أدّت الزيادة المتواصلة في الإصابات بكورونا في إسبانيا بعد موسم العطلات إلى إجهاد المستشفيات من جديد، ما يهدد الصحة العقلية للأطباء والممرضات الذين كانوا في طليعة التصّدي للوباء منذ ما يقرب من عام. في مستشفى ديل مار في برشلونة، تضاعفت قدرة قسم الرعاية المركزة وأصبح ممتلئا تقريباً، ويشغل مرضى فيروس كورونا 80% من الأسرّة فيه. وقال الدكتور خوان رامون ماسكلينز، رئيس وحدة العناية المركزة: «هناك شباب يبلغون من العمر 20 عاماً وكبار سن يبلغون من العمر 80 عاماً، جميع الفئات العمرية موجودة (في قسم العناية المركزة). إنه أمر صعب للغاية. فالمريض يلي الآخر». على الرغم من أن السلطات الإسبانية سمحت بالتجمعات لما يصل إلى 10 أشخاص للاحتفال بعيد الميلاد ورأس السنة الجديدة، اختار ماسكلينز عدم الانضمام إلى أسرته وقضى العطلات في المنزل مع شريكته. عن هذا الموضوع قال: «فعلنا ذلك للحفاظ على صحتنا وصحة الآخرين، لكن عندما ترى أن الآخرين لا يفعلون الشيء نفسه، فهذا الأمر يتسبب لك بغضب كبير، بالإضافة إلى التعب». وخلصت دراسة صدرت هذا الشهر من قبل مستشفى ديل مار، تبحث في تأثير زيادة الإصابات بكورونا في الربيع على أكثر من 9000 عامل في المجال الصّحي في جميع أنحاء إسبانيا، إلى أن 28% على الأقل يعانون من اكتئاب حاد. وهذا أعلى بست مرات من المعدل الذي كان سائداً بين عامة السكان قبل انتشار الوباء، بحسب ما قال الدكتور خوردي ألونسو، أحد كبار الباحثين. بالإضافة إلى ذلك، وجدت الدراسة أن ما يقرب من نصف المشاركين لديهم مخاطر عالية من القلق، واضطراب ما بعد الصدمة، ونوبات الهلع أو مشاكل تعاطي المخدرات والكحول. ولم يكن العاملون في مجال الرعاية الصّحية الإسبان الوحيدين الذين عانوا نفسياً من الوباء. ففي الصين، كانت مستويات الاضطرابات النفسية بين الأطباء والممرضات أعلى من ذلك، حيث تم الإبلاغ عن معدلات اكتئاب بنسبة 50%، والقلق ب 45%، والأرق ب 34%، وفقا لمنظمة الصحة العالمية. في المملكة المتحدة، أظهر مسح نشرته الكلية الملكية للأطباء الأسبوع الماضي، أن 64% من الأطباء أفادوا بأنهم يشعرون بالتعب أو الإرهاق. وسعى واحد من كل أربعة للحصول على دعم الصحّة العقلية. قال الدكتور أندرو غودارد، رئيس الكلية الملكية للأطباء، في بيان مصاحب للدراسة التي نشرت مؤخراً: «إنه أمر مروّع في الوقت الحالي في عالم الطب. فمعدل دخول المستشفيات بلغ أعلى مستوى على الإطلاق، والأطقم العاملة منهكة، وعلى الرغم من وجود ضوء في نهاية النفق، يبدو أن هذا الضوء بعيد جداً». وفي إسبانيا، يتردد الكثيرين من العمال في مجال الصحة بطلب المساعدة حيث يعتقدون أن هذا الأمر سيجعلهم يبدون غير لائقين للوظيفة. وفي هذا السياق، قال ديفيد أوليفر، المتحدث باسم فرع كتالونيا لنقابة التمريض «ساتسي»: «في مهنتنا، يمكننا التعامل مع الكثير. ولا نريد أن نأخذ إجازة لأننا نعلم أننا سنضيف إلى عبء العمل على زملائنا». وفقا للدراسة الإسبانية، كانت المجموعة الأكثر تضرراً من بين العاملين في مجال الرعاية الصحية من مساعدي التمريض والممرضات، ومعظمهم من النساء والمهاجرات. فهذه الفئة تمضي وقتاً أطول مع مرضى كوفيد-19 يحتضرون، وتواجه ظروف عمل ورواتب سيئة، وتخشى نقل العدوى إلى أفراد الأسرة. ولمنع العدوى، نادرا ما يتم السماح للمرضى بالزيارات العائلية، مما يزيد من اعتمادهم على الممرضات.