فتح المجاهد المثقف بلحسن بالي عينيه على لهيب الثورة، مقتنعا أن المشاركة في النضال ضد المستعمر الغاشم فرصة للبرهنة على ولائه للوطن المفدى وحبه للحرية الغالية، وكان المجاهد بأحسن من المثقفين الذين مهدوا لسبيل لاندلاع شرارة الثورة في الفاتح نوفمبر 1954. بلحسن بالي المولوع بالجزائر هو من مواليد 17 سبتمبر 1936 بمدينة تلمسان من عائلة متواضعة الحال، نال شهادة الدراسة الإبتدائية سنة 1952، وظل متعاطفا مع الحركة الوطنية بفضل إحتكاكه وإختلاطه بالمناضلين المحنكين من رجال الحركة الوطنية، إستجاب لنداء جبهة التحرير الوطني وإنضم في عمليات الخلايا الخمسة السرية التي قامت بالعديد ممن العمليات الفدائية بتلمسان وضواحيها. حكم عليه بالإعدام 3 مرات من قبل الاستعمار سنة 1959 . زارنا المجاهد بلحسن بالي في جريدة الشعب، تحدث معنا بكل إمتنان و حرقة عن بلد عظيم إسمه ''الجزائر'' بكى عندما تذكر سنوات الجمر والمعاناة التي عانى منها جراء الممارسات العدوانية للمستعمر. تحدث عن ذكريات الأمس القريب والبعيد، سلمني كتبه الجديدة التي ألفها مؤخرا '' سنوات العنف'' خلال حرب التحرير ''العقيد لطفي'' شهادات و وثائق ملهمة شبيبة ملهمة تحدث كثيرا عن مساهمته في النضال الوطني والثورة التحريرية المجيدة، فكان هذا اللقاء . الشعب: كان لكم مشوار كبير في النضال الوطني شاركتم في النضال الحربي ولتحقتم بصفوف جبهة التحرير الوطني، هل لكم أن ترو لنا تفاصيل الأحداث التي عايشتموها آنذاك؟ بالي: في بداية الأمر خصصت وقتي بالموسيقى قبل أن يلتحق بصفوف النضال تعاطفت كثير، بالقضايا المصيرية، خلال إختلاطي بالمناضلين المحنكين أمثال مختار محمد وابن خاله الإخوة بن شڤرة اللذين كانوا معروفين بمنطقة تلمسان، أثار البغضاء ضد الفرنسيين بعد العملية الإرهابية التي كان ضحيتها الفريق الموسيقي الذي كنت أنتمي إليه، بحي فدان السبع باحواز شمال تلمسان يوم 12 جويلية سنة 1955، عزمت حينئذ على المشاركة مباشرة في النضال الحربي وقررت الإلتحاق بصفوف جبهة التحرير لأنتقل فيما بعد إلى مدينة وجدة بالمغرب الأقصى، حيث تمكنت من الإتصال بالمنظمة الثورية، إنضممت بالأدغال وفرق الكوماندوس تحت قيادة سي صلاح حمادوش، الذي إتخدني أمينا للفريق شاركت في الكثير من الاعمال، من بينها الهجوم على ضيعة ''فورنو'' في 1956، وهجوم على القطار الواصل بين وهرانوتلمسان يوم 20 جانفي سنة 1957و الهجوم الخاطف بقلب مدينة تلمسان في أفريل 1957 وإضرام النار في رحي ليفي يوم 30 ماي 1957، وكذلك عمليات ضد الأفراد وهجمات قمعية ضد المتعاملين مع العدو وأعوان البوليس،عينت فيمابعد ضابط اتصال تم موصل الأسلحة والأوامر بين القيادة وفرق الفرار خلال عامي 1956 و 1957 قبل أن يقرر سي صالح ...... الى المغرب الأقى لتكوني كطيار في البداية، إلا أنه بعث في الأخير معسكر تدريب بالقرب من مدينة بركان بالمغرب الأقصى حيث تم تكويني كالغام ومزيل الألغام، تم توالت أعمالي النضالية. الشعب: ماهي أكثر الاحداث التي بقيت راسخة في ذهنك من خلال مشاركتك في النضال ضد المستعمر الغاشم؟ بالي: خلال إحدى جوازتي المتكررة عبر سد الأسلاك المشوكة، بين ناحيتي فقيق وبشار، قرب مدينة بني ونيف، سنة 1958 أصبت بجروح بشظايا الألغام فنقلت الى المستشفى وجدة، حيث مكثت 3 أشهر ونصف، كما أن السلطات الإستعمارية حكمت علي بداية عشر سنوات حبسا سنة 1956 ثم سنة 1959 وتم حجز أموالي، وحكمت علي أيضا بعشرين سنة حبسا مع الأعمال الشاقة ثم الإعدام خلال نفس السنة، إستقريت بالمغرب الأقصى مشاركا في الحركات النضالية إلى أن أحرزت الجزائر إستقلالها ثم دخلت تلمسان في 1962. الشعب : بعد النضال الطويل، واليوم نحتفل بخمسينية الاستقلال ماهي الرسالة التي تريد إيصالها للجيل الحالي؟ سكت قليلا تم إنهمرت الدموع من عينيه... بالي : لقد عانينا كثيرا من أجل الجزائر، وصلنا إلى هذا الوقت الذي لايدرك بعض من أفراد هذا المجتمع ..... النضال الذي قام به شهداء ومجاهدوا الثورة المجيدة، لا نملك أرشيف ثورتنا ولايوجد الاشخاص الذين يبحثون في التاريخ لكتابة تاريخ الجزائر كل سنة يموتون المجاهدون الذين عايشوا فترة الحرب ويدفنون مع التاريخ أخذت على عاتقي وهذا واجب علي لرد الجميل للجزائر المستقلة الحرة وإعتمدت على إمكانياتي الخاصة لطبع بعض من مؤلفاتي التي تجسد مرحلة هامة من نضالنا الوطني، وقد تم ترجمة معظم كتبي إلى اللغة العربية من طرف كتاب وأساتذة جامعيين، وإن ظلت الترجمة متفاوتة بين النص الأصلي والمنقول ، ذلك أن الترجمة ليست بالأمر الهين، وأريد أن أوجه رسالة إلى شباب اليوم لأقول له انهضو بالجزائر قدموا مالديكم من إمكانيات لتكون الجزائر دولة عصرية متميزة و ''اأدعو'' أجيال الاستقلال أن يحملوا هذه الأمانة المقدسة وأن يساهموا في بناء جزائر العزة والكرامة، فنحن مديونين لمليون ونصف مليون شهيد. الشعب : ماهي آخر أعمالك وكتابتك؟ بالي: عملت غداة الاستقلال في القطاع المصرفي، تم أحلت على التقاعد و أنا حاليا أنتقل بالكتابة والتحرير، كما أقوم حاليا بجمع وترتيب الوثائق النادرة المتوفرة لديا من أجل إتمام كتابة مذكراتي الخاصة التي تبرز الكثير من الحقائق الهامة عن أهم الاحداث التي عايشناها خلال حقبة متميزة من نضالنا الوطني.