في الوقت الذي رفعت فيه وزارة السياحة والصناعة التقليدية رهان إنعاش السياحة داخليا، وقدمت دعوات للمهنين والفاعلين في القطاع لإيلاء الأهمية لهذا المجال، عن طريق تخصيص برامج ورحلات سياحية لأهم المواقع والولايات الساحلية، ما تزال الوكالات السياحة الخاصة تفضل الوجهات الخارجية، كمنتوج سياحي تقدمه للجزائريين كل موسم اصطياف بل وطول أيام السنة، وحجتها في ذلك نقص هياكل الإستقبال، وغلاء أسعار الخدمات، متخفية وراء الفوائد التي تتحصل عليها نظير تحويلها زبون إلى الخارج، أو مقابل بيع تذاكر الرحلات الجوية، لكن هذا لا يمنع من القول، أن الوزارة الوصية تتحمل هي الأخرى جزء كبير من المسؤولية، كونها الجهة التي ينبغي أن تعمل على إقناع تلك الوكالات بالعمل لصالح الوطن، من خلال منحها امتيازات كتلك التي تقدمها لها الدول الأجنبية. أسباب متعددة والنتيجة واحدة تكثف الوكالات السياحة الخاصة، من برامج الرحلات وعروضها الموجهة للجزائريين كل موسم صيف، فتجد واجهة مكاتبها مزينة بجميع اللافتات التي تعلن عن رحلات سياحية منظمة باتجاه، تونس، تركيا، دبي وغير من الوجهات السياحية الخارجية التي مازالت تسيل لعاب أصحاب الوكالات، لما تعود عليهم بالفائدة، فتحويل زبون «سائح» باتجاه الأسواق الدولية يكلف 5 آلاف دينار للواحد وتتضاعف القيمة كلما ارتفع عدد السياح الراغبين في التوجه إلى وجهة دولية في شكل مجموعات، مقابل تقديم امتيازات أخرى للوكالة السياحية، تكون في شكل تخفيضات في أسعار الإيواء بالفنادق، وتوفير وسائل نقل السياح، فضلا عن الفائدة التي تتلقاها نظير بيع تذاكر الرحلات، والمقدرة ب 5 بالمائة بالنسبة للخطوط الخارجية، و3 بالمائة للخطوط الداخلية. وإن كان العديد من أصحاب الوكالات السياحية الخاصة، يرفضون رد تفضيلهم للوجهة السياحية الخارجية، على حساب الداخل إلى هذه الامتيازات، فإن الواقع يفضح تعطشهم، وهرولتهم المستمرة وراء إقناع الزبون بإحدى الواجهات السياحية الخارجية، بديلا عن المنتوج الوطني، والدليل خلو برنامجهم السنوي من الرحلات السياحية المنظمة باتجاه الولايات الداخلية، سواء بالجنوب الكبير، أو المناطق الساحلية. وتبرر السيدة نبيلة، ممثلة وكالة ''إيمان صبرينة سفر''، تفضيل الوجهة الخارجية، إلى إرتفاع أسعار الإيواء بالفنادق حيث تقدر تكاليف الليلة الواحدة في فندق من الدرجة الثالثة ب 9 آلاف دينار، إلى 10 آلاف دينار، وأحيانا أكثر إذا ما تعلق الأمر بفندق تابع للسلاسل الأجنبية، كما هو الشأن لفندق الهلتون الذي تقدر الليلة الواحدة فيه بأربعة ملايين سنتيم، في وقت يكلف قضاء 10 أيام في تونس، أو تركيا 6500 دينار جزائري، وهو ما يساوي قضاء ثلاثة أيام أو أربعة في فندق محترم في الجزائر، هذا دون حساب تكاليف الأكل، والتنقل. الوكالة.. سبيل للحصول على التأشيرة وأرجع بشير غلوس رئيس وكالة ''منتو تور''، إهتمام وكالته بالرحلات السياحية الخارجية، إلى تفضيل الزبون الجزائري الوجهة الدولية، على حساب الداخلية، حيث من مجموع 30 شخصا يمرون شهريا بالوكالة، ثلاثة منهم فقط يختارون الوجهة الداخلية. واعترف غلوس، أن أغلب زبائن الوكالة يبحثون عن «الفيزا»، وهو ما يفسر ارتفاع الطلب على الرحلات الخارجية، خاصة باتجاه أوروبا. ويبحث الشباب خاصة، على إمكانية الحصول على التأشيرة «الفيزا»، لدى هذه الوكالات بعد فشلهم في الحصول عليها لدى القنصليات والممثليات الدبلوماسية المعتمدة في الجزائر، فيقصدون الوكالة للتسجيل ضمن الرحلات المنظمة، كأول خطوة للإلتحاق بالضفة الأخرى من المتوسط، وهو السبب الذي جعل الكثير من تلك الهيئات، تلغي العمل مع الوكالات السياحية. وتعرض الوكالة رحلات باتجاه تركيا، تونس، دبي بأسعار تتراوح ما بين 25 ألف دينار للأسبوع، إلى 12 ألف دينار جزائري، وتعتمد تخفيضات تصل إلى 10 بالمائة للأفواج السياحية. المرسوم يلغم الوضع والوزارة مطالبة بالتحرك شجع، المرسوم التنفيذي 10 186 المقنن لنشاط الوكالات السياحية، أصحاب هذه الأخيرة على الترويج للسياحة الخارجية على حساب الداخلية، حيث فضل الكثير من الذين استجابوا للشروط الجديدة المتضمنة في المرسوم، تجديد اعتمادهم وفق التصنيف الذي يسمح لهم بالترويج للسياحة الخارجية، تاركين التصنيف الأول الذي يختص بالنشاط الحصري في السياحة الوطنية، والاستقبالية، وهو خيار أسقط الوزارة الوصية في فخ آخر، وجعلها تخسر عملاء لصالح الأسواق الدولية. ويقول أحد المهنيين في القطاع، رفض ذكر إسمه، أن الوزارة الوصية أخطأت عندما تركت حرية الاختيار بين الصنفين لأصحاب الوكالات السياحية، حيث كان الأجدر بها أن تبقي على النظام القديم، وتلزم تلك الوكالات بالترويج للسياحة الداخلية، والخارجية على حد سواء. ويضيف المصدر، أن أغلب أصحاب الوكالات السياحية الناشطة في الميدان، فضلت التصنيف الثاني، ما جعل الوكالات العمومية تواجه وحدها مسؤولية إنعاش السياحة الداخلية، وهي مهمة يصعب تنفيذها في ظل ضعف الإمكانيات ونقص هياكل الاستقبال، الأمر الذي يستوجب على الوزارة الوصية الإسراع في الإفراج عن قانون تأجير مساكن العائلات للسياح، فمن شأن هذا الأخير أن يرفع عدد هياكل الاستقبال، ويوفر خدمات بأثمان معقولة، قد تجر الفنادق إلى إعادة النظر في أسعار الايواء.