تروي كتب السيرة أن الأديب الفكاهي عبد اللّه النديم كان شهي الحديث حلو الفكاهة وكانت الدلائل تشير إلى أنه سيكون نجارا أو خبازا أو ليس أديبا يملأ الدينا ويحسب له في كل ما نحيط قلمه أو تنطق به شفتاه وقد منحه اللّه ذاكرة قوية وبراعة في التقليد. لا يسمح هذا الحيز باستعراض هذا المبدع الفكاهي بالتفصيل، ولكن المفيد تقديم المعلومات والحقائق التالية: 1) حين انتهت الثورة العربية بالفشل كان عبد اللّه النديم من بين المطلوبين وظل على مدة عشر سنوات مختفيا فلما يئست الحكومة من القبض عليه أصدرت حكما غيابيا ذات يوم ذهب إلى بولاق واختفى عند صديق له أياما. حتى يخف الطلب ولكنه لبس عباءة حمراء وأعتم عمامة حمراء وربط عينه بمنديل وأطال لحيته وأمسك عكازا طويلا وادعى أنه من مشايخ الطرق ونزل في سفينة مع خادمه فلم يفطن له أحد .. أراد الخادم أن يرجع إلى أهله فأيقن النديم أن الخادم إذا أعاد إلى أهله انكشف أمره فأخذ يقرأ الجريدة أمام الخادم الأمي ثم تصنع الفزع فقال: لا حول ولاقوة إلا باللّه العلي العظيم: فساله الخادم عما أفزعه فقال النديم إن الحكومة قد رصدت لمن يرشد عني ألف جنيه ولمن يأتي برأسي الخادم 5000 جنيه، فخاف الخادم وأخذ يبالغ في التنكر أكثر من سيده وإستراح النديم من هذا الموضوع. 2) في القاهرة عاد إليه شوقه إلى الأدب ومجالسه التي تتخللها ناوادر فكاهية وأحاديث في الأدب، حيث يلتقي بالشعراء المبدعين من عشاق الأدب والمولعين بالشعر وكان النديم لسان الأمة بخطبخ أو قلما في صحفة وينتقل مابين الأقاليم وينشر أفكاره وشاعره في أكبر عدد من الأمة وعن فترة الإختفاء بعد فشل الثورة العربية خرجت من مصر مستخفيا فدرت في البلاد متنكرا أدخل كل بلدة بلباس مخصوص وأتكلم في كل قرية بلسان يوافق الصفة التي أدعيها من قولي: إني مغربي أويمني أو مدني أو فيومي أو شرقاوي أو نجدي وأصلح لحيتي إصلاحا يوافق الدعوى أيضا فأطيها في مكان عند دعوى المشيخة وأ قصرها عند دعوى السياحة مثلا وأبيضها في بلد ؤأحمرها في قرية وأسودها في عزبة. 3 ) لقد أتعب نفسه في إستخفائه وأتعب الناس معه ولكن ما أكثر ما أمتعهم أيضا باحاديثه وفكاهاته ووعظه، قالوا له إن القوم قرروا قتلك ورصدوا الجوائز للقبض عليك فقال شعرا : إن قوما تجمعوا وبقتلي تحدثوا لا أبالي بجمعهم كل جمع مؤنث.