تمثل البنوك الدعامة المالية للاستثمار والتنمية بفضل الموارد التي تتوفر عليها من سيولة نقدية لا يمكن أن تبقى جامدة في الخزائن بينما الساحة الاقتصادية تتطلع لتشكيلة تمويلات منسجمة تكون فيها المؤسسة الاقتصادية المستفيد الأول طبقا للشروط التي تضمن سلامة القروض ووصولها فعلا إلى الجهاز الإنتاجي حيث القيمة المضافة التي تحسم إشكالية المنافسة. لم يتوقف الجدل بشأن الدور الذي تقوم به المنظومة البنكية ومدى تعاطيها مع برنامج الإصلاحات المالية الذي يبدو أنه يجري بخطوات يمكن أن تكون سريعة أكثر، بما يعيد صياغة دور البنك في التنمية حتى لا يكون مجرد خزانة لتوزيع الريع المالي المحصل من تصدير المحروقات وإنما آلية اقتصادية حقيقية تتعامل مع السوق الاستثمارية بكامل الكفاءة والفعالية. للأسف تعرضت خزائن الدولة على مدى سنوات للفساد جراء ما عانت منه من اختلاسات وتحايل، وزاد الطين بلة استنزاف مؤسسات مالية أجنبية وخاصة للعنصر البشري المحترف مما الحق أضرارا بالبنوك العمومية التي لا يزال دورها كبيرا ومشهود له في دعم قاطرة التنمية بضمان تمويلات غير مسبوقة للجهاز الاقتصادي العمومي والخاص. لماذا لا تتعاطى البنوك وهي تمر بمرحلة رخاء مالي وسيولة مكدسة مع نمط القروض الاستهلاكية التي يتطلع إليها المواطن صاحب الدخل البسيط والمتواضع، وفقا لبرامج محضرة جيدا من النواحي التقنية والضمانات بما في ذلك التأمين على القروض لمنع أي تلاعب من المتربصين بالمال العام الذين لطالما عطلوا الوثبة الاقتصادية في وقت لا تتوانى فيه الدولة عن خوض غمار التنمية الشاملة والمستدامة. أمام البنوك الكثير من العمل الذي ينتظر بالانفتاح أكثر فأكثر على المحيط الاقتصادي، بالشفافية والعقلانية المطلوبتين لتكون جهة تسهيل وليس عرقلة أو تعقيد خاصة على صعيد الإجراءات في وقت توفر فيه الأدوات الالكترونية الجهد والوقت ليبقى المجال مفتوحا للمبادرة والذكاء المالي بما يتجاوز الذهنية الاتكالية فتحل محلها ذهنية المنافسة.