيطانية مذكرا ببعض الشهداء الذين لطالما قاوموا بطش المحتل الصهيوني إلا أنهم قتلوا غدرا كالرئيس السابق الراحل ياسر عرفات والشهيد يحي عياش وخالد مشعل. وقال موسى أن كل من يراه الكيان الصهيوني حجر عثرة أمام مشاريعه الاستيطانية وإفشال هدفه في تهويد القدس يسعى إلى التخلص منه بأي طريقة كانت مؤكدا أن الاغتيال لن ينزل أبدا من قيمة الرئيس الفلسطيني ابو مازن بل على العكس تماما فهذا يعد دليلا قاطعا على الانتهاكات والجرائم التي يقترفها الصهاينة في حق الفلسطينيين دون مبرر. وبالنسبة إلى مشروع المصالحة الوطنية بين فتح وحماس طرح الصحفي عبد الحكيم من جريدة النصر استفسارا على منشط الندوة مفاده سبب تعطيل الزيارة التي كان من المقرر أن يقوم بها الرئيس أبو مازن إلى غزة متسائلا عن إمكانية أن يكون الخوف على حياته هو العامل الأساسي في هذا التأخر. ورد الأستاذ على هذه المسألة قائلا «لا يمكن لابو مازن أن يدخل غزة كرئيس إلا بعد أن تتم المصالحة بين فتح وحماس، كما أن فصائل المقاومة من كتائب القسام لا تقبل دخوله بهذا الشكل بل معززا كرئيس عند الإعلان عن الصلح». من جهته أضاف الأستاذ محمد الرحبي في تدخله خلال فتح النقاش ان الربيع العربي قد يخرج أعشاب شائكة أو زهور جميلة في ظل نجاح الأحزاب الإسلامية كما سماها في المغرب وتونس ومصر والأردن من جهة والظروف الاقتصادية الصعبة لأمريكا وبعض الدول الاروبية. متسائلا عن سبب تقبل هذه الدول الكبرى لهذه الأحزاب رغم أنها سبق وان فتحت جبهة على الإسلام لمحاربة الإرهاب. ورد الأستاذ موسى على السؤال قائلا «إنني ضد تسمية الأحزاب بالإسلامية لان المهم هو ان تكون قائمة على أساس برنامج إصلاحي ناجح يكرس مبدأ الصدق والمصداقية وعدم الكذب على الشعب». وأوضح في نفس الصدد، أن حركة حماس مثلا برنامجها ليس قائما على منظومة إسلامية في الاقتصاد بل شعارها هو إصلاح البلد وتوفير الأيدي الآمنة التي تشرف على تسيير البلاد وحماية الشعب والحفاظ على كرامته لا يمكن أن نطلق عليه. من جهته، أجاب منشط الندوة، على استفسار احد ممثلي سفارة روسيا في الجزائر كونيك كيريل فيما يخص موقف حماس الصامت اتجاه الثورة الشعبية في سوريا أن الفضل الكبير لهذه الأخيرة على الحزب كان كبيرا في فترة مروره بظروف صعبة موضحا أنها الدولة الوحيدة التي استقبلت المقاومة وحمت أعضائها ودافعت عنهم زيادة على فتحها مراكز أمامهم وبالتالي فهم حسبه لا يريدون إنكار الجميل رغم عدم رضى الشعب عن هذا السكوت. واغتنم منشط الندوة، الفرصة لدعوة الدول والشعوب العربية إلى التحلي بروح التفاؤل والأمل وتغيير مصطلح النكبة وان ينظرو إلى الاضطرابات التي تحدث في بعض الدول العربية وخاصة فلسطين بأنها ما هي إلا مرحلة عابرة تنتظرها فترة جديدة لتحرير هذه الأخيرة من الاحتلال الإسرائيلي مشددا على ضرورة نصرتها بشكل إعلامي وسياسي ومادي وتعزيز مشروع المقاومة المسلحة وضغط الشعوب على أنظمتها لتحقيق ذلك.