أكد أمس سفير العراق بالجزائر الدكتور عدي الخير الله أن احتلال العراق تكرس بأجندة خارجية تضمنت مشروع تغيير جميع أنظمة بلدان المنطقة، معتبرا أن تخلص ارض الرافدين من براثين الإرهاب يحتاج إلى وقت، محملا الاحتلال الأمريكي كامل المسؤولية في ترك الحدود مفتوحة مما أسفر عن تدفق الجماعات الإرهابية المسلحة، وانتقد بشكل لاذع ما اسماه بالتدخلات الإقليمية والدولية والعربية في العراق على غرار الدول التي نفذت مخططات تدخل بواسطة عدة طرق في صدارتها ما وصفه بالإعلام المسير والمدعوم المعادي للعراق، حيث يعمل على تقتيم الصورة وتحريفها. استعرض الدكتور عدي الخير الله، سفير جمهورية العراق بالجزائر، في ندوة نشطها بمركز الدراسات الإستراتجية لجريدة »الشعب«، حول مستقبل العراق بعد انسحاب القوات الأمريكية ثلاث مشاهد تحمل شهادته عن الوضع في العراق لثلاث مراحل الأولى فترة ما قبل الاحتلال، ثم تشريح حقبة الاستعمار، ليصل إلى المرحلة الراهنة وحالة العراق في ظل محاصرتها بخطر الإرهاب إلى جانب توقعاته المستقبلية التي بدا فيها جد متفائل بآفاق عراق متماسك و جديد يتطلع للتنمية والازدهار. ووقف السفير العراقي باستفاضة ليصف الوضع في فترة ما قبل الاحتلال الأمريكي حيث أوضح يقول انه في عهد النظام السابق تخبط الشعب العراقي في عدة أوضاع مأساوية أسفرت عنها الحروب التي نشبت وغزو الكويت وكذا الحرب مع أمريكا، معتبرا هذه الحروب بالمآسي الاقتصادية والبشرية والنفسية، وما زاد الوضع سوءا محاصرة العراق في سنة 1991 حيث على إثر ذلك تدهور الوضع الاقتصادي للعراق وتضرر الشعب كثيرا خاصة بظهور آفات اجتماعية خطيرة. وذهب السفير العراقي إلى ابعد من ذلك عندما كشف أنه في سنة 1991 فرض على العراق التوقيع على اتفاقية في الخفاء تعرف باتفاقية صفوان في خيمة، مشيرا الى أنه لم يعلن عن هذه الأخيرة في وقتها، وتم بيع على إثر ذلك حسب شهادته أراضي عراقية بالمجان، مما أدى إلى تغير حدود العراق حيث تغيرت حدوده لفائدة بلدان مجاورة وفقد بعض آبار نفطه وفوق هذا وذاك مازال لحد اليوم يتنازل بنسبة ال 5 بالمائة من إيرادات النفط للكويت وسدد لغاية الآن 100 مليون دولار للكويت وحدها، بالإضافة الى تعويضات كثيرة تطالب بها العديد من الدول. وذكر أن العراق أدخلت إلى الفصل السابع ويعني أن كل دولة تهدد الأمن والسلم العالميين تدخل هذا الفصل ويتسنى بذلك لأي دولة أن تغزوها بحجة تهديدها للسلم العالمي كون الولاياتالمتحدة غزت العراق بدون استصدار إذن من الأممالمتحدة وكانت قادرة في سنة 1991 على احتلاله إلا أنها فضلت تأديبه عن طريق إضعاف العراق بالحصار كمرحلة تمهيدية. واقر السفير حقيقة أن الاحتلال الأمريكي تم بمساعدة دول عربية شقيقة هيأت للعدو قواعد الاحتلال، وخلص الى القول في هذا المقام أن الاحتلال العراقي تكرس بأجندة خارجية تهدف إلى تغيير أنظمة المنطقة بأكملها. وأفاد الدكتور السفير أن بقاء الحدود مفتوحة دون حراسة شجع دخول الإرهاب في وقت كان من واجب الاحتلال حماية وضبط الحدود من هذا الخطر. ويرى ذات السفير أن زرع الفرقة بين جميع مكونات الشعب العراقي قام به النظام السياسي السابق محذرا من الفرقة التي تسفر عن الضعف. أما في الشق المتعلق بواقع العراق بعد الاحتلال لم يخف السفير عدي الخير الله أن الكثير من الدول العربية صارت تتدخل بشكل سلبي في أمور العراق، متأسفا كون بعض البلدان العربية صارت تقاطع العراق بدعوى أنه بلد محتل، مستفهما في سياق متصل لماذا لا تقاطع هذه الدول من احتل العراق أو الدول التي ساعدت على احتلاله، وأثر ذلك كثيرا حسب السفير على العراقيين على الصعيد النفسي بدرجة اكبر. وقدم الدكتور عدي الخير الله شروحات حول الطريقة التي استعاد بها العراق سيادته وإخراج الاحتلال حسب ما صرح به وحددها بالمقاومة والسبيل السياسي والرفض الاجتماعي، وقال في سياق متصل أن الولاياتالمتحدةالأمريكية عرفت أنها مرفوضة وغير مرحب بها، وعلى إثر ذلك تطورت الأمم فبعد أن كان يحكم العراق حاكم مدني أمريكي صار بعد ذلك للشعب العراقي حكومة انتقالية وعكف على كتابة الدستور ونظمت الانتخابات وصارت له سيادة حيث توجت ببرلمان وحكومة وقضاء، وامتلك العراقيون حسب رؤية السفير أرادتهم على القرار والأرض. واشترط السفير في المرحلة الراهنة والمستقبلية حدوث التحول في العراق إلى الكثير من الوقت بالنظر الى الخطوات المقطوعة حيث أشار إلى انتقال العراق من النظام الذي اسماه بالديكتاتوري الشامل إلى الليبرالي الديمقراطي وتحول الاقتصاد من اقتصاد الحكومة إلى الاقتصاد الحر ومن سياسة الشعارات إلى سياسة الواقع، ومن العلاقات المتقاطعة والحروب مع دول الجوار إلى علاقات حسنة. وحاول السفير العراقي بالجزائر تشريح تحديات المرحلة الراهنة على غرار مخلفات المال والإرهاب، ويعتقد أن تطهير الإرهاب يحتاج إلى وقت فقط خاصة بتحول الشعب العراقي الذي صار يتعاون وينسق مع دولته وتطور إمكانيات محاربة الإرهاب، واغتنم الفرصة في هذا المقام لينتقد أصحاب المصالح الذين يكيلون بمكيالين حيث يدعمون الإرهاب في منطقة ويرفضونه في مناطق أخرى. ويعتقد السفير أن التغيير لن يتجسد من دون تغيير الذهنيات وتهيئتها لاستقبال الديمقراطية. وأثنى السفير العراقي بالجزائر عدي الخير الله على الثروات التي تنام عليها العراق لاستدراك هول المرحلة السابقة بالنظر إلى النفط والغاز والزراعة والسياحة الثلاثية على اعتبار أن التكنولوجيا يمكن جلبها. وتفاءل السفير بمستقبل العراق وحظوظه في التأسيس لحضارة جديدة، ويعتقد أن العراق سيكون مؤشرا قويا في الوضع العربي والإقليمي والدولي، عن طريق الدور الذي ستبوئه إقليميا بالنظر الى الموقع الإستراتيجي الذي يحتله. السيرة الذاتية للسفير العراقي مواليد العراق. مهندس زراعي. تواصلت اقامته في عدد من الدول الأوروبية وكندا مشتغلا في القطاعات الاقتصادية والاستثمارية. شغل مناصب قيادية في مؤسسات التربية والتعليم بالعراق. أختير سفيرا للعراق بالجزائر في 2011