لا ينتبه قطاع واسع من القائمين على مؤسسات إلى أهمية الاتصال المؤسساتي الذي يبقى من ركائز التنمية في بعدها الوطني ثم المحلي، إذ ما كان ثقافة وممارسة في الأداء فالمتأمّل فيما فرضته جائحة «كورونا» من تحديات في ضرورة تأطير وتعبئة الناس على مخاطر الوباء ونشر ثقافة الالتزام، يدرك تماما حاجة مؤسسات الدولة وقبل ذلك المجتمع للاتصال المؤطر. قطاعات عديدة معنية بالمواجهة المباشرة للوباء المستجد لا تتصل منذ بداية «الجائحة»، ثم إن الاتصال الذي قد تحركه لجان قطاعية مشتركة قد يمليه الظرف ورؤية إدارة ظرفية لمشاكل تطرح على مستوى قطاعات تقتضي ضرورة اتصال قطاعات ومسوؤلين فيما بينهم، وهذا لا أراه إلاّ اتّصالا محتوما قد لا يحيل إلى استراتيجيات نوعية في اتصال مؤسساتي. إنّ الكثير من مشاكل التنمية المطروحة على مستويات محلية، وحتى وطنية يتم معالجتها في إطار مشترك تتعاون فيه قطاعات معينة، غير أن الذي يجمع ثقافة التشارك والتعاون رسميا مُغيّب تماما في مشهدنا الرسمي المؤسساتي، فلا نجد تنسيقا وهو جزء من الاتصال الممنهج بين قطاعات الدولة، وكل يذوب في أعباء التكليف الذي يقع على عاتقه قطاعا، في حين يمكن للاتصال المؤسساتي أن يكون محرّكا فعّالا للتنمية ومقاربة تنموية هامة. إنّ الاتّصال المؤسّساتي الذي لا يمكن أن يفرض لإدارة ظرف أم حالة بل هو خيار استراتيجي لكبرى الدول التي تزن دور الإعلام والاتصال في تحريك كل ما تنموي قابل للقياس، يشكّل الآن أولوية في برنامج الحكومة والدولة بشكل عام، وقد عادت من الضروري استحداث منظومة اتصالية مؤسساتية في البلاد يتم على أساسها تحريك التنمية في مختلف أبعادها، وإشراك مختلف الفاعلين في الشأن العام في دمقرطة التسيير ونشر ثقافة التشارك عن طريق الاستثمار في كفاءات متخصصة في الاتصال المؤسساتي وفي الإعلام، وهي مجالات مهنية تتصل بتسيير الشأن العمومي. الإدارة المحلية والأداء الاتّصالي.. رغم وجود العديد من خلايا الاتصال عبر المؤسسات والإدارات العمومية والتنفيذية، إلاّ أنّ نشاطها يبقى غير مفعّل، ولا تملك حتى ورقة طريق واضحة خاصة في قطاع الجماعات المحلية لإدارة أي أزمات او احتجاجات تقع في قطاعات معنية خاصة منها السكن والتشغيل أو احتجاجات أخرى تخص أوضاع التنمية بالقرى والمداشر البعيدة عن مركز الولايات، هذا ومن المفروض أن تتوفر خلايا الاتصال على تجهيزات ووسائل مناسبة للعمل الإعلامي المكتوب والمسموع والمرئي، وعلى كفاءات في الاتصال قادرة على الإبداع في مجال اختصاصها ونشاطها إلى أن جل هذه الخلايا الاتصالية فقيرة من حيث التجهيزات، ولا تتوفر على موارد بشرية كافية في التخصص رغم أن الجامعة الجزائرية تصدر المئات من خريجي وحاملي شهادات الاتصال والإعلام الذي لا يجدون فرص عمل في هذا المجال. وقد عاد من الضروري لتطوير وعصرنة أداء خلايا الاتصال المتواجدة بدواوين الولايات الاهتمام بتكوين المكلفين بالاتصال ومنشطي هذه الخلايا على المستوى المحلي، إذ يكتسي التكوين على الاتصال لفائدة الموظفين في خلايا الاتصال بالولايات ورتبهم الوظيفية «متصرف إداري» ملحق بالإدارة، أهمية لتحسين اداء الاتصال المؤسساتي وتفعليه على المستوى المحلي. ويمارس المكلف بالاتصال على مستوى خلية الاتصال للولاية مهام اتصالية وإعلامية بالدرجة الأولى، لا تتوقف عند دعوة الصحفيين والمراسلين لتغطية نشاطات الولاية وتظاهرات تنظم داخل التراب المحلي للولاية، وقد تظهر في سياق ممارسة الملحق بالديوان في ديوان الولاية لوظفيته مهام وتكليفات جديدة تقتضيها مستجدات عمل واحتياجات تتصل بتسير شان عام. ويشير عدد من الباحثين في الاتصال المهتمين بالاتصال في قطاع الداخلية والجماعات المحلية، إلى ضرورة تشخيص دقيق علمي لما يسمى بالجماعات والتمثلات التي ينتجها المواطنون اتجاه المسؤولين في الجماعات المحلية منهم المنتخبين المحليين أو بالأحرى كيف يرى هؤلاء أنفسهم وكيف يتصوّرهم الآخرون. ويشير نص بحثي للأستاذ احمد يعلاوي عنوانه «الجماعات المحلية في الجزائر» إلى أهمية تدارس حركية واقع نشاط الجماعات المحلية في مختلف المحاور التي يمكن من خلالها تشخيص الوقائع وقياس الأداء، وفهم مسائل الدور والوظيفة والالتزامات في ضوء التحولات الاجتماعية السياسية التي تعرفها الجزائر. ومن تجربة عمل اشتغلت فيها كأستاذ مكون في الاتصال بالمركز الوطني لتكوين مستخدمي الجماعات المحلية بوهران، أشرفت فيها على تدريب عدد من المكلفين بالاتصال بولايات الغرب الجزائري استخلصت من نتائج التكوين ومن ردود فعل الطلبة المتكونين، وهم يشغلون وظائف إدارية في خلايا الاتصال بالبلديات والولايات أن هناك مشاكل عديدة تواجه نشاطهم ومن بين الانشغالات التي طرحها المتكوّنون الذين وزّعت عليهم استمارة لمعرفة آرائهم إزاء التكوين الذي بادرت به وزارة الداخلية والجماعات المحلية، وهو تكوين هام نشط قدرات الموظفين المكلفين بالاتصال عدم وجود منصب «مكلف بالاتصال» بشكل رسمي في البلديات الكبرى التي تواجه ضغطا من حيث الطلب ومركزية المعلومة. المسؤول واتّصال الأزمة أضحى من الضّروري وأمام حالة نقص في الأداء الاتّصالي التعجيل في تجسيد توجه رسمي في «اتصال الأزمات»، وذلك يمكن أن يكون حقيقة وممارسة على ارض الواقع من خلال انجاز «مركز وطني لاتصال الأزمات» يتبع لرئاسة الجمهورية ولا يمكن ان يختزل نشاطه الذي يقنن بطبيعة الحال ويستند إلى مقاربات في المجال والتخصص في خانة محدودة بل إنه مركز ينشط حتى في الظروف العادية، وذلك من خلال اعتماد أدوات قياس لما يقع من مشاكل وأزمات كانت محلية أو وطنية وحتى دولية. وأشرت دون تعميم إلى أنّ هناك نقائص عديدة في أداء المسؤولين على المستوى الاتصالي في التعامل مع «الأزمة»، وقد خلق هذا الضعف وهو ظاهر مشاكل على القيادة لدى مسؤولين، إذ لا يمكن أن تضطلع مستويات معنية من الأداء على تفاصيل الموقف «الأزمة» إلا من خلال «عروض حال» أو «تقارير رسمية لجهات عديدة»، وهذا وان كان هاما لمعرفة ما يجري في كرونولوجيا «الأزمة» إلى أنّ الاعتماد على مهارة المسؤول في إدارة ما يقع في ولايته يبقى الأهم في حل الأزمات.