مع انتهاء إدارة الرئيس بوش لأمريكا وتسليمه السلطة الى خليفته أوباما بعد شهر تقريباً، اختلف الشرق الأوسط عمَّا كان عليه مع بداية الإدارة في عام ,2001 ، كما تراجع الدور الأمريكي في العديد من الاتفاقيات والمصالحات العربية، فقد غابت واشنطن عن اتفاق الدوحة الذي وضع حدًّا للانقسام اللبناني-اللبناني، وعن المفاوضات الإسرائيلية-السورية، وإن كانت كل تلك الاتفاقيات تحمل في طياتها وجودًا أمريكيًّا إلا أن الولاياتالمتحدةالأمريكية كانت غائبة عن الصورة الكلية لتلك الاتفاقيات، ولا يزال الصراع العربي-الإسرائيلي يأبى الحلَّ، وكل هذا وغيره يؤشر إلى تراجع وإخفاق السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط خلال فترتي الرئيس بوش، وهو الأمر الذي يفرض على الإدارة الجديدة إعطاء قدر أكبر من الأهمية لهذه المنطقة. . وفي إطار سعي مراكز الأبحاث الأمريكية لصياغة استراتيجية جديدة للولايات المتحدةالأمريكية في منطقة الشرق الأوسط، دشّنَ أكبر مركزين بحثيين أمريكيين اهتمامًا بقضايا المنطقة، مجلس العلاقات الخارجية ومركز سابان لسياسة الشرق الأوسط التابع لمؤسسة بروكينجز ، مشروعًا بحثيًّا ضم ما يقرب من خمسة عشر باحثًا من المركزين، للبحث عن استراتيجية جديدة للتعامل مع قضايا منطقة الشرق، لاسيما التأزم الأمريكي في العراق، والصراع العربي-الإسرائيلي، ومنع الانتشار النووي والأزمة النووية الإيرانية، والإصلاح السياسي والاقتصادي، والحرب على الإرهاب... على الرغم من وجود أكثر من 160 ألف عسكري في العراق في نهاية عام ,2007 مازال العراق يعاني من عدم الاستقرار والفساد، رغم وجود عدد من التحليلات الأمريكية التي تشير إلى النصر الأمريكي وتحسين الأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية في العراق، هذا، وقد أدى انهيار المؤسسات العراقية عقب سقوط نظام صدام حسين إلى إخلال ميزان القوى لصالح إيران؛ مما زاد من النفوذ الإيراني في الخليج العربي والشرق الأوسط في صورته الكلية، بجانب السعي الإيراني لتخصيب اليورانيوم ، خاصو وان طهران غير مهتمة بالتهديدات الأمريكية بشن ضربات إجهاضية ضد المنشآت النووية الإيرانية، كما تراجع الدور الأمريكي في عديد من الاتفاقيات والمصالحات العربية فقد كان الدور الامريكي باهتا في محاولات حلحلة الازمة اللبنانبة وتلراجع دورها لصالح قوى اقليمية ودولية أخرى ، ولا يزال الصراع العربي-الإسرائيلي قضية الصراع الاولى في المنطقة ، كل هذا يؤشر إلى إخفاق السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط خلال فترتي الرئيس بوش، وهو الأمر الذي يفرض على الإدارة الجديدة إعطاء قدر أكبر من الأهمية لهذه المنطقة. وفي إطار سعي مراكز الأبحاث الأمريكية لصياغة استراتيجية جديدة للولايات المتحدةالأمريكية في منطقة الشرق الأوسط، دشّنَ أكبر مركزين بحثيين أمريكيين اهتمامًا بقضايا المنطقة، مجلس العلاقات الخارجية ومركز سابان لسياسة الشرق الأوسط التابع لمؤسسة بروكينجز Brookings Institution، مشروعًا بحثيًّا ضم ما يقرب من خمسة عشر باحثًا من المركزين، للبحث عن استراتيجية جديدة للتعامل مع قضايا منطقة الشرق، لاسيما التأزم الأمريكي في العراق، والصراع العربي - الإسرائيلي، ومنع الانتشار النووي والأزمة النووية الإيرانية، والإصلاح السياسي والاقتصادي، والحرب على الإرهاب. بحسب موقع تقرير واشنطن، وقد خرجت توصياتهم وأبحاثهم في كتاب جديد حمل عنوان ''استعادة التوازن: استراتيجية شرق أوسطية للرئيس المقبل''، عن مؤسسة بروكينجز. استراتيجية جديدة بعيدة عن سيطرة العراق كانت خلاصة المشروع البحثي الذي ضم قرابة خمسة عشر باحثا مجلس العلاقات الخارجية ومركز سابان لسياسة الشرق الأوسط التابع لمؤسسة بروكينجر كما سبق ذكره آنفا ، والكتاب ضم مقال متميز لرئيسي المركزين، ريتشارد هاس رئيس مجلس العلاقات الخارجية، ومارتين إنديك مدير مركز سابان، بمجلة الشؤون الخارجية التابعة لمجلس العلاقات الخارجية، ستصدر في عددها القادم لشهري جانفي وفيفري القادمين تحت عنوان '' بعيدًا عن العراق: استراتيجية أمريكية جديدة في الشرق الأوسط، وفي مقالتهما يحاول هاس وإنديك الرد على كثيرٍ من التساؤلات بشأن أهمية منطقة الشرق الأوسط للولايات المتحدة من قبيل أن المنطقة ليست بالأهمية لكي يُوليها الرئيس بوش من دماء وثروة بلاده، ولذا على إدارة أوباما الجديدة تركيز سياساتها على منطقة أخرى. فحسبما يرى الكاتبان فإن منطقة الشرق الأوسط هي التي تفرض نفسها على أجندة الرئيس الأمريكي؛ فما يحدث في منطقة الشرق الأوسط لا يقتصر على المنطقة بل تكون له تبعاته دوليًّا، فالحرب على الإرهاب ومنع انتشار أسلحة الدمار الشامل وأمن الطاقة والتعامل مع التحديات الدولية المعاصرة يتطلب التعامل مع تحديات منطقة الشرق الأوسط، ويقولان: إنه منذ انتهاء الحرب الباردة، كانت الولاياتالمتحدة المسيطرة على المنطقة. ولكنه في السنوات الماضية تراجع هذا الدور لإخفاق الولاياتالمتحدة، والذي أجملته المقالة في الاستقرار الأمني الهش بالعراق رغم زيادة القوات الأمريكية، والاقتراب الإيراني من امتلاك تكنولوجيا نووية، وترنح عملية السلام الإسرائيلية - الفلسطينية، وحكومة ضعيفة في لبنان، وتحديات تواجها السلطة الفلسطينية من قبل الفصائل المسلحة، وتراجع المكانة الأمريكية بالمنطقة لتعدد إخفاقاتها على مدار السنوات الثماني المنصرمة. ويريان أن الوقت يسير عكس ما يطمح الرئيس الجديد، فضلاً عن الأزمة المالية التي تعصف بالولاياتالمتحدة والتي قد تحدُّ من قدرة الولاياتالمتحدة لتنفيذ وعودها، وهو الأمر الذي من شأنه أن يحدث تراجعًا في كثيرٍ من قضايا المنطقة على عكس ما كانت تريد واشنطن. وعلى الرغم من تراجع دور الولاياتالمتحدة في منطقة الشرق الأوسط خلال الثماني السنوات الماضية، فترة إدارتي الرئيس بوش، يرى هاس وإنديك أن كثيرًا من الأنظمة العربية تنظر إلى واشنطن على أنها ضمانة أمنهم وأنها القادرة على تحقيق آمالهم، بالإضافة إلى أن كثيرًا من شعوب المنطقة مازالوا معجبين بالقيم والمبادئ الأمريكية، وزاد هذا الإعجاب بعد فوز باراك أوباما في انتخابات الرابع من نوفمبر هذا العام، وهو الأمر الذي قد يشجع الرأي العام العربي والإسلامي على دعم قياداتهم للتعامل والعمل مع الولاياتالمتحدة، ويرى الكاتبان أن على إدارة أوباما الاستفادة من هذه الرغبة الإقليمية والقوى الدولية للتعامل مع قضايا المنطقة مثلما كان الحال عليه في السنة الماضية من إدارة الرئيس بوش من التعاون الدولي متعدد الأطراف في الأزمتين الكورية الشمالية والإيرانية وإعادة إحياء العلاقات الأطلسية وتدعيم عملية السلام الإسرائيلية-الفلسطينية. ولكي تكون هذه الجهود أكثر فاعلية فإن على إدارة أوباما تدعيم العمل والجهود الدبلوماسية، ويريان أن نجاح استراتيجية باراك أوباما في منطقة الشرق الأوسط لابد أن تنطلق من مرحلة ما بعد العراق، بحيث لا يكون العراق محور الاستراتيجية الأمريكية، محاولة إيجاد استراتيجية للتعامل البناء مع إيران والدفع إلى اتفاقية حل نهائي للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي. الحوار مع إيران القوية .. استراتيجية امريكية جديدة تحدث هاس وإنديك في مقالتهما عن تزايد الدور الإيراني في منطقة الشرق الأوسط من تدعيم القوى الشيعية في العراق ولبنان وفي عدد من دول الجوار، على سبيل المثال في البحرين والمملكة العربية السعودية. بالإضافة إلى دعمها قوى المقاومة الفلسطينية واللبنانية، التي تصنفها وزارة الخارجية الأمريكية على أنها جماعات إرهابية، تحت مسمى دعم المستضعفين وتحرير الأراضي العربية المحتلة، بالإضافة إلى أن السعي الإيراني لامتلاك أسلحة نووية سيدفع عديدًا من القوى الإقليمية مثل تركيا ومصر والسعودية إلى السعي لامتلاك مثل تلك التكنولوجيا لموازنة القوى الإيرانية النووية. بالإضافة إلى المخاوف الأمريكية من إمداد طهران للجماعات الإرهابية التي تدعمها بالمواد النووية أو الأجهزة والمعدات لصناعة القنبلة القذرة، ويشيران إلى تبعات الضربة الإسرائيلية للمفاعلات النووية من إشعال حرب بالمنطقة لاسيما في لبنان، وغلق مضيق هرمز، وارتفاع في أسعار النفط في المنطقة، وتوجيه ضربات للقوات الأمريكية في العراق وأفغانستان. وعلى الرغم من رفضهما لأي ضربة إجهاضية أمريكية أو إسرائيلية لارتفاع تكلفتها ونتائجها الخطرة على الأمن والاستقرار الإقليمين، إلا أنهما يريان أنه قد يكون الخيار الأخير الذي يجب مناقشته بعناية بدلاً من التعايش مع إيران بقنبلة نووية، وعن تعامل الإدارة الجديدة مع إيران القوية إقليميًّا تشير المقالة إلى حاجة إدارة أوباما لتعاون المجتمع الدولي لاسيما روسيا والصين اللتين ترتبطان بعلاقات جديدة مع طهران للتعامل مع المساعي الإيراني لامتلاك تكنولوجيا نووية غير سلمية، وهو الأمر الذي يدفع الإدارة الجديدة إلى البحث عن مناطق الالتقاء، وإقناع القيادات في الدولتين أن إيران خطر على مصالحهما وأمنهما القومي -بمعناه الشامل- بدلاً من تركيزهما على مصالحهما مع طهران، ولتغير السلوك الإيراني على إدارة أوباما التحاور المباشر مع القيادات الإيرانية. وعن السبب في هذا يقول الكاتبان: إن باقي الخيارات الأخرى أظهرت عدم فاعليتها، فقد فشلت سياسات الاحتواء والعقوبات في إثناء إيران عن مساعيها لامتلاك تكنولوجيا نووية غير سلمية،. كما أن الضربات العسكرية الإجهاضية فاعلة في إثناء إيران عن برنامجها النووي لبضع سنوات فقط ، مع إمكانية تعرض القوات الإسرائيلية والأمريكية في العراق وأفغانستان إلى ضربات انتقامية إيرانية، كما أنه ليس هناك خيار واقعي لإسقاط النظام الإيراني من خلال عمل عسكري أو تدعيم قوى المعارضة الداخلية. ورغم هذا يقول هاس وإنديك: إنه ليس هناك ضمانة ليكون الانخراط الأمريكي المباشر مع القيادات الإيرانية بناءً وذا نتائج إيجابية أكثر من السياسات المتبعة حاليًّا. وإنه في حال إخفاق مثل تلك السياسة فإن الرأي العام والدولي سيكون أكثر تبنيًّا للنهج المتشدد أكثر من المتبع حاليًّا. وعن الاستراتيجية الأمريكية للحوار مع إيران طرح المتخصصون مجموعة من السياسات والأمور التي يجب على الإدارة الجدية اتخاذها عن التحاور مع إيران والتي تشكل الاستراتيجية الأمريكية للحوار والتوصل إلى مبادرة لحل الأزمة النووية الإيرانية تحافظ على مصالحها ومصالح حلفائها في المنطقة. وتتمثل تلك السياسات في: أولا: قبل الانخراط الأمريكي مع إيران يجب على واشنطن طمأنة حلفائها في المنطقة من أن هذا الحوار لن يكون على حساب مصالحهم، حيث إن هناك هاجسًا عربيًّا من أن التحاور الأمريكي وحل الأزمة النووية الإيرانية سيكون على حساب المصالح العربية. ولتبديد تلك المخاوف العربية يدعوان إلى تحاور واستشارة الإدارة الأمريكيةالجديدة الدول العربية الحليفة لها قبل الوصول إلى صيغة حل للأزمة النووية الإيرانية وإشراكها في المبادرة الجديدة التي تضمن لإيران دورًا يقوم على الوسائل السلمية وليس الإكراهية والقوة المسلحة، بحيث لا يكون هناك تأثير على المصالح العربية. ثانيًا: لكي تنجح الاستراتيجية الدبلوماسية الأمريكية مع إيران يجب على الإدارة الجديدة منع تل أبيب من توجيه ضربة عسكرية إلى المنشآت النووية الإيرانية؛ بتقديم الدعم العسكري الأمريكي لإسرائيل ولجيرانها العرب لضمان توازنها مع القوى الإيرانية، ولمنع موجة سباق التسلح بالمنطقة لموازنة القوى الإيرانية الساعية إلى امتلاك أسلحة نووية. ثالثًا: قيام الاستراتيجية الأمريكية الدبلوماسية على العمل الجماعي متعدد الأطراف مثل المحادثات السداسية في الأزمة النووية الكورية الشمالية، بحيث يكون للقوى الدولية والإقليمية دور فيها على غرار المحادثات السداسية التي كانت بمثابة حاضنة للمحادثات الأمريكية المباشرة مع كوريا الشمالية. رابعًا: على واشنطن التخلي عن مطالبتها النظام الإيراني التوقف عن تخصيب اليورانيوم كإجراء رسمي يسبق المحادثات بين الجانبين الأمريكي والإيراني. ولكنَّ الكاتبين يربطان بين التوقف عن تخصيب اليورانيوم خلال المفاوضات بالتوقف عن فرض العقوبات على النظام الإيراني من قبل منظمة الأممالمتحدة. خامسًا: على الولاياتالمتحدة مناقشة الجانب الإيراني في إدعاءاته في أحقيته في تخصيب اليورانيوم، وإدعائه أن ذلك يتفق مع معاهدة منع الانتشار النووي. وهذا -حسب هاس وإنديك - قد يساعد في موافقة الجانب الإيراني في القبول بقيود على تخصيب اليورانيوم بحيث لا يستخدم في صناعة أسلحة نووية. ويريان أن هذا يجب أن يكون من قبل الجانب الإيراني وليس بفرض من الجانب الأمريكي. سادسا: أن يكون هناك بالتوازي مع تطبيع العلاقات الأمريكية - الإيرانية حوار حول تدعيم طهران لقوى المقاومة التي تعتبرها الولاياتالمتحدة جماعات إرهابية مثل حماس وحزب الله اللبناني، والموقف الإيراني الرافض لعملية السلام بين إسرائيل وفلسطين ودورها في العراق. ولكنهما يدعوان ألا يكون هناك تداخل بين تلك القضايا، فيريان أن بعضها يرتبط بالأزمة النووية وبعضها الآخر يرتبط بتصرفاتها في القضايا الأخرى. وينصحان بعدم تأجيل تلك الاستراتيجية إلى الانتخابات الإيرانية في جوان من العام القادم .2009 الصراع العربي-الإسرائيلي... دعوة الى دور امريكي أكثر فعالية على صعيد الصراع العربي-الإسرائيلي يدعو ريتشارد هاس رئيس مجلس العلاقات الخارجية، ومارتين إنديك مدير مركز سابان، بمجلة الشؤون الخارجية التابعة لمجلس العلاقات الخارجية، التي ستصدر في عددها القادم لشهري جانفي وفيفري القادمين ، إلى بذل الإدارة الجديدة مزيدًا من الجهود للتوصل إلى اتفاق سلام بين إسرائيل وجيرانها العرب لاسيما على الجانب السوري. ويؤكدان على السلام مع الجانب السوري انطلاقًا من أنه سوف يحدُّ من الدور الإيراني إقليميًّا، فالسلام بين تل أبيب ودمشق حسب هاس وإنديك سيعمل على إحداث انفصال في الشراكة الاستراتيجية بين طهران ودمشق، بالإضافة إلى تقويض الدعم الإيراني لقوى المقاومة الفلسطينية واللبنانية، فضلاً عن أن من شأن السلام بين الجانبين السوري والإسرائيلي استقرار الأمور في لبنان، بعبارة أخرى المفاوضات الإسرائيلية-السورية سيحدث انفصالا في العلاقة بين طهران ودمشق مما سيبعد طهران عن الصراع العربي-الإسرائيلي ودعمها لقوى المقاومة الفلسطينية واللبنانية، وهو الأمر الذي يقوض من النفوذ الإيراني في منطقة الشرق الأوسط. وترى الدراسة الى ان الانخراط الأمريكي في الصراع العربي- الإسرائيلي لاسيما على الجانب السوري سيكون عاملاً رئيسًا في التوصل إلى حل للأزمة النووية الإيرانية. ولا يهمل الكاتبان الدور التركي المتزايد في منطقة الشرق الأوسط تحت قيادة حزب العدالة والتنمية من دورها غير المباشر في المفاوضات الإسرائيلية-السورية ومشاركتها بقوة حفظ السلام في لبنان ورغبتها في المشاركة بمثل تلك القوات المطلوبة لقطاع غزة أو الضفة الغربية، فيدعوان إلى التشارك الأمريكي - التركي في الدفع بمفاوضات السلام السورية-الإسرائيلية إلى الأمام، وكذلك في صيغة الحل للأزمة النووية الإيرانية. وعن الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي تحدث هاس وإنديك عن تراجع هذا الصراع من أجندة الرئيس الحالي جورج بوش الذي لم يهتم به إلا في سنواته الأخيرة لاسيما بعد دعوته إلى مؤتمر أنابولس الذي عقد في أواخر العام الماضي ,2007 وعدم الاهتمام الأمريكي بهذا الصراع ساعد دولاً من زيادة نفوذها في المنطقة، فقد عمل هذا التراجع على زيادة النفوذ الإيراني بسعيه إلى تدعيم قوى المقاومة العربية لتحرير الأراضي الفلسطينية، وهي تلك القوى المعارضة للقيم والمبادئ الأمريكية حسب كثيرٍ من المسئولين الأمريكيين، بالإضافة إلى أنها تصنف ضمن تصنيف وزارة الخارجية الأمريكية من الجماعات الإرهابية. وعن الاستراتيجية الأمريكية في الصراع العربي- الإسرائيلي، يقول هاس وإنديك: إن على إدارة أوباما الاستفادة من الإطار الذي تمخض عن مؤتمر أنابوليس، وتقوم تلك الاستراتيجية التي تسعى إلى التوصل إلى حل نهائي للصراع العربي - الإسرائيلي، على ما يلي: الأول: ضرورة استمرار المفاوضات وضرورة التوصل إلى اتفاق نهائي وليس فرضه في أسرع وقت ممكن، بينما يتم تنفيذه على أرض الواقع على مراحل. وأن على الإدارة التوفيق بين طرفي الصراع. ولتشجيع التقدم في المفاوضات على الإدارة صياغة الخطوط العريضة لرؤيتها لاتفاق الحل النهائي. ثانيًا: على الإدارة تشجيع السلطة الفلسطينية على محاربة ما تطلق عليه الدراسات الأمريكية ''الإرهاب''، وذلك بتقديم الدعم إلى السلطة الفلسطينية لبناء قوات أمن قادرة على مواجهة القوى العصابات الإرهابية التي تتبنى العنف ضد إسرائيل حسب وصف ريتشارد هاس رئيس مجلس العلاقات الخارجية، ومارتين إنديك مدير مركز سابان، ولكن يريان أن هذا يحتاج إلي وقت، لذا يدعوان إلى نشر قوات دولية من العالم العربي أو الإسلامي أو منهما معًا كجزء من اتفاق الحل النهائي لمساعدة القوات الفلسطينية للسيطرة على الأراضي الفلسطينية. ويدعوان الإدارة الجديدة إلى تشجيع الجانب الإسرائيلي لتجميد بناء المستوطنات، ولكنهما يريان أن على الإدارة السماح ببناء مئات الوحدات السكنية في الكتل الاستيطانية الموجودة في القدس. ويدعوان الرئيس إلى التوصل مع الحكومة الإسرائيلية الجديدة إلى توقف بناء المستوطنات لفترة تتراوح مابين ستة إلى اثني عشر شهرًا إلى حين التوصل إلى الحدود النهائية للدولة الفلسطينية. وبعد التوصل إلى الحدود النهائية يرى الكاتبان إمكانية استعادة بناء المستوطنات في الأراضي التي ستلحق بإسرائيل بعد حل قضايا الحل النهائي الأخرى. ثالثًا: على الإدارة الجديدة تحسين الأحوال في قطاع غزة بزيادة المساعدات وتدعيم جهود التدفق السهل للبضائع والأفراد. ودفع الدول العربية وإسرائيل إلى تدعيم محاولات رئيس الحكومة الفلسطينية البديلة سلام فياض ومبعوث الرباعية الدولية ''توني بلير'' لتدشين مشروع اقتصادي وطني وإزالة عدد من نقاط التفتيش. رابعًا: مشاركة الدول العربية في عملية السلام. ويريان أن ذلك لن يتحقق إلا بعد رؤيتها تجمد بناء المستوطنات الإسرائيلية. وأن يكون هناك دعم عربي مالي إلى السلطة الفلسطينية. وأن يكون هناك تعاون عربي مع الجانب الإسرائيلي خلال عملية السلام وليس التعاون المشروط بإنهاء المفاوضات والتوصل إلى حل نهائي للصراع. استراتيجية الخروج من العراق تنص الدراسة التي أعدتها مراكز الأبحاث الأمريكية للرئيس الجديد بعدم سيطرة القضية العراقية على إستراتيجيته الجديدة كما كان الحال عليه لمدة ست سنوات في إدارة بوش الابن. ويريان أن خفض القوات الأمريكية أو سحبها كما تدعو إدارة أوباما لن تؤثر على الاستقرار في العراق، بل ان ذلك سيمكن الإدارة من التركيز أكثر على القضايا والأزمات الأخرى في المنطقة. وتخفيض القوات الأمريكية من العراق يثير تساؤلاً حول ما حققته القوات بالعراق خلال السنتين لتحقيق الاستقرار وتوفير حياة أفضل للمواطن العراقي. ويرى مديرا مركزي مجلس العلاقات الخارجية ومركز سابان لسياسة الشرق الأوسط التابع لمؤسسة بروكينجز أن أي خفض في القوات الأمريكية يجب أن يتم بصورة تدرجية حتى لا يتم تقويض ما تم إنجازه خلال العامين الماضيين بالتوازي مع ما ستفضي إليه نتائج الانتخابات التي ستجرى في العراق سواء على المستوى القومي أو المحلي. وفي منتصف عام 2010 فإن الرئيس باراك أوباما سيكون قادرًا على البدء في عمليات سحب القوات الأمريكية من العراق دون المخاطرة بتهديد الاستقرار في العراق أو منطقة الخليج. مراكز الابحاث الامركية توجه نقدا لاذعا لسياسة بوش و''لأجندة الحرية'' ينتقد الكاتبان سياسة الرئيس بوش التي أطلق عليها ''أجندة الحرية''؛ لتعامل الولاياتالمتحدة مع قضايا الديمقراطية في منطقة الشرق الأوسط بمعايير مزدوجة حيث قاطعت واشنطن الجماعات الإسلامية التي فازت في الانتخابات التي دعت إليها واشنطن في العراق ولبنان وفلسطين، مع التراجع عن تلك الأجندة في مواجهة حلفائها في المنطقة لاسيما النظام المصري والسعودي. ولذا يدعوان الإدارة الجديدة إلى الموازنة بين المصالح الأمريكية في المنطقة وقيمها ومبادئها التي تؤمن بها. ويرى كاتبا الدراسة أن الإصلاح في المنطقة والديمقراطية ليس في الانتخابات في ظل الصراع بين القوى الإسلامية والأحزاب، ولكن بالتركيز على المبادئ الأخرى للديمقراطية بالتركيز على بناء منظمات المجتمع المدني، وإتاحة المجال العام السياسي، وتدعيم وتعزيز القيم الديمقراطية بما فيها حكم القانون واستقلالية السلطة القضائية وحرية الإعلام والتجمع والرأي وحقوق المرأة والشفافية والمحاسبة الحكومية. وفوق كل هذا يدعوان الولاياتالمتحدة إلى إتاحة الفرص أمام جيل جديد قادرٍ على مواجهة التطرف الإسلامي والفكر الظلامي بالمنطقة. وعلى صعيد الحرب على الإرهاب، يدعو الكاتبان إلى ضرورة عمل الإدارة الجديدة على تدعيم القدرات الإقليمية لمحاربة الإرهاب، والعمل على عدم جعل العراق ملاذًا آمنًا للمنظمات الإرهابية ويدعوان الإدارة الجديدة إلى إرسال رسالة إلى العالم الإسلامي أن الولاياتالمتحدة ليست في حرب ضد الإسلام ولكن ضد الجماعات المتطرفة التي تتبنى خطًّا متطرفًا لا يدعو إليه الإسلام. النفط العربي .. سبب التأثر الأمريكي المباشر من النزاعات في الشرق الاوسط يرى هاس وإنديك أن الاعتماد الأمريكي على نفط منطقة الشرق الأوسط هو سبب التأثر الأمريكي من المشاكل والنزاعات في منطقة الشرق. وأن تزايد الاستهلاك الأمريكي من النفط يصب في مصلحة قوى الممانعة والتشدد في العالم الإسلامي لاسيما في طهران، وهو الأمر الذي يفرض على إدارة أوباما العمل على تحقيق استقلال أمريكي في مجال الطاقة والعمل على التقليل الأمريكي من النفط والعمل على إيجاد بدائل جديدة مناسبة وبأسعار تنافسية. ويريان أن مثل تلك السياسة سوف يكون بداية لتقليل الاعتماد الأمريكي على الطاقة والحد من مشكلة الاحتباس الحراري والحد من نقل الثروة لأمريكية إلى دول مثل إيران وفنزويلا وروسيا. فيقولان، عندما كان سعر النفط عشر دولارات في بداية التسعينيات من القرن المنصرم كانت الأنشطة الإيرانية أكثر حذرًا مما هي عليه الآن في وقت ارتفعت فيه أسعار النفط إلى أن تجاوز سعرها حاجز ال 140 دولار. بعبارة أخرى انخفاض أسعار النفط يقلل من التشدد الإيراني ونفوذها الإقليمي لغياب المخصصات المالية ولتأزم الاقتصاد الإيراني لانخفاض أسعار النفط. فانخفاض الاستهلاك الأمريكي لنفط المنطقة سيتبعه تغيير في البيئة الاستراتيجية بمنطقة الشرق الأوسط، وعدم ارتباط سياسات الطاقة الأمريكية بالسياسة الخارجية الأمريكية.وفي نهاية مقالتهما يدعو هاس وإنديك الرئيس الأمريكي الجديد، باراك أوباما، إلى أن تكون المنطقة ضمن أولوياته الشخصية، وأن يعين مبعوثًا خاصًّا بجانب وزيرة الخارجية الأمريكية ''هيلاري كلينتون'' إلى الأزمة النووية الإيرانية والصراع العربي-الإسرائيلي. ويخلصان إلى أن الجهود الأمريكية لحل الأزمة النووية الإيرانية والتوصل إلى اتفاق سلام سوري-إسرائيلي وآخر فلسطيني-إسرائيلي يجب أن تكون متزامنة لأن التقدم في أحد تلك الملفات يدفع بالتقدم في الملفين الآخرين.