عهد الرئيس الأمريكي جورج بوش المثير للجدل والموشك على الرحيل ، سوف يشغل العديد من مراكز البحث والدراسات لما احدثة من إرباك في العلاقات الدولية وتقويض للأمن والاستقرار الدوليين وبالطبع كل حسب ميوله واتجاهاته . وفي إسرائيل عكفت مبكرا مراكز البحث وبتكليف رسمي على دراسة كيف استغلت إسرائيل فترتي ولاية الرئيس الامريكي جورج بوش ووضعتها على طاولات صناع القرار في إسرائيل لتحديد شكل العمل في المرحلة القادمة . احدها يقول في بحثه أن إسرائيل كان لديها بعد نظر عندما تمكنت بفضل دوائرها الإستراتيجية وتوصيات مراكز البحث النشطة العاملة لمصلحة المستوى السياسي وأصحاب القرار من الاستفادة الهائلة من عهد الرئيس الأمريكي جورج بوش . فقد نجحت حتى آخر قطرة مستغلة الأزمات وبعثرة الأوراق والحرب على ڤالإرهابڤ، والكثير من القضايا والمسائل والأمور السرية التي لم يكشف عنها طوال السنوات السابقة من فترتي ولاية بوش. فقد حققت إسرائيل مكاسب كثيرة على الصعيد الأمني والاستراتيجي وأقامت الكثير من الجسور والدعائم لأمنها القومي، وتمكنت من استغلال الحملة الأمريكية ضدڤ الإرهابڤ ودخلت في تحالف متين مع الولاياتالمتحدة، خاصة في ظل وجود عدو مشترك للأمة الأمريكية وشعب إسرائيل، وهذه الشراكة والتشابك في المصالح ساهمت أيضا في تمهيد وتعبيد طريق إسرائيل وقادتها خلال فترة ولاية بوش نحو قلب الإدارة الأمريكية بمختلف أعضائها ودوائرها وأجهزتها. ويذكر البحث أن بعثرة الأوراق التي تلت عمليات ڤالتخريب والارهابڤ التي شهدتها أهم المدن الأمريكية والتي امتدت إلى الشرق الأوسط بتأثير كبير على الكثير من الساحات في المنطقة ورسمت ملامح جديدة للأوضاع الإقليمية وفي محيط إسرائيل قد عززت التنسيق الأمني وحتى السياسي بين واشنطن وتل ابيب. وجاء في البحث الاسرائيلي أن بداية الاستفادة كانت مع انتهاء المخاطر القادمة من الشرق واحتلال العراق وإنهاء حكم الرئيس صدام، وتحرير دول الخليج من الخوف، هذه كانت بداية )بعثرة الأوراق( والتغير في ملامح المنطقة الذي بدأ من العراق وأخذ يزحف بطرق وأشكال مختلفة نحو ساحات أخرى، وخلال فترة قصيرة راحت تظهر التأثيرات والتغييرات. وصحيح يقول البحث ، أن إسرائيل أضاعت بعض الفرص التي منحتها إياها الولاياتالمتحدة لتحسين مكانتها في المنطقة، سواء من خلال مد الخيوط السياسية وفتح القنوات الامنية مع الدول الخليجية قاطبة وبعض الدول الإسلامية ، أو من خلال استخدام الوسائل العسكرية، فالمظلة الأمريكية مفتوحة على آخرها، إلا أن إسرائيل تركت بعض النقاط السوداء في هذه الصورة الجميلة من التحالف والتعاون والتنسيق في ظل إدارة بوش، وإحدى هذه النقاط السوداء كانت حرب تموز، حيث لم تتمكن إسرائيل من تحقيق النتيجة المطلوبة في الحرب ، كما فشلت أمريكا في توفير المساعدة المطلوبة لإسرائيل إثناء الحرب ، وهناك دول عربية وخليجية بشكل خاص لا ترتبط بعلاقات دبلوماسية مع تل ابيب قدمت الشيء الكثير لدعم إسرائيل في حربها ضد حزب الله. ويضيف البحث ، أن التعاون استمر بين إسرائيل والولاياتالمتحدة رغم عدم الرضي الأمريكي من إدارة إسرائيل للأمور والأزمات خلال فترة الحرب على لبنان، ووفرت الإدارة الأمريكية المظلة رغم المخاطر وإمكانية تدهور الأوضاع خلال الهجوم الجوي الإسرائيلي على سوريا وضرب الموقع المشتبه به داخل الأراضي السورية، كما أن الكثير من الانجازات الأمنية والعسكرية الخاصة بالدعم المادي الأمريكي تم تحقيقها في فترتي ولاية الرئيس جورج بوش. وباختصار يتحدث البحث عن القدرة الإسرائيلية على استغلال الفوضى التي تسببت بتا إدارة بوش في العالم، وكذلك الاستفادة من بعض الأمور التي كانت تتم عبر القنوات بين البلدين، ويرى البحث أن مرحلة ادارة بوش كانت بمثابة مرحلة إسرائيلية تمكنت فيها إسرائيل من معرفة كيف تمسك الخيوط، رغم الصعوبة والمناورة والسرية والقدرة على التحرك بذكاء بين مناطق التوتر، غير أن المرحلة القادمة ستكون أصعب بكثير، فالإدارة الأمريكيةالجديدة سواء أكانت جمهورية أم ديمقراطية ، ستعمل في مرحلة عنوانها )لملمة الأزمات وترتيب الأوراق( التي بعثرتها الإدارة السابقة للوصول الى مكاسب سياسية حقيقية دون تعريض مصالح واشنطن للخطر. ويوصي البحث القيادة السياسية في إسرائيل باستغلال مرحلة (إعادة ترتيب الأوراق) كما نجحت في استغلال مرحلة (بعثرة الأوراق)، فالإدارة الأمريكية القادمة أيا كان شكلها سوف تقضي جزءا من ولايتها في ترتيب ما أفسده بوش وإدارته، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية وعدم قدرة الولاياتالمتحدة على الدخول في مغامرات عسكرية جديدة، ويدعو البحث القيادة الإسرائيلية إلى تعزيز الخيوط الممتدة مع تلك الدول العربية التي لا تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، ودفعها إلى الانخراط بقوة في عملية سلمية، وان كانت تستند إلى المبادرة العربية المعدلة، وأن تنطلق هذه القيادة سريعا لمعرفة باب الدخول إلى قلب الإدارة الأمريكية القادمة، وهذا اختبار للحكومة الإسرائيلية الجديدة، فالمطلوب إسرائيليا الآن، هو الاستفادة من عصر الترتيبات. أين نحن من ذلك ؟ جمال سلامة