قدمت السيدة اسيتان ديارا ثيون، ممثلة مجمع البنك الإفريقي للتنمية بالجزائر، صورة دقيقة عن هذه الآلية المصرفية التي أنشئت أثناء موجة الاستقلال القاري بداية الستينيات من أجل مرافقة الوحدات السياسية في تمويل المشاريع وتعزيز مسار البناء والتطور بتطبيق تدابير ميسرة مساعدة بدل الإملاءات التعجيزية ترهن السيادة والقرار المستقل مثلما تنهجه «مؤسسات برتون وودز». أكدت ممثلة مكتب الجزائر الذي فتح عام 2010، في لقاء مع الصحافة أول أمس أن المجمع يعد المؤسسة الأولى لتمويل التنمية الإفريقية التي تسابق الزمن من اجل مرافقة دول القارة السمراء في تقوية منظومتها الاقتصادية والمالية ومد شبكة آليات تعتمد على معايير التسيير والإنتاج الناجعة ولا تقبل بالارتجالية في زمن تسقط فيه الوحدات السياسية وأنظمة مصارف اكبر الدول تطورا وليبرالية في أزمة عالمية كشفت بحق محدودية نماذج التنمية التي قدمت كوصفات علاج وحلول سحرية للتعقيدات والمشاكل المتراكمة. وذكرت المتحدثة في اللقاء الذي قالت بشأنه انه يدرج في إطار التوجهات الجديدة التي تعتمدها الآلية الإفريقية في نسج شراكة قوية مع الصحافة الجزائرية للتعريف برسالتها وإيصالها إلى ابعد الأصقاع بالإستراتيجية المسطرة للسنوات القادمة والكشف عن برنامج العام الجاري حامل عنوان «أفريقيا مشهد عالمي جديد: رهانات وتحديات». وهو برنامج يحتل الصدارة في الاجتماعات السنوية لمجلس محافظي البنك الأفريقي للتنمية باروشا تنزانيا نهاية الشهر الجاري بحضور شخصيات افريقية وعالمية مختصة في عالم المال والمصارف. من اجل ذلك تخاض حملة إعلامية للتعريف بالحدث الحساس يشكل اللقاء الصحفي أول أمس بمجمع البنك بالجزائر احد قنواتها الكبرى. من اجل ذلك وتجند الطاقات والوسائل المادية والبشرية من اجل إعطاء الموضوع حق قدرة من العناية والرعاية من خلال تقييم ما تحقق وما ينتظر، وعلاج موطن الضعف والخلل برؤية واقعية مسؤولة دون الإبقاء اسر التفاؤل وقاعدة «كل على ما يرام». وقالت ممثلة مجمع البنك الإفريقي بلغة الحسم في ردها على الأسئلة حول أي معيار يعتمد في منح القروض للدول الأعضاء وعددها 78 دولة 54 منها افريقية وما تبقى أمريكية وأسيوية وأوروبية: «أن كل ملف يدرس بتأن تدقق حساباته وتعرف نجاعته وجدواه قبل قبوله». عن العلاقات مع الجزائر التي تعود إلى 1964 وتعرف التطور الكبير أجابت ممثلة البنك الأفريقي أنها في أحسن الأحوال وتعد مرجعية بالنظر إلى إسهامات البلد في رأس المال الهيئة المصرفية المرتفع إلى 69 . 67 مليار دولار عام 2010 بزيادة 200 في المائة، واقتراحاتها العملية في عملية التطوير والتجدد ومراجعة الحسابات وتدقيق المشاريع، ومسائل أخرى جعلت البلد في موقع الاحترام والتقدير. على هذا الأساس احتلت الجزائر رابع أهم مساهم أفريقي في البنك وتلعب دورا رياديا داخله من حيث تحديد التوجهات الإستراتيجية والتسيير عبر تمثيلها في مجلس المحافظين ومجلس الإدارة حيث تحتفظ بمقعد دائم إلى جانب الأعضاء ال18 المشكلين له. وأول مشروع صادق عليه مجلس إدارة البنك للجزائر يعود إلى 1971 ويخص القطاع الفلاحي ببوناموسة. ومنذ هذه العملية تطورت وتيرة التعاون بين البنك والجزائر بشكل ملموس حيث قدرت العمليات المصادق عليها لفائدة بلادنا اواخر ديسمبر الماضي 40 عملية حجمها المالي 2 . 3 مليار دولار. وتخص العمليات 39 مشروعا استثماريا وبرامج الإصلاح والبني التحتية من نقل وطاقة وتطهير المياه. وحسب السيدة اسيتان فان التعاون مع الجزائر اخذ منحى آخر منذ ان قررت بدءا من 2006 رفض اللجوء إلى القروض الخارجية لتمويل المشاريع والبرامج للحيلولة دون السقوط في أزمة الاستدانة وتبعاتها الخطيرة على القرار السياسي. عندها صار التعاون بين الجهتين يرتكز على المساعدة التقنية والاستشارة والتكوين وتقوية الدراسات الاقتصادية والقطاعية وترقية القطاع الخاص. وهناك عمليات قيد التنفيذ مدرجة في هذا التوجه الجديد، تخص مجال المدفوعات الالكترونية التي تراهن عليها الجزائر ضمن الإصلاح المالي وإقامة شبكة مصرفية متطورة ترافق المتعاملين والمستثمرين في تجسيد مشاريع إستراتيجية لخلق الثروة والقيمة المضافة والعمل. وكشفت ممثلة مكتب البنك الأفريقي وهي ترصد آفاق التعاون مع الجزائر عن هذه الجوانب التي تطبق في الميدان وفق خارطة طريق ضبطت بالمشاورات الثنائية. وقالت أن فتح مكتب الجزائر يعطي لمجمع البنك الأفريقي للتنمية قيمة واعتبارا. ويزيده توسعا في ترقية الشراكة مع الجزائر والتحرك الفاعل عبر محاور ذات الأولوية في البرنامج الإنمائي للبلاد المشدد على تنويع الاقتصاد بدل الاتكالية على المحروقات، تحديث القطاع المالي ومنحه وظيفة مصرفية أوسع بدل شباك الدفع، وعصرنة أنظمة المعلوماتية للبنوك العمومية التي تعرف بطءا شديدا في هذا الحقل. من هنا تقرا مذكرة التفاهم الموقعة بين مكتب مجمع بنك التنمية الأفريقية والجزائر مؤخرا لدعم برنامج تكوين إطارات وزارة المالية بقيمة 580 ألف أورو. وهناك محاور أخرى تتدخل الآلية المالية الأفريقية عبرها. وتخص تطوير القطاع الخاص ومرافقته في كسر التردد في دخول الحركة الاستثمارية الكبيرة، تثمين أداء الإدارة الاقتصادية والمالية، تنمية تكنولوجيات الإعلام والاتصال، إصلاح تسيير المالية العمومية التحدي الكبير والرهان الواجب كسبه مهما كانت الظروف.