نقاش ثري عرفته الندوة الفكرية لمركز »الشعب« للدراسات الاستراتيجية نشطها السفير العراقي بالجزائر السيد عدي الخير الله حول مستقبل بلاد الرافدين بعد انسحاب القوات الأمريكية. واهتم المتدخلون في النقاش باثارة مشاكل كثيرة يعيشه العراق قبل وبعد الانسحاب الأمريكي الذي رتب كل شيء من أجل الابقاء على المنطقة برمتها ضمن الحسابات الجيواستراتيجية، وهي حسابات تمليها القطبية الواحدة المسيطرة على المعمورة بعد تراجع روسيا رغم صعود قوى ناشئة، لكنها لم تقو على تقاسم النفوذ مع الولاياتالمتحدة المتحكمة في كل كبيرة وصغيرة.. وكان التركيز في المداخلات من الحضور على مسائل ملحة كيف يدير العراق حاضره ويتخذ من تناقضات الماضي وأزماته قوة انطلاق واصلاح النظام السياسي والحياة الاجتماعية، وهل يمكن القول أن العراق طوى صفحة عسكرية مع أمريكا بقرار سيادي تضمنته اتفاقية صفوان أم أن في الأمر ترتيب أوراق وأولويات بالنسبة لواشنطن التي تدير كما يجب الحراك العربي من أقصى الغرب إلى أقصى الشرق بصفة تثبت لنفسها الوجود الدائم في الشرق الأوسطية الجديدة! بالنسبة للسفير العراقي، فإن بغداد صاحبة قرار الفصل للانسحاب الأمريكي لأن الاحتلال أدرك دائما أنه غير مجند، وغير مرغوب فيه وبذلك نجح العراق سلميا في انتزاع قرار الانسحاب الأمريكي، معيدا تجربة الهند مع بريطانيا في الحقب السابقة. عن النظام السياسي المنشود، وتوازن السلطات أجاب عدي الخير الله أن الدستور قرر هذا الأمر، بعد نقاشات مفتوحة لم تقص الحساسيات والطوائف. فجاءت الوثيقة المرجعية ضامنة لحكم برلماني، تديره الأحزاب الفائزة بالاقتراع منها يشكل الوزير الأول لإدارة الحكومة ورئاستها، وضمن الدستور بالاضافة إلى اعتماد نظام برلماني اتحاد، يفصل بين السلطات ويقرر باستقلاليتها، سلطة تنفيذية، مجلس وزراء، حيث الرئيس ينتخب لرئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء. ضمن ضوابط في حكم الديمقراطية، يتولاها الدستور المرجعي، والنظام القضائي، والحرية حاملة الخصوصية الاسلامية وليس الغربية المطلقة المولدة للتناقضات والانسداد والفوضى. عن أي موقع تحتله المرأة العراقية في الحياة السياسية على ضوء الدستور الجديد مثلما طرحته فتيحة مواسة مكلفة بالاعلام على مستوى اتحاد النساء الجزائريات، أجاب السفير، أنه ليس للبلد ثقافة »الكوطة« لكن أقرت الوثيقة التأسيسية 25٪ من التمثيل النسوي في البرلمان العراقي. من جهتها أثارت نورية حفصي الأمينة العامة لاتحاد النساء الجزائريات تساؤلات الى أين يتجه العراق بعد الانسحاب الأمريكي في ظل التحولات العربية وغير العربية، وكانت اجابة السفير أن العراقيين أخذوا على عاتقهم مسؤولية بناء بلد آخر في علاقة أخرى مع بلدان الجوار، وبهذه العلاقة يكون العراق نفسه ويتطور دون الحاجة إلى ترسانة عسكرية مولدة للمخاوف والاخطار.