قد يقوم أي مجتمع بشري مستدام على الإنصاف في حصوله على السلع والخدمات التي يحتاجها بتناغم مع البيئة، سواءٌ مياه نظيفة؛ مأوى؛ طاقة نظيفة؛ رعاية صحية أو فرص توظيف ...إلخ، ففي هذا النموذج المجتمعي المثالي يعيش البشر في سلام مع كوكب الأرض، ويحافظون على الرأسمال الطبيعي ليس فقط لصالحهم حاليا بل وأيضًا لصالح أجيال بشرية مستقبلية، من أجل أن يتمتع كل فرد بنوعية حياة عالية، وعليه يسعى المجتمع الدولي الآن نحو تكريس مختلف التكنولوجيات الخضراء للحفاظ على البيئة، وفي نفس الوقت تلبية حاجاته ورفاهيته من سلع وخدمات وفرص توظيف وغيره. كان الفوز في مسابقة المجلس الأعلى للغة العربية في مجال «العلوم والتقانات»، بدراسة معنونة «مساهمة التكنولوجيا في ترقية الوظائف الخضراء –بوابة «سنيد» للوكالة الوطنية للنفايات كذكاء اصطناعي أخضر»، وهو موضوع يمس البيئة، الذكاء الاصطناعي، تصنيف سوق التوظيف، حيث استغرقت الدراسة فيه قرابة السنتين، منذ تاريخ الإعلان عن المسابقة في 2018 إلى غاية آخر أجل لإيداع المؤلفات في مارس 2020، والتي تخضع اختبارها إلى لجنة تحكيم معتمدة حسب المعايير العالمية المتعارف عليها، وبمراعات منهجية البحث العلمي والأمانة العلمية. كتب ودراسات سابقة في مجال الاقتصاد الاخضر وإضافة إلى ذلك تأتي هذه الدراسة كتتمة لأعمال ومؤلفات سابقة، تم المشاركة فيها في مهرجان «سيلا» للكتاب سنة 2019، وهو «المكسب المزدوج بين البشر والبيئة في الاقتصاد الأخضر»، أي إمكانية تحقيق معادلة مكسب – مكسب بين الأنشطة البشرية والبيئة في نموذج الاقتصاد الأخضر، وكذلك مؤلف آخر بعنوان «التمويل قاطرة لبلوغ الاقتصاد الأخضر» والذي يدور مضمونه حول التمويل والتسهيل المقدم من طرف الوكالة الوطنية لدعم الشباب ANSJ، الصندوق الوطني للتأمين عن البطالة CNAC والوكالة الوطنية لتسيير القرض المصغر ANGEM في سبيل خلق المؤسسات الصغيرة والمتوسطة PME، والتي من شأنها أن تعمل على تنويع نسيج الاقتصاد الوطني وبالتالي كذلك ترقية الاقتصاد الأخضر. فقد يقوم أي مجتمع بشري مستدام على الإنصاف في حصوله على السلع والخدمات التي يحتاجها بتناغم مع البيئة، سواءٌ مياه نظيفة؛ مأوى؛ طاقة نظيفة؛ رعاية صحية أو فرص توظيف ...إلخ، ففي هذا النموذج المجتمعي المثالي يعيش البشر في سلام مع كوكب الأرض، ويحافظون على الرأسمال الطبيعي ليس فقط لصالحهم حاليا بل وأيضًا لصالح أجيال بشرية مستقبلية، من أجل أن يتمتع كل فرد بنوعية حياة عالية، وعليه يسعى المجتمع الدولي الآن نحو تكريس مختلف التكنولوجيات الخضراء للحفاظ على البيئة، وفي نفس الوقت تلبية حاجاته ورفاهيته من سلع وخدمات وفرص توظيف وغيره. الرقمنة من أجل الحفاظ على البيئة وأعود إلى مقصدي في هذه الدراسة المعنونة ب « مساهمة التكنولوجيا في ترقية الوظائف الخضراء –بوابة «سنيد» للوكالة الوطنية للنفايات كذكاء اصطناعي أخضر»، نحو السعي إلى رصد مختلف مزايا وعيوب استخدام التكنولوجيا، خاصةً وأن تفاعلها الديناميكي مع مختلف الأنشطة البشرية قد يؤثر سلبًا على البيئة، والذي يستوجب دراسة إمكانية إحلالها بتكنولوجيا خضراء صديقة للبيئة للتمتع بنوعية حياة عالية ونظيفة، حيث يتطلب تخضير سوق التوظيف لتكييفه مع هذه التكنولوجيات المبتكرة، مُساهِمةً بذلك نحو ترقية الوظائف الخضراء كعناصر فاعلة في إزالة الكربنة من الاقتصاد مُحافِظةً على استدامة البيئة، ولتجسيد مختلف المعارف المدروسة في هذه الورقة البحثية، يتم إسقاطها على بوابة النظام الوطني للمعلومات حول النفايات «سنيد» «SNID» المُبتكر من خلية المعلوماتية للوكالة الوطنية للنفايات بالجزائر، والذي يُصنف كذكاء اصناعي أخضر نُمذجِة خوارزمياته لالتقاط مختلف البيانات والمعلومات، وترجمتها كلوحة أساسية لاتخاذ القرارات بشأن السياسة المتبعة لتسيير النفاياتوتصنيفها كمًا ونوعًا مع تحديدموقعهاالجغرافي، وبالتالي القضاء عليها وجمعها ومعالجتها كخطوة إستراتيجية لحماية البيئة واستدامتها، كما يتم توجيه دراسة هذه الحالة (أي بوابة «سنيد») نحو رصد مساهمتها في ترقية الوظائف الخضراء. ضرورة نقل التكنولوجيات الخضراء وفي ذات السياق كانت الدراسة ترتكز على إبراز أهمية نقل التكنولوجيا الخضراء كحل إستراتيجي للحفاظ على البيئة في الأمد القصير والمتوسط وخاصة البعيد، كخطوة أساسية من شأنها أن تساعد في تلبية احتياجات البشرية الحاضرة بتناغم مع البيئة، وبدون التفريط في مقدرة البشرية المستقبلية في تحقيق وتلبية احتياجاتها ومتطلباتها. وللإشارة فقد تطورت التكنولوجيا منذ العصور الأولى للبشرية حيث يصل ماضيها بحاضرها وبمستقبلها خاصةً وأن ملاحظة الماضي تساعد على فهم حاضر التكنولوجيا، وتسمح باستشراف آفاقها في المستقبل، إذْ مر التطور التاريخي للتكنولوجيا منذ العصر الحجري؛ عصر الحضارات الهيدروليكية 4000-1500 قبل الميلاد؛ العصر الحديدي والإمبراطوريات 1500 قبل الميلاد - 500 بعد الميلاد؛ عصر الثورات ما بعد الكلاسيكية والقرون الوسطى 500-1400 ميلادية (م)؛ عصر التفاعلات العالمية 1300-1800م؛ وفي عصر الثورة الصناعية الأولى 1750-1869م؛ عصر التغيير السريع 1869-1939م وفي العصر المُعاش حاليا والمسمى بالعالم ما بعد الصناعة ابتداءً من سنة 1939م. كما تم رصد تعريف أكثر شمولاً للتكنولوجيا الخضراء، وهو المعطى من قبل الأممالمتحدة على أنها « التكنولوجيا التي لديها القدرة على تحسين الأداء البيئي بشكل كبير مقارنة بالتكنولوجيا الأخرى، ومرتبطة بمصطلح التكنولوجيا السليمة بيئياً»، إذْ تعتبر التكنولوجيا الخضراء كتطبيق جزء من فروع العلوم التي تحاول الحفاظ على البيئة الطبيعية وتقليل الآثار الضارة للنشاط البشري، كما يشار إليها ّأيضًا بالتكنولوجيات المستدامة أو التكنولوجيات الصديقة للبيئة، حيث تم التركيز على أهم أنواعها كتكنولوجيا النانو خضراء؛ تكنولوجيا إعادة التدوير؛ تكنولوجيا الطاقة الخضراء المختلفة المصادر كالكهرومائية والمد والجزر والطاقة الشمسية. وفي زاوية أخرى تم التطرق على البعد الإيجابي للتكنولوجيا الخضراء كونها مثلاً لا تطلق أي شيء ضار في الغلاف الجوي؛ وتحقيق أرباح اقتصادية في مناطق معينة وتحتاج إلى صيانة أقل؛ وأنها تتميز بقابلية تجددها مما يعني أنها لن تنفد؛ وخاصة أنها تساعد في إبطاء آثار الاحتباس الحراري عن طريق الحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، واستخدام مصادر الطاقة الخضراء، وفي نفس الوقت تم التطرق إلى عيوبها والتي قد تعد ضئيلة جدا من ناحية الضرر البيئي مقارنةً بمزاياها الكثيرة. وعلى ضوء دمج التكنولوجيا الخضراء في مختلف الأنشطة اليومية للبشرية كحل إستراتيجي من أجل الحفاظ على البيئة، فإن ذلك سيؤثر على نوعية المخرجات الاقتصادية ككل أي التحول إلى اقتصاد قليل الكربون، وهذا الذي يسهم في التأثير على سوق التوظيف بسبب دمج التكنولوجيات الخضراء والتي تتطلب مهارات وظيفية محسنة وجديدة. ارتباط التكنولوجيا الخضراء وأنشطة الاقتصاد الأخضر بالتخضير الوظيفي وفي هذه الدراسة تم إبراز دور التكنولوجيا الخضراء في تخضير الأنشطة البشرية، ودورها الفعال على الاقتصاد وهو ما يسمح بالانتقال نحو الاقتصاد الأخضر، وبالتالي التأثير المباشر على سوق التوظيف بخلق الوظائف الخضراء لتسيير مختلف الأنشطة المستخدمة للتكنولوجيا الخضراء. وللتذكير فإن الاقتصاد الأخضر نموذج تنموي من شأنه أي يُقلل من انبعاث الكربون بشكل ملحوظ؛ ويُحسّن من استغلال الموارد الطّبيعية؛ أي الكفاءة والعقلانية في استغلال الرأسمال الطبيعي وكذلك يُحقق الكفاءة الطاقوية، وهذا لا يكون إلا بدمج التكنولوجيات الخضراء الصديقة للبيئة والتي من شأنها أن تُساهم في خلق سلع وخدمات صديقة للبيئة، وعليه تُؤثر سياسات دمج التكنولوجيا الخضراء على سوق التوظيف بأفق زمني متفاوت، وهو قصير؛ متوسط وطويل الأجل. كما تم رصد عدة أنشطة جلها يعتمد على التكنولوجيات الخضراء والتي من شأنها أن تخلق وطائف خضراء مثل قطاع توليد الطاقة المتجددة؛ أعادة تدوير النفايات؛ التصنيع؛ حماية البيئة؛ الزراعة والغابات...وغيرها من الأنشطة التي تعد التكنولوجيا الخضراء كوسيلة رئيسة فيها من جهة، ومن جهة أخرى تظهر الوظائف الخضراء كمسير لها، وعليه تستدعي الضرورة إلى تحديد وتوصيف مفهوم للوظائف الخضراء، وكيفية رسم التوقعات الوظيفية في مختلف الأنشطة ( القطاعات).
الوظائف الخضراء المتوقعة في ظل التخضير التكنولوجي وفي زاوية أخرى تم رصد جهود عديدة في تحديد وتوصيف الوظائف الخضراء، أنها وظيفة تعمل مباشرة مع المعلومات أو التكنولوجيات أو المواد التي تقلل من التأثير البيئي، وتتطلب أيضًا مهارات متخصصة أو معرفة أو تدريبًا أو خبرة متعلقة بهذه المجالات، فقد تنشط في الزراعة والتصنيع والبحث والتطوير (والأنشطة البحثية والإدارية والخدمية التي تسهم بشكل كبير في الحفاظ على الجودة البيئية أو استعادتها)، ويشمل ذلك على وجه التحديد وليس حصريًا، الوظائف التي تساعد على حماية النظم الإيكولوجية والتنوع البيولوجي وكذا تخفيض استهلاك الطاقة والمواد واستهلاك المياه، من خلال استراتيجيات ذات كفاءة عالية من شأنها أن تساعد على إزالة الكربنة من الاقتصاد وتقليل أو تجنب توليد جميع أشكال النفايات والتلوث كليًا. كما تجدر الإشارة إلى أهمية إحصاء وتقييم هذه الوظائف من أجل مساعدة واضعي البرامج والاستراتيجيات، إلى تقييم وتطوير هذه الوظائف سواءٌ وطنيًا أم دوليا، من خلال عدة طرق كقوائم الجرد والدراسات الاستقصائية؛ تحليل المدخلات والمخرجات ومصفوفات المحاسبة الاجتماعية؛ نماذج التوازن العام القابلة للحساب ودينامية النظم، كعملية تحليل ومحاكاة استجابات الاقتصاد للتغيرات الخارجية والتي عادةً ما تجمع بين البيانات التجريبية، وفق سلسلة من المعادلات الاقتصادية المصممة لالتقاط شامل لدينامية وتعقيد الاقتصاد بأكمله أي نمذجته، والتي تساعد على تحديد مختلف السيناريوهات الوظيفية. وتم تحديد ثلاثة أنواع من الوظائف الخضراء المتوقعة في العديد من الأنشطة (القطاعات) تحسبًا لدمج التكنولوجيات الخضراء كالآتي: وظائف حالية والتي من المتوقع أن يرتفع الطلب عليها والتي لا تتطلب تغييرات كبيرة في المهارات، كوظائف خضراء غير مباشرة لأنها تدعم وتتماشى مع التكنولوجيا الخضراء؛ وظائف مُحسّنة (المعززة) بالتخضير وهي وظائف حالية تتطلب تغييرات مهمة في المهام والمهارات والمعرفة نتيجة للتخضير؛ وظائف خضراء جديدة وهي وظائف فريدة (على النحو المحدد في متطلبات العامل) يتم إنشاؤها لتلبية الاحتياجات الجديدة للتعامل مع التكنولوجيات الخضراء. أمثلة عن مبادرات دولية في الذكاء الاصطناعي الأخضر أشار مجموعة من الباحثين من جامعة واشنطن إلى مصطلح الذكاء الاصطناعي الأخضر، أنه ذلك الذكاء الاصطناعي الذي ينتج عنه نتائج جديدة دون زيادة التكلفة الحسابية، ويقللها بشكل مثالي (وبالتالي تقليل الكربون)، أي إذا تم قبول مقاييس الكفاءة على نطاق واسع كمقاييس تقييم مهمة للبحث إلى جانب الدقة، فسيكون لدى الباحثين خيار التركيز على كفاءة نماذجهم مع التأثير الإيجابي على البيئة، ومنه جعل الذكاء الاصطناعي أكثر مراعاة للبيئة وأكثر شمولاً. كما يُشير الذكاء الاصطناعي الأخضر إلى تطوير ورفع مستوى الوعي لأفضل الممارسات البيئية في البحث والتطوير في مجال الذكاء الاصطناعي، وفي سياق آخر يتمثل تطبيق الذكاء الاصطناعي الأخضر لتقليل استهلاك الطاقة، من خلال مجالان يعالجهما بشكل عام وهما استخدام الطاقة بواسطة الأنظمة الذكية والطلبات على تلك الأنظمة، يمكن أن يكون للذكاء الاصطناعي تأثير في كلتا الحالتين من خلال تحديد وقياس النشاط على مستوى الشبكة وعلى مستوى الجهاز المتصل عن طريق غربلة كميات هائلة من البيانات لاستخراج الأنماط والاتجاهات، أي تطبيق وتطوير خوارزميات وتقنيات مختلفة لاستخراج البيانات من بيئتها وتحليلها وتطبيق ما تعلمته لتوفير نتائج أفضل وتقلل من التأثير السلبي على البيئة. برنامج الذكاء الاصطناعي للأرض: وهو عبارة عن جوائز تم اطلاقها من طرف شركة Microsoft من أجل البرامج التي تُسخر موارد الحوسبة وبرامج قوية من الذكاء الاصطناعي؛ بالإضافة إلى الخبرات والتدريب في مجال الذكاء الاصطناعي، لصالح الأفراد والمؤسسات العاملة في البرامج البيئية وصون البيئة بهدف تحسين الطريقة التي يُدار بها حاليًا التحديات البيئية المعقدة، وتهدف هذه الجوائز إلى دفع الاكتشاف من خلال توفير أدوات مبتكرة في علوم البيانات، والتحليل المكاني، والتصور للمؤسسات التي تركز على إيجاد حلول لتغير المناخ، وفقدان التنوع البيولوجي، والتكلفة الزراعية والغلة، وزيادة ندرة المياه، من أجل تحقيق الاستدامة البيئية، أي هي جوائز تدعم المشاريع التي تستخدم الذكاء الاصطناعي لتغيير الطريقة التي يراقب بها الأشخاص والمنظمات أنظمة الأرض الطبيعية ونموذجها وإدارتها، فإلى غاية 2020 منحت شركة Microsoft 508 منحة لمشاريع في 81 دولة. برنامج جمع النفايات في إمارة دبي بالإمارات العربية المتحدة: نفذت بلدية دبي برنامجًا باستخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين جمع النفايات وإعادة تدويرها، يتضمن المشروع أيضًا إنشاء مصنع، كخطوة أولى لإعادة تدوير النفايات، وثانيًا تحويل الطاقة التي يتم إطلاقها أثناء إعادة التدوير إلى كهرباء خضراء لتشغيل المدينة؛ روبوت ينظف المحيط: أعلنت مؤسسة Ocean Cleanup أنها أنشأت جهازًا يلتقط بنجاح النفايات البلاستيكية في المحيط الهادئ، حيث تم أنشاء ونمذجة ذكاء الروبوت بالتنسيق مع علماء المحيطات؛ خبراء البيئة؛ المتخصصين في التلوث البلاستيكي، وفي سياق مشابه أعلنت منظمة تنظيف المحيط الهولندية غير الربحية أنها طورت بنجاح جهازًا يمكنه التقاط وجمع بلاستيك المحيط، مما يجعل المنظمة أقرب إلى هدفها المتمثل في تنظيف حوالي 90٪ من النفايات البلاستيكية التي تلوث المحيط. فالغاية من الذكاء الاصطناعي على العموم هو تحقيق هدف محدد مسبقًا يحدده البشر، من خلال مجموعة من البيانات التي تتم ترجمتها بواسطة خوارزميات تأخذ في الاعتبار مجموعة كبيرة من الميزات والعوامل لتحسين العمليات أو حل التحديات المعقدة، كوضع هدف دقيق في الاعتبار (على سبيل المثال: تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 5٪ في عمليات صناعية معينة) بقدر البيانات المتوفرة والكافية تحت تصرف خوارزمية الذكاء الاصطناعي المُدمجة في الآلات، وعلى وجه الخصوص فقد تسمح تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي الأخضر بالوصول إلى نتائج إيجابية من شأنها أن تُساهم في الحفاظ على البيئة. مساهمة أصحاب المصلحة في تطوير الذكاء الاصطناعي الأخضر يجب أن يشارك جميع أصحاب المصلحة في القطاعين العام والخاص في إطلاق الذكاء الاصطناعي الأخضر لمواجهة التحديات البيئية بأقصى الإمكانيات، ولكل منهم دور يلعبه في خلق هذه «البيئة التمكينية» لتسريع التقدم الاقتصادي والبيئي، كالآتي: الحكومات: اتخاذ نهج مرن للتنظيم المستهدف ودعم مختلف السياسات من أجل تعزيز الوصول إلى البيانات والبحث والتطوير والبنية التحتية الرقمية واستثمار المهارات، بالإضافة إلى السياسة البيئية الأوسع نطاقًا، بما في ذلك تعزيز الذكاء الاصطناعي من أجل الاستدامة في خطط التنمية الوطنية واستراتيجيات الذكاء الاصطناعي؛ تمويل الابتكار والبحث والتطوير؛ دعم إعادة المهارة ورفع المهارات؛ ضمان حوكمة البيانات في الذكاء الاصطناعي، والوصول إليها. مطورو التكنولوجيا: اتخاذ الإجراءات اللازمة لإنشاء وتوفير وتحسين أصول البيانات وتوفير الوصول إلى أدوات الذكاء الاصطناعي والبيانات والتقنيات التكميلية الأوسع نطاقًا، بما في ذلك تضمين البيئة في مبادئ التصميم جنبًا إلى جنب مع مخاطر الذكاء الاصطناعي؛ الاستثمار في مقارنة أصول بيانات ذات جودة أفضل (على سبيل المثال الوصول والمعالجة والشرح ووضع العلامات)؛ تشجيع الابتكار المشترك مع رواد الأعمال وجعل اللبنات الأساسية للذكاء الاصطناعي متاحة لأصحاب المصلحة. الشركات: تضمين اعتبارات التأثير البيئي في استراتيجيات نشر الذكاء الاصطناعي وتحديد الاحتياجات، واحتضان مهارات القوى العاملة وإعادة تشكيلها، بما في ذلك ترقية استراتيجيات الشركة التي من شأنها أن تطور الذكاء الاصطناعي وتحسينه من أجل الاستدامة؛ أخذ دور قيادي في تطوير أفضل ممارسات الذكاء الاصطناعي المسؤولة؛ رفع مستوى مهارات القوى العاملة في علوم البيانات والمهارات الرقمية وأساسيات التعلم الآلي. الجامعات: تشجيع البحث متعدد التخصصات، والجمع بين الذكاء الاصطناعي والتعليم والبحوث ذات الصلة بالمجال، والتنسيق مع الشراكات الصناعية، بما في ذلك: تسهيل البحث والتعلم متعدد التخصصات عبر الخبرة الفنية في مختلف المجالات؛ تشجيع تبادل البيانات بين المؤسسات؛ توصيل أولويات الذكاء الاصطناعي بالبيئة والمعارف ذات الصلة. المنظمات غير الحكومية: تطوير الشراكات مع مختلف التقنيين، والاستثمار في المهارات الرقمية واستكشاف المجالات التي يمكن أن تخلق فيها الذكاء الاصطناعي والابتكارات التقنية الأوسع نطاقًا، بما في ذلك تحديد المشكلات التي ينبغي على الممولين والباحثين والقطاع الخاص تحديد أولوياتها؛ تشكيل وتطوير اتحادات لإنشاء بنية تحتية مشتركة متعددة الأغراض للشركات لإنشاء تطبيقات خاصة بها. بوابة النظام الوطني للمعلومات حول النفايات «سنيد» انموذجًا فمن خلال استغلال كل المعارف والمعلومات والاجتهادات المرصودة من قبل الباحثين عبر العالم في هذه الدراسة، تم إسقاطها على بوابة النظام الوطني للمعلومات حول النفايات «سنيد» التابع للوكالة الوطنية للنفايات، والتي تُعتبر كدراسة حالة لتكنولوجيا خضراء تُساعد في حماية البيئة وقد تساهم في ترقية الوظائف الخضراء، من خلال تسليط الضوء على تلك البوابة كتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي الأخضر، حيث تُستثمر في الجزائر من أجل تحسين تسيير النفايات والقضاء عليها أو استغلالها، من أجل الحفاظ على استدامة البيئة وتوفير المحيط النظيف للمواطن، وعليه فقد قامت الجزائر بإصدار عدة قوانين وهيئات من أجل إدارة النفايات ومراقبتها والقضاء عليها، كإنشاء الوكالة الوطنية للنفايات كهيئة فاعلة في عملية تطوير نشاط فرز النفايات وجمعها ومعالجتها وتثمينها وإزالتها من أجل حماية أفضل للبيئة وترقية الحس البيئي عبر الوطن. كما تعتبر بوابة النظام الوطني للمعلومات حول النفايات «سنيد» ثمرة جهود متواصلة، منذ إنشاء الوكالة الوطنية للنفايات سنة 2002 وثم جمع البيانات سنة 2011 وبعدها إنشاء قواعد للبيانات سنة 2013، ليتم إنشاء وتطوير بوابة الانترنيت الخاصة بالنظام الوطني للمعلومات حول النفايات سنة 2019 لجمع البيانات ومعالجتها ونشرها وتخزينها عبر الموقع (HYPERLINK https://snid.and.dz/»https://snid.and.dz/) ويُشار إليه بكلمة «سنيد» أي S.N.I.D وهي مختصر لاسم البوابة بالفرنسية ل Système National d'Information sur les Déchets، ويتم التحكم في بوابة «سنيد» عن طريق خادم ويب في مركز البيانات التابع للوكالة الوطنية للنفايات. ومن زاوية تقنية تمثل مختلف المؤشرات والرسوم البيانية والمخططات الجغرافية المعطاة من قبل بوابة «سنيد»، كلوحة معلومات أساسية لاتخاذ القرارات بشأن البرامج والسياسات المتبعة لتسيير النفايات في الجزائر، والتي يجب على مختلف الفاعلين ترقية استغلال هذه البوابة كذكاء اصطناعي أخضر، يساهم في تلبية احتياجات القطاع على مستوى الوطن. فوفقًا للمقاربات المُشار إليها آنفًا تم التوصل إلى أن بوابة «سنيد» قد ساهمت في ترقية الوظائف الخضراء، من خلال وظائف حالية والتي تقوم بالتسيير المباشر لبوابة «سنيد» ولم تتطلب تغييرات كبيرة في المهام أو المهارات أو المعرفة، من مهندسي وتقنيو الإعلام الآلي في المديرية العامة للوكالة الوطنية للنفايات، حيث تعتبر هذه الوظائف خضراء غير مباشرة لأنها تدعم وتتماشى مع تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي الأخضر المجسدة في بوابة «سنيد»، مع العلم أن تصميم وبرمجة خوارزمية هذا الأخير كانت بالتنسيق مع المصالح المختصة لذات الوكالة حسب المعلومات والمؤشرات المُراد الوصول إليها. وكذلك وظائف مُحسّنة (المعززة) وهي وظائف حالية تتطلب تغييرات مهمة في المهام والمهارات والمعرفة نتيجة دمج بوابة «سنيد» في نشاط الوكالة، من مهندسي وتقنيو البيئة والتابعين لذت الوكالة، حيث تم تعزيز مهاراتهم من خلال برمجة دورات تكوينية في كيفية استغلال واستخدام بوابة «سنيد»، وبالنسبة للوظائف الخضراء الجديدة أي وظائف فريدة يتم إنشاؤها لتلبية الاحتياجات الجديدة للتعامل مع التكنولوجيات الخضراء، فوفق لهذا التصنيف الفرعي الثالث لم يتم تسجيل وظائف من ذات الصنف على مستوى المديرية العامة للوكالة الوطنية للنفايات، ولكن قد يُتوقع انشاء وظائف خضراء جديدة في القطاع الخاص وبميزات فريدة بطريقة غير مباشرة مستقبلاً والمتمثلة في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة المختصة في إعادة تدوير النفايات، وهذا من خلال تعزيز آفاق استغلال بوابة «سنيد» من طرف المؤسسات المختصة في إعادة تدوير النفايات باعتبار هذه الأخيرة من المدخلات التي يحتاجونها في عملية إعادة التدوير. توصية بإنشاء هيئة استشارية تعنى بالبيئة وبناءً على ما سبق تظهر أهمية الرصد الإحصائي للوظائف الخضراء على مستوى كل المؤسسات والهيئات التي تُساهم في الحفاظ على البيئة واستدامتها، وذلك ما سيتيح تقييم وتعديل السياسات الرامية إلى تعزيز ادماج مختلف التكنولوجيات الخضراء المساهمة في ترقية البيئة، والتي من شأنها أن تعكس الظروف المتغيرة أثناء تنفيذ مختلف الاستراتيجيات الوطنية أم الدولية من أجل توفير معلومات تكون كأساس تطوير تلك البرامج والاستراتيجيات في الفترات اللاحقة، وبطريقة غير مباشرة سيعزز هذا الرصد الاحصائي الحصول على المعلومات والبيانات المتعلقة بالتنمية المستدامة. كما تظهر هذه الدراسة بالتزامن مع القمة الأممية ل «التنوع البيولوجي» المنعقدة منذ قرابة الشهر عبر تقنية التواصل المرئي، أين كان التّاكيد فيها على ضرورة تعزيز الاقتصاد الأخضر، كخطوة نحو حماية البيئة وتخفيض البصمة الكربونية من أجل تحقيق أهداف التمنية المستدامة والمسطرة في آفاق 2030، بالإضافة أنّه في كل أعمالنا الثلاثة كنّا نوصي بإنشاء وترقية هيئة أو مجالس بيئية ّأو حتى تكون استشارية، تعمل على تعزيز الابعاد الثلاثة للاستدامة وهي البيئية، الاقتصادية والاجتماعية، ومن خلالها يتم نظم استراتيجيات واسعة لاستغلال التكنولوجيات الخضراء خاصة منها الوسائط الرقمية، والتي من شأنها أن تدعم الرقمنة في صالح الاقتصاد الأخضر، ولبلوغ التمنية المستدامة وهو الهدف الذي نصبوا إليه كما أشرت.