أثار تعيين مدير عام جديد للبنك الوطني الجزائري اهتمام الرأي العام الاقتصادي والمالي لما يحمله من رسالة قوية تفيد بان ساعة إعادة ترتيب بيت المنظومة البنكية الوطنية قد دقت إيذانا بالانطلاق في تجسيد مسار الإصلاح البنكي بما ينسجم مع الديناميكية التنموية والاستثمارية التي تواكبها البلاد وفقا لخارطة طريق ترتكز على شحذ الهمم وتجنيد كافة الموارد والإمكانيات المادية والمالية والبشرية بهدف التزود بالطاقة اللازمة لانجاز الأهداف المسطرة خاصة وان البنوك هي بمثابة الرئة للاقتصاد الوطني وبالذات في عز الأزمة المالية العالمية التي تضع السيولة المالية في صميم الأولويات بكل ما تتطلبه من تامين وحماية من الفساد. بطبيعة مفهوم إصلاح النظام البنكي لا يعني البتة فتح الباب على مصراعيه بما يعرض الاحتياطات النقدية لخطر محتمل وإنما يقصد منه العمل باتجاهين متوازيين متلازمين، الأول يرمي إلى انجاز برامج عصرنة منظومة الخدمات البنكية تماشيا مع مستجدات التكنولوجيات الحديثة خاصة ذات الاستعمالات الالكترونية وتوسيع تشكيلة عروض الخدمة البنكية بمنهجية جوارية أكثر مرونة، والثاني يؤسس إلى الدفع بالكفاءات المتخصصة والاحترافية في جميع البنوك العمومية إلى الصفوف الأولى لتحتل المكانة التي تستحقها فيحدث حينها إنتاج عنصر القيمة المضافة التي تحسم لعبة المنافسة علما أن كثير من البنوك الخاصة وبالذات الأجنبية عرفت كيف تلعب على عنصر المورد البشري لتستنزف البنوك العمومية من قدراتها المبدعة. وفي هذا الإطار فان من صميم مسار الإصلاح أن تدخل البنوك ميدان الاستثمار وتمويل البرامج التنموية والاقتراب أكثر من المؤسسات الاقتصادية والمتعاملين المنتجين الحقيقيين وليس أولئك الانتهازيين وأصحاب النفوذ الذين حصدوا القروض ويجهل مدى وفائهم بتسديدها وهي مسالة تعد بمثابة الشوكة القاتلة في خاصرة المنظومة البنكية التي يفرض عليها الأمر على درجة خطورته أن تبادر بتشخيص الوضعية ومتابعة خيوط المدينين سيئي النية لاسترجاع تلك الموارد أو ما أمكن منها على الأقل عينا أو بالتعويض من أملاك المعنيين وهو من صميم دولة القانون. وبالتأكيد القروض البنكية غير المسددة ملف شائك ومستعجل لا ينبغي القفز عليه بدواعي الارتياح المالي الراهن ووفرة السيولة فقد تترتب عن الأزمة المالية العالمية تداعيات محتملة لا يمكن التصدي إليها إلا بما يتوفر من قدرات واحتياطات مالية ثمينة في أوانها.