إن معظم مؤلفي كتب الأدب العربي أتوا في كتبهم على النوادر الأدبية والطرائف الفكاهية، لأنها تشكل موضوعا أساسيا يتصل اتصالا مباشرا بالحياة الأدبية والإجتماعية، وقد عرف العرب بأنهم من أكثر شعوب الأرض حبّا للنادرة والفكاهة. لا يسمح هذا الحيز بالحديث عن الإبداع الفكاهي في الشعر العربي بالتفصيل، ولكن من المفيد تقديم النماذج التالية: 1 تروي كتب التراث أن الشاعر أبو دلامة كان من أكثر المبدعين مرحا وفكاهة، حيث دخل على المهدي وكان عنده جماعة من الشرفاء فقال: يا أبا دلامة أهج من شئت في هذا المجلس ولك جائزة كبيرة، فنظر أبو دلامة في الجميع وقال: أنا واحد في هذا المجلس وأنشد يقول: ألا أبلغ إليك أبا دلامة فليس من الكرام ولا كرامة إذا ليس العمامة كان قردا وخنزيرا إذا نزع العمامة جمعت دمامة وجمعت لؤما كذلك اللؤم تتبعه الدمامة فإن تك أصبت نعيم الدنيا فلا تفرح فقد دنت القيامة فضحك المهدي وجميع من في المجلس، ثم أمر له بجائزة ثمينة. 2 الممثل يتظاهر بجميع الشخصيات ولا شخصية له، ويتظاهر بجميع الصفات ولا صفة له، ويبدو في جميع السلوكات ولا سلوك له. وقد قال أحد الشعراء في وصف الممثل: نيام النهار خليف التعب ويقضي الليالي بين الأنام يطل علينا بوجه ضحوك وأحيانا بوجه حزين وفما يمثله كم يريك وفاء الأمين وغدر الحزين حينا يمثل دور الأمير يذوق النعيم ويلقى الهناء وحينا يمثل دور الأجير يعاني العذاب ويلقى الشقاء رأيت الممثل بين الجموع يهز النفوس بفعل عجيب فحينا يثير الأسى والدموع وحينا يزيل الأسى والكروب 3 أصبحت الساعة ضرورية لقياس الوقت في الحياة العصرية المعقدة، وكان أهل الريف يقيسون الوقت بحركة الشمس: قبل الصبح بعد الصبح قبل الظهر بعد الظهر قبل المغرب وبعد المغرب، ولم يصل الأمر إلى حساب الوقت بالساعات والدقائق. وقد وصف أحد الشعراء ساعة بقوله: كان لنا فيما مضى ساعة تأكل من أيامنا ما خلى عاقبها اللّه بنفس الجزاء فاليوم بعناها لكن تأكلا 4 وصف أحد الشعراء صلعة صديقه بقوله: لصديقنا في رأسه صحراء جفت فلا عشب فيها ولا ماء وكأنها الميدان بعد الوغى فني الجميع فما بقي فيها أحياء ويؤكد الواقع أن أصحاب الصلعة من أتقى الناس نفسيا وأطيب الخلق قلبا.