الألعاب الإفريقية العسكرية: الجزائرتتوج بالذهبية على حساب الكاميرون 1-0    لبنان : ارتفاع حصيلة العدوان الصهيوني إلى 3670 شهيدا و 15413 مصابا    "كوب 29": التوصل إلى اتفاق بقيمة 300 مليار دولار لمواجهة تداعيات تغير المناخ    الغديوي: الجزائر ما تزال معقلا للثوار    مولودية وهران تسقط في فخ التعادل    مولوجي ترافق الفرق المختصة    قرعة استثنائية للحج    الجزائر تحتضن الدورة الأولى ليوم الريف : جمهورية الريف تحوز الشرعية والمشروعية لاستعادة ما سلب منها    المحترف للتزييف وقع في شر أعماله : مسرحية فرنسية شريرة… وصنصال دمية مناسبة    جبهة المستقبل تحذّر من تكالب متزايد ومتواصل:"أبواق التاريخ الأليم لفرنسا يحاولون المساس بتاريخ وحاضر الجزائر"    تلمسان: تتويج فنانين من الجزائر وباكستان في المسابقة الدولية للمنمنمات وفن الزخرفة    مذكرات اعتقال مسؤولين صهاينة: هيومن رايتس ووتش تدعو المجتمع الدولي إلى دعم المحكمة الجنائية الدولية    قرار الجنائية الدولية سيعزل نتنياهو وغالانت دوليا    المديرية العامة للاتصال برئاسة الجمهورية تعزي عائلة الفقيد    المديرية العامة للاتصال برئاسة الجمهورية تعزي في وفاة الصحفي محمد إسماعين    الجزائر محطة مهمة في كفاح ياسر عرفات من أجل فلسطين    الجزائر مستهدفة نتيجة مواقفها الثابتة    التعبئة الوطنية لمواجهة أبواق التاريخ الأليم لفرنسا    تعزيز روح المبادرة لدى الشباب لتجسيد مشاريع استثمارية    حجز 4 كلغ من الكيف المعالج بزرالدة    45 مليار لتجسيد 35 مشروعا تنمويا خلال 2025    47 قتيلا و246 جريح خلال أسبوع    مخطط التسيير المندمج للمناطق الساحلية بسكيكدة    دورة للتأهيل الجامعي بداية من 3 ديسمبر المقبل    نيوكاستل الإنجليزي يصر على ضم إبراهيم مازة    السباعي الجزائري في المنعرج الأخير من التدريبات    سيدات الجزائر ضمن مجموعة صعبة رفقة تونس    البطولة العربية للكانوي كاياك والباراكانوي: ابراهيم قندوز يمنح الجزائر الميدالية الذهبية التاسعة    4 أفلام جزائرية في الدورة 35    "السريالي المعتوه".. محاولة لتقفي العالم من منظور خرق    ملتقى "سردية الشعر الجزائري المعاصر من الحس الجمالي إلى الحس الصوفي"    الشروع في أشغال الحفر ومخطط مروري لتحويل السير    حادث مرور خطير بأولاد عاشور    اللواء فضيل قائداً للناحية الثالثة    الأمين العام لوزارة الفلاحة : التمور الجزائرية تصدر نحو أزيد من 90 بلدا عبر القارات    السلطات تتحرّك لزيادة الصّادرات    وزارة الداخلية: إطلاق حملة وطنية تحسيسية لمرافقة عملية تثبيت كواشف أحادي أكسيد الكربون    مجلس حقوق الإنسان يُثمّن التزام الجزائر    مشاريع تنموية لفائدة دائرتي الشهبونية وعين بوسيف    بورصة الجزائر : إطلاق بوابة الكترونية ونافذة للسوق المالي في الجزائر    إلغاء رحلتين نحو باريس    البُنّ متوفر بكمّيات كافية.. وبالسعر المسقّف    الخضر مُطالبون بالفوز على تونس    دعوى قضائية ضد كمال داود    تيسمسيلت..اختتام فعاليات الطبعة الثالثة للمنتدى الوطني للريشة الذهبي    الشباب يهزم المولودية    المحكمة الدستورية تقول كلمتها..    وزيرة التضامن ترافق الفرق المختصة في البحث والتكفل بالأشخاص دون مأوى    النعامة: ملتقى حول "دور المؤسسات ذات الاختصاص في النهوض باللغة العربية"    الذكرى 70 لاندلاع الثورة: تقديم العرض الأولي لمسرحية "تهاقرت .. ملحمة الرمال" بالجزائر العاصمة    سايحي يبرز التقدم الذي أحرزته الجزائر في مجال مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات    التأكيد على ضرورة تحسين الخدمات الصحية بالجنوب    الرئيس تبون يمنح حصة اضافية من دفاتر الحج للمسجلين في قرعة 2025    هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    الاسْتِخارة.. سُنَّة نبَوية    الأمل في الله.. إيمان وحياة    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    نوفمبر زلزال ضرب فرنسا..!؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أعوان الأمن يلاحقون مروجي المخدرات بحي »الزيانية«
"الشعب" ترافق عناصر الشرطة القضائية في عملية مداهمة ليلية بالشراقة
نشر في الشعب يوم 21 - 10 - 2008

مرت الجزائر بظروف صعبة ومراحل مريرة خلال السنوات الأخيرة، تلاحقت بها الأحداث المأساوية و السيناريوهات الكارثية، التي كادت تعصف باستقرار المنشآت القاعدية للوطن وتهز امن المواطن و وحدة الشعب، إلا أن بلادنا اليوم استطاعت أن تخرج مرفوعة الرأس عالية الشأن، بعد اجتيازها لأحلك المواقف وأشدها دامت عشرية سوداء من سنوات الجمر، كان الفضل في ذلك لرجال ساروا على خطى أبائهم وأجدادهم المجاهدين، و ضحوا في سبيل استرجاع امن الوطن وتفرغوا لخدمة البلاد ، رجال معدنهم سجل من ذهب ، عنوانه العيش بعزة أو الموت بكرامة.
وبالرغم من أن الجزائر وجهت بالغ اهتمامها للقضاء على الوجود الإرهابي عبر ربوع الوطن، هذا الأخير الذي يعد لحظاته الأخيرة في الوقت الراهن بعد تشديد الخناق على ابسط تحركاته، إلا أن هنالك رجال يحرصون على قمع شتى أشكال الإجرام المتبقية و يعملون على مسايرة التطور الهائل الذي شهده التنامي الإجرامي حاليان سعيا إلى ضمان امن المواطن وسلامة ممتلكاته أينما وجد وفي كل حين.
يومية »الشعب« ارتأت مقاسمة عينة من خيرة حماة الوطن مهامهم اليومية، وفضلت هذه المرة مشاركة فرق الأفواج الليلية التابعة للشرطة القضائية لدى امن المقاطعة الإدارية للشراقة، في عملية المداهمة الواسعة النطاق التي خاضتها أمسية الاثنين الفارط عبر بعض النقاط التي تندرج ضمن اختصاصها ، والتي سمحت بتعريف عدد معتبر من الأشخاص وتوقيف البعض من المشتبه فيهم بالإضافة إلى متابعة احد مروجي المخدرات .
إحباط محاولة سرقة هاتف نقال من امرأة فور ارتكاب الجريمة
كل المؤشرات يومها كانت توحي بطوال ليلة ال 20 من شهر أكتوبر الجاري،فالجميع كان مستعدا لأداء واجبه على أكمل وجه، وتم تجهيز العربات الخاصة بالعملية، بحيث تتقرر في حدود الثامنة ليلا الخروج رفقة رئيس فرقة الأفواج الليلية محقق الشرطة ''س، بريكي''، قاصدين في وجهتنا الأولى مقر الأمن الحضري الأول للشراقة، أين تم إلقاء القبض على شابين احدهما قاصر ، بتهمة سرقة هاتف نقال من حقيبة امرأة على مستوى محطة نقل المسافرين بالشراقة.
وفور دخولنا إلى مقر الأمن الحضري الأول، صادفنا أفراد عائلتي المشتبه فيهما وهي تحاول إقناع عناصر الشرطة بالتنازل عن تحرير محضر ضد ابنيهما وإخراجهما من الورطة التي وقعا فيها، بالرغم من أن الموقوفين تم إلقاء القبض عليهما في حالة تلبس، والعثور بحوزتهما على الهاتف المسروق، الذي سرعان ما تعرفت الضحية عليه وتأكدها من الشريحة الموجودة بدخله، فضلا عن التعرف على المتورطين في عملية السرقة التي استهدفتها.
وحسب معلومات تم جمعها من خلال التحقيق الأولي مع الضحية والمشتبه فيهما، فان الجريمة وقعت في حدود الخامسة مساء بمحطة نقل المسافرين للشراقة، أين قام القاصر البالغ من العمر 16 سنة، بنشل هاتف نقال طراز »سامسونغ« اسود اللون من حقيبة امرأة كانت على وشك النزول من الحافلة.
وبفضل التواجد الميداني لعناصر الشرطة القضائية بعين المكان في مهمة تامين الأماكن الحساسة والمعروفة بالاكتظاظ، والذين كانوا يراقبون المنطقة ويسهرون على قمع أي حركة مشبوهة مرتدين في ذلك الزي المدني ، تم التفطن لوقوع الجريمة وإجهاضها على الفور من خلال التدخل الآني و إلقاء القبض على الفاعل في حالة تلبس تامة وبحوزته الهاتف النقال ، في حين لاذ شريكه بالفرار في وجهة غير معلومة.
وما إن تم إخطار أفراد فرقة الأفواج بملابسات الحادثة عبر ترددات جهاز الإرسال اللاسلكي ، حتى تمكن هؤلاء في عمل منسق مع وحدات الأمن الحضري الأول للشراقة دام اقل من ربع ساعة، من توقيف المشتبه فيه الثاني المسمى''خ،ع'' والبالغ من العمر 18 سنة بتهمة التواطؤ.
تركنا ورائنا عائلتي المشتبه فيهما تنتظران اتخاذ الإجراءات المتعلقة بالحادثة، وهما تحاولان تبرئة ابنيها من الأفعال المنسوبة إليهما بكل السبل المتاحة حتى إن اقتضى محاولة إحراج عناصر الشرطة التي كانت تحرر محضر الجريمة، وواصلنا رحلتنا الليلية على متن السيارة الرباعية الدفع رفقة إسماعيل ، أنور ومحمد، إلى جانب رشيد وزميليه على متن السيارة الثانية، قاصدين هذه المرة حي دار الضياف '' حدادي بن سعيد'' المعروف باقاماته الفاخرة والتي غالبا ما تتعرض للسرقة وأعمال السطو والاقتحام من طرف عصابات الأشرار، التي تستهدف كذلك سيارات القاطنين بالحي، نظرا لكونه إقامة سكنية تقل بها الحركة وبعيدة عن أنظار المارة، فضلا عن ضمان هؤلاء المجرمين العودة بغنيمة معتبرة جراء كل عملية ينفذونها.
أجهزة إعلام ألي محمولة للتأكد من هوية المبحوث عنهم
وما كدنا نبتعد قليلا عن مقر الأمن الحضري الأول للشراقة، لندخل حي ''حدادي بن سعيد''،حتى أمر محقق الشرطة ''إسماعيل'' سائق المركبة بالتوقف قرب مجموعة من الأشخاص الذين كانوا مجتمعين أمام سيارة نفعية من نوع ''تويوتا''، وحسب ما أوضحه رئيس فرقة الأفواج فان ما شد انتباهه هو كون السيارة خارجية عن الجزائر العاصمة بالإضافة إلى لوحة ترقيمها التي كانت تحمل رقم الولاية الخامسة والثلاثين أي ولاية بومرداس، باعتبارها احد المناطق الساخنة والتي تضم في الوقت الراهن عدد من معاقل الجماعات الإرهابية المسلحة، مما يفسح المجال أمام احتمال استعمالها في تنفيذ عمل إجرامي مستهدف أو تجسيد خطة انتحارية أخرى.
وأمام كل هذه الاحتمالات، كان من الضروري إخضاع العربة للتفتيش بالإضافة إلى التأكد من هوية أصحابها والمتواجدين بالمنطقة، بحيث اقتربت سياراتنا المدنية ببطء من المجموعة حتى لا نلفت انتباههم تفاديا لأي محاولة فرار، لنتوقف بصورة مباغتة أمام المعنيين بالأمر، أين اقترب قائد العملية من سائق صاحب العربة وبعد أداءه التحية القانونية، باشر عناصر الفرقة إجراءات التفتيش وتعريف الأشخاص ، مستندين في ذلك إلى جهاز الكمبيوتر المحمول المتواجد على متن السيارة، والذي يضم قائمة اسمية لكامل الأشخاص محل بحث من قبل السلطات القضائية إلى جانب نوع المركبات المسروقة و المشتبه فيها ، وهو ما يسهل عمل الفرق الأمنية بصورة كبيرة جدا، ويخفف من إجراءات التحقق من الهوية ، كما تضمن معلومة فورية وأكيدة بشان الشخص المعني، بحيث يكفي نقر اسم المشتبه فيه على لوحة الإعلام الآلي، ليظهر إذا ما صدر في حقه أمر بالقبض أو كان محل بحث ، كما يسمح الجهاز بتحديد نوعية الإجراء الواجب اتخاذه بحسب خصوصيات بحسب كل حالة، وهي الخطوة التي لقت استحسان المواطنين الذين استجوبتهم يومية ''الشعب'' بعين المكان، حيث وصفوا أعوان الشرطة القضائية بالأمن الأمريكي من ناحية التكنولوجيات الحديثة و الوسائل المتطورة التي اكتسبها الأمن الوطني مؤخرا في إطار عصرنة الجهاز واستحداث سلاحه، مبرزين أن توفير الإمكانيات الضرورية لتسهيل مهام الشرطة يرفع من مستوى الخدمة المقدمة ويحسن العلاقة بين المواطن و الشرطي، كما يساهم في اقتصاد الوقت وتحقيق نتائج الايجابية.
التماطل في تصليح الإنارة بحي حدادي بن سعيد وراء تنامي السرقة
وما أن تم تفريغ المعلومات المتعلقة بهوية الأشخاص المخضعين للتعريف في استمارات خاصة، والتأكد من عدم تورطهم في ارتكاب أي تهمة، غادرنا المنطقة تحت توجيهات قاعة العمليات التي كنا في اتصال دائم معها ، نعلمها فيه بأبسط تحركاتنا وكل كبيرة وصغيرة، ونتبادل المعلومات الخاصة بالعملية مع رئيس فرقة الشرطة القضائية بأمن المقاطعة الإدارية للشراقة، الضابط ''س، بشيري'' بصفته المشرف على سيران العملية، والذي أمرنا بالتوغل أكثر في عمق حي '' حدادي بن سعيد'' والتركيز على تفقد الأماكن المظلمة التي تكثر بها جرائم السرقة، وهو ما لمسناه فور توجهنا إلى المكان المطلوب، بحيث كان سواد الظلام يزداد شدة كلما توغلنا بالحي نظرا لافتقاره إلى عدد كافي من أعمدة الإنارة الكهربائية وتوزيع ما توفر منها بصورة غير منتظمة، مما يخلق الجو المفضل لدى اللصوص أثناء ارتكابهم لجرائم السطو والسرقة بمجرد غياب احد أصحاب سكنات الحي.
وزيادة عن ذلك فان انعدام الإنارة بالحي يعرقل مهام الأجهزة الأمنية ويزيد من تعقيدها، فبالرغم من الملاحظات التي رفعتها مصالح المناوبة الأمنية إلى البلدية حول النقائص التي تعاني منها المنطقة، مدى تأثيرها على عمل الشرطة اثر كل خرجة ميدانية، إلا أن مصالح البلدية حسب رئيس فرقة الأفواج الليلية لم تتخذ إلى حد الآن الإجراءات الضرورية لاستدراك الوضع ، ولازالت تتماطل في تصليح الأعمدة الكهربائية المعطلة وتوفير القدر الكافي لإنارة الحي بكامله.
ونحن نجوب شوارع الحي في حدود التاسعة والربع مساء، لفت انتباهنا سيارة رباعية الدفع سوداء اللون من نوع ''ميستيوبيشي''، أبوابها الأربعة كانت مفتوحة مع غياب مطلق لأي حركة، بما يوحي بوقوع عملية سرقة، الأمر الذي استوجب تغيير وجهتنا بصورة مفاجئة نحو السيارة و محاصرة الأشخاص المتواجدين داخل العربة، ليتضح بعد تفتيشهم وتعريفهم بالإضافة إلى تنقيطهم ضمن جهاز الإعلام الآلي أن الأمر يتعلق بصاحب المركبة رفقة اثنين من أصدقائه كانوا على وشك مغادرة المكان، واثر حوار بسيط بين عناصر الأمن والمواطنين، أكدوا هؤلاء أن الوجود الأمني يضمن راحة البال، مطالبين بتكثيف الدوريات الأمنية لإحباط كل محاولة إجرامية مهما كان شكلها، في حين واضح من جهته محقق الشرطة السيد بريكي أن هذه الدردشة تدخل في إطار تعزيز العمل الجواري بين المواطن و رجل الأمن، وتسمح بالتعرف أكثر على سكان المنطقة، فضلا عن خلق قنوات التواصل بين المواطن باعتباره أساس الأمن ومصالح الشرطة بصفتها إلا الأداة.
وبعد انقضاء قرابة ربع ساعة، مضينا نحو حي البناء عبر المدخل السلفي لجنان عشابو، قاصدين الطريق الداخلي بحي الأمل والمؤدي إلى حي البرتقال، كونه ممر اجتنابي تلجئ إليه الجماعات الإجرامية وعناصر العصابات لتفادي الحواجز الأمنية ونقاط التفتيش الثابتة، مما استدعى دخول المنطقة وإجراء بعض العمليات التفتيشية و التعريفات الروتينية للأشخاص الذي صادفناهم بعين المكان، والى غاية العاشرة إلا ربع كانت عمليات التفتيش متواصلة بصورة تلقائية ومباغتة كلما تم العثور على أشخاص مشتبه فيهم، مستهدفة في كل مرة علب التبغ والكبريت بالإضافة إلى تفتيش الملابس بصفة مجهرية، بحيث حرص رئيس فرق الأفواج و رفاقه على تمشيط المكان وإخضاعه لمراقبة دقيقة، بشكل يعكس عدم التسامح مع مستهلكي المخدرات ومروجيها هذه السموم على وجه الخصوص.
باتجاه حي الزيانية ...نحو القلب النابض للمخدرات
غادرنا حي الرحمة لنخرج إلى الطريق المزدوج الرابط بين مقاطعتي الشراقة و شوفالي، و كانت حينها عقارب الساعة تشير إلى العاشرة ليلا عندما امتطينا من جديد سياراتنا ، لنشق طريقنا من جديد باتجاه حي الزيانية، المعروف لدى المصالح الأمنية باحتضانه لأوكار الفساد وعدد هام من مروجي المخدرات، حيث كانت الأجواء توحي بالهدوء الذي يسبق العاصفة، وما كدنا ندخل الحي حتى انتابنا شعور بان أنظار سكان الحي لم تكن ترحب بنا، بالرغم من أن سيارتنا كانت مموهة ولا تحمل أي إشارة للأمن الوطني، قصد إبقاء العملية في سرية تامة وضمان نجاعة المهمة، إلا أن المجرمين المسبوقين قضائيا شعروا بنا وتفطنوا لوجودنا، بدليل أن دوي التصفيرات تعالى فور تقدمنا بداخل الحي، منذرا باقي المجرمين بحلولنا، بما يؤكد تواطؤ بعض سكان الحي مع كبار مروجي هذه السموم في الأوساط الشبانية.
وكون الرياح تأتي من حيث لا تشتهي السفن، وبالرغم من استهدافنا من أعلى شرف المنازل بحبات البيض وبعض الفضلات المنزلية، فلقد تقرر إجراء دورية راجلة نستهدف من ورائها الأماكن المعزولة والبقع الساخنة أين تكثر تجمعات الشباب، والتي يشتبه فيها استهلاك المخدرات، وما أن باشرنا دوريتنا الراجلة،انقسمت الفرقة إلى فوجين الأولى أوكلت مهمة تطويق العمارة المشكوك فيها وتامين المكان في حين تولت المجموعة الثانية اقتحام قبو العمارة رقم 2 ، أين لاذ شابين بالفرار مما استدعى الخوض في عملية مطاردة المشتبه فيه، شبيهة بمطاردات الأفلام البوليسية، كان بطليها كل من محقق الشرطة بريكي، وزميله أنور، والتي انتهت بتوقيف احد الفارين، فيما استطاع الثاني الإفلات من قبضة أعوان الفرقة بعد أن تم التعرف على هويته.
وفور عودة قائد الفرقة رفيقه مصحوبين بأحد الفارين ، انسحبنا من الحي قصد تحويل الموقوف إلى مقر الأمن الحضري السادس بدالي إبراهيم ، تاركين ورائنا فرقة مختصة إقليميا مهمتها ترصد التحركات المشبوهة، والقبض على الهارب في حالة ظهوره من جديد، بحيث أن التحاليل الفورية للقضية أكدت حسب قراءة من مناوب الأمن الحضري السادس أن الشخص الفار مسبوق في جرائم المخدرات ، وما فراره إلا دليل قاطع على حيازته للمخدرات وقت إجراء الدورية.
بعد تسليم الموقوف للجهة المختصة لاتخاذ الإجراءات الملائمة، انطلقت قافلتنا في حدود العاشرة والنصف ليلا، قاصدين حي عين الله بدالي إبراهيم ، وكأول وجهة حي الرياح الكبرى، الذي سجلت على مستواها عدة شكاوي بشان سرقات متكررة، فضلا عن كونه يضم ممر اجتنابي يقصده المنحرفون لتفادي مقر الأمن الحضري السادس وحاجز الشرطة القضائية، أين خضنا دورية مراقبة روتينية، تخللتها بعض العمليات التفتيشية.
اليقظة أساس إحباط كل اعتداء إرهابي
واصلنا على ذلك النحو إلى أن بلغنا إقامة المستقبل على الساعة الحادية عشرة ، أين استوقفتنا عربة نفعية متوسطة الحجم من نوع ''شانا''متوقف في منتصف الطريق وسط الفيلات السكنية، ليباشر إفراد فرقة الأفواج الليلية عملية تفتيشها وتعريف صاحبها الذي عارض الفكرة
في بادئ الأمر وتردد في الامتثال لأوامر قائد المجموعة، قبل أن يتراجع أدراجه وسرعان منسجما مع إجراءات التفتيش، إيمانا منه بحرص أعوان الشرطة القضائية على ضمان سلامته وتامين ممتلكاته.
عملية التفتيش جرت بحضور المتهم وتحت مرأى أنضاره، تفاديا لأي التباس قد يقع في المستقبل، بحيث ركز عناصر الفرقة على الأماكن الحساسة للمركبة، وما أن استوفوا إجراءات التفتيش وبعد التأكد من هوية صاحبها وتنقيطه في جهاز الإعلام المحمول الذي أكد عدم تورطه في أي تهمة، واصلنا زحفنا بداخل الإقامة، بما أن الليل لازال في بدايته ، فقد كان احتمال الوقوع على مفاجئة وارد الحصول بشكل كبير جدا، حيث شاءت الصدف أن نقع على احد الأشخاص الملتحين، بالقرب من احد المنازل التي لازالت قيد الانجاز ومحل أشغال البناء، وفور استيقافه اتضح انه لا يحمل وثاقه الشخصية، والى هنا كان الأمر يبدو طبيعيا، إلى حين تنقيط اسم ولقب المشتبه فيه على الجهاز المحمول الذي كشف عن وجود قرابة ثمانية أشخاص يحملون نفس المواصفات، احدهم ملقب ب''بعبد الصمد'' ومحل بحث بتهمة تكوين جماعات إرهابية، فتحتم عينا اقتياده إلى مقر الأمن الحضري السادس بدالي إبراهيم لاستيفاء باقي الإجراءات.
تفاديا للوقوع في أي التباس خاصة أن المعطيات الأولية لم تكن تزن لصالح كفة المشتبه فيه بسبب غياب وثائق تثبت هويته مما صعب مهام عناصر الفرقة وزاد من تأزم الوضعية، و تجنبا للاخطاء في حق المشتبه فيه، استغرق التحقيق الوقت اللازم ، حيث دام أكثر من ساعتين، وتنوعت فيه السبل بين الأخذ والرد مع الموقوف ، بالإضافة إلى إخطار الجهات العليا والقيادة بتطورات القضية، فضلا عن البحث عن صورة المتهم الحقيقي ضمن أرشيف الشرطة، وفي آخر المطاف وبعد التأكد من براءة المتهم تم إطلاق سراحه وإخلاء سبيله.
وبالموازاة مع شلل الحركة في الإحياء، بعد أن دقت عقارب الساعة مشيرة إلى الواحدة من صبيحة ال20 من أكتوبر الجاري، وعدنا أدراجنا تاركين عناصر فرقة الأفواج الليلية يواصلون مهامهم إلى غاية التاسعة صباحا، بعد أن نصبت حاجزا امنيا بالمحول الرئيسي لدالي إبراهيم، بما يضمن امن وسلامة المواطن، امتثالا لقسم تعهدوا خلاله بالدفاع عن هذا الوطن حتى آخر قطرة من دمائهم، مخلدين اسمهم في سجل معدنه من ذهب وعنوانه العيش بعزة أو الموت بكرامة .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.