يحيي، غدا، سكان بلدية سيدي مزغيش الثورية بولاية سكيكدة أربعينية الفقيد المجاهد بوجمعة حسان المدعو (سي احسن بن ذياب) الذي وافته المنية بتاريخ 01 فيفري 2010 عن عمر يناهز 86 سنة تاركا وراءه أسطورة عملاق من عمالقة حرب التحرير الوطنية. الفقيد ولد في 30 أكتوبر 1924 بمجاز الدشيش بولاية سكيكدة، وتجلى نبوغه بحفظ القرآن وختمه بين سن الرابعة والخامسة عشرة. ثم انتقل إلى تعليم القرآن، والصلاة بالجماعة، كما تعلم الفلاحة وقام بتربية المواشي إلى جانب أعمال أخرى في التجارة. تميزت حياته النضالية بتكوينه السياسي ونشاطه المبكر في عدد من الأحزاب والجمعيات تمهيدا لمشاركته في الثورة. وقد كان انخراطه أولا مع “حزب البيان والحرية” ما بين 1944 و1945، ثم في جمعية العلماء المسلمين برئاسة الشيخ البشير الإبراهيمي وانتقل بعدها إلى “حزب الوطن”. كانت مهمته الأولى في الجهاد والنضال تكوين المواطنين بالمنطقة سياسيا وثوريا كمحافظ سياسي من نوفمبر 1955 إلى مارس 1957، حيث اهتم بتحسيس الشعب والإشراف على الهيكل النظامي في منطقة دوار عرب اسطيحة. أقدم المستعمر على تهديم منزله وتدمير جميع ممتلكاته وتشريد عائلته عام 1956، فوضعت زوجته ذاك اليوم المشؤوم حملها قبل الأوان تحت شجرة زيتون. كاد عسكر العدو أن ينكل بها وبوليدها لولا عناية العلي العظيم. سمى مولوده، الذي فتح عينيه في العراء على النار والدمار باسم “الحربي”. استشهد أخوه بوجمعة الحسين في اليوم، الساعة والمكان الذي استشهد فيه الشهيد البطل زيغود يوسف قائد الولاية الثانية آن ذاك. من الحصارات التي تعرض فيها الفقيد بوجمعة حسن لنيران العدو الفرنسي: حصار البياض قرب قرية سيدي مزغيش، وحصار مشتة أم قطيطة، وحصار مشتة الخرباء. إضافة إلى عدة حصارات بجبل اسطيحة وقعت ما بين 1957و1959. أصبح سي احسن بن ذياب مسؤول قسم من 1959 إلى غاية 1961. وخلال هذه الفترة، لم تكتب له الشهادة في ثلاث معارك كبيرة بالمنطقة ضد عسكر العدو الفرنسي والتي جرت تحت إشرافه حيث ألحق، رفقة مجاهدي المنطقة، خسائر كبيرة في صفوف المحتل. تميزت عبقرية المرحوم بقدرات عقلية فائقة، إذ حباه الله بذاكرة خارقة وصوت جوهري وسرعة بديهة وفصاحة لسان وبلاغة في الخطاب وشخصية قوية، شهد له بها العدو قبل الصديق. دوّخ الاستعمار بحنكته وشجاعته، إذ خصص المستعمر مكافأة لمن يلقي القبض عليه حيا أو ميتا. ولم يكد يتمكن منه الاستعمار إلا باقتراب الاستقلال في المعركة الكبرى التي دارت رحاها بالمكان المسمى الأعيادنة، الواقع بين دوارالتعابنة والمجاجدة بولاية سكيكدة، والتي كان تعدادها 6 آلاف عسكري و25 طائرة، وفقد المرحوم على إثر هذه المعركة رجله اليمنى وسقط أسيرا في أيدي العدو. زاره الكولونال قائد المعركة (بيجار) في المستشفى، وأدى له التحية العسكرية، وهو ملقى على سريره، واعترف له بشجاعته وإقدامه وعبر له عن تقديره واحترامه له كعسكري محنك. زجّ به في سجن سكيكدة بتاريخ 27 ماي 1961، ثم في سجن الكدية بقسنطينة. حكم عليه ب20 سنة سجنا، لكن أطلق سراحه في 4 أفريل 1962، أي قبيل الاستقلال. وكان قلب المرحوم ينبض فرحا لانتصار الجزائر على العد وانتزاع حريتها، رغم ما كلفه ذلك من ثمن بفقدان رجله وتدمير ممتلكاته، وقد احتسب الفقيد كل ذلك عند الله عز وجل كغيره من المجاهدين والشهداء. رحم الله الفقيد وأسكنه منزلة الشهداء والصديقين وألهم أهله وذويه جميل الصبر والسلوان.