استطلعت «الشعب» واقع السياحة الجزائرية والعراقيل التي تقف دون تطويرها وجعلها قطبا منافسا مع دول المتوسط وهذا من خلال زيارة الصالون ال13 للسياحة والأسفار الذي احتضنته الجزائر مؤخرا والذي كان فرصة للمتعاملين الوطنيين والدوليين لتطوير العلاقات وتبادل الخبرات ورفع مستوى التعاون والوقوف عند النقائص التي تحول دون تطوير القطاع. تعرف السياحة الجزائرية تناقضات كبيرة جعلتها بعيدة كل البعد عن القدرات التي تمتلكها فقدراتها التي تصنفها في المرتبة السابعة عالميا تبقى العائدات والمساهمة في الناتج الداخلي الخام ضعيفة جدا ففي آخر حصيلة للمركز الوطني للإعلام الآلي والإحصاء للجمارك أكد أن المحروقات تحتل الصف الأول في تسجيل العائدات بالعملة الصعبة بأكثر من 97 ٪. وتسيطر على السوق السياحية في بلادنا 1200 وكالة تنشط بطريقة فوضوية نوعا ما في ظل تركيزها على تصدير السياح الجزائريين نحو مختلف الوجهات الخارجية، مع حركة ضعيفة من الخارج إلى نحو الداخل في صورة تؤكد المشاكل الكبيرة التي تعرفها السياحة ببلادنا. أزمة منطقة الساحل وضعف الاستثمار وراء تراجع السياحة الصحراوية أرجع (ح/ع) مستشار قانوني في مؤسسة التسيير السياحي لتمنراست ضعف النشاط السياحي بمنطقة الجنوب الجزائري إلى تدهور الوضع الأمني بالدول المحاذية للجزائر وخاصة بليبيا ومالي حيث خلفت التطورات الأخيرة تأثيرا سلبيا على الإقبال المكثف للسياح. وأضاف المتحدث في حديث ل«الشعب» أن الظروف التي مرت بها الجزائر والتهديدات الإرهابية عرقلتا تطور النشاط السياحي وازدهاره ورغم ذلك نسعى للمقاومة من اجل الحفاظ على حصتنا في السوق التي تعرف تنافسا كبيرا مع القطاع الخاص. وقال المتحدث أن ضعف الاستثمار في قطاع الخدمات في الجنوب من أسباب تراجع الأداء السياحي «.. فالمؤسسة التي أشتغل فيها تملك فندقين، واحد بتمنراست يدعى تاهات ب146 سرير وفندق تيديكلت بعين صالح ب64 سرير، وهما الوحيدان على مستوى المنطقة غير أن فندق «تاهات» الذي أنجز في 1978 لم يرمم منذ 1989 أين فشلت كل المناقصات وهو ما جعل حالته تتدهور ونأمل من المناقصة الأخيرة التي أطلقت في إعطائه الوجه اللائق..». وبالإضافة إلى فندق تاهات «...نأمل في توسيع قدرات فندق تيديكلت بالنظر للإقبال المكثف عليه، وسنوسع نشاطنا مستقبلا إلى منطقة «آراك» أين منحتنا السلطات قطعة أرض كبيرة لبناء مركب فندقي سيكون قيمة مضافة لنا». وتدخل هذه الخطوة في سياق حرية المبادرة التي باتت تتمتع بها الشركة التي تملك وكالة «طاها تور» المشرفة على تنظيم رحلات في الصحراء أو ما يسمى «السفاري» ب«الطاسيلي ناجر» و«الهقار». وحتى وان كانت حصتنا من السياح الأجانب قليلة بفعل المنافسة التي نلقاها من القطاع الخاص بالمنطقة والذي يملك وكالات بفرنسا تجعله يستفرد بالسياح من المطار دون أن يتعاملوا معنا خاصة في مجال الإيواء، فالحصول على عقود مع شركات وطنية على غرار «سوناطراك» والتعامل مع بعض المواطنين عوضنا عن الفراغ. وأشار المتحدث إلى غلاء أسعار تذاكر الطائرة من الشمال إلى تمنراست التي تقف حائلا لتشجيع السياحة الصحراوية ببلادنا حيث تصل تكاليف رحلة شخص لأسبوع حوالي 90 ألف دينار، وهو مبلغ مرتفع بالمقارنة مع المستوى المعيشي، وهناك وجهات أخرى خارجية تعرض أسعارا اقل وخدمات أرقى وهو ما يجعلنا في موقع ضعف. وفي سؤال ل«الشعب» حول عدم القيام بإعلانات اشهارية للوجهات السياحية في الصحراء الجزائرية للتعريف بالمقاصد والأماكن أجاب محدثنا أن أسعار الإشهار في وسائل الإعلام مرتفعة كثيرا معترفا بضعف هذه الحلقة في المجال السياحي بالجزائر. السواحل أكثر حظا تعرف المناطق الساحلية انتعاشا كبيرا في النشاط السياحي بفعل توفر بعض الإمكانيات، ونقص تكاليف الاستثمار بفعل قربها من مختلف المناطق الحيوية والإستراتيجية. واستفاد مركب الأندلسيات بوهران الذي أخذناه كعينة من عمليات ترميم كبيرة جعلته قبلة رقم واحد على مستوى الغرب الجزائري مثلما تحدث عنه بن عبد القادر محمد موظف بالأندلسيات حيث نوه بالدعم الكبير الذي تلقاه المركب من السلطات من خلال تجديد حظيرة الإيواء التي تتوفر على 175 شقة وفيلا فندقية و402 غرفة و14 غرفة ملحقة. ويعرف المركب ازدهارا كبيرا على مدار السنة وتحدث بن عبد القادر على الاهتمام البالغ للجزائريين بالمركب في الصالون الذي كان ناجحا على جميع المستويات حيث سمح لنا بإقامة علاقات عمل وترويج بالإضافة إلى الاستماع لانشغالات الزبائن والمواطنين المطالبين بتخفيض الأسعار في ظل تدهور القدرة الشرائية. المواطنون مهتمون بالوجهات التركية والخليجية وتونس اقتربت «الشعب» من المواطنين الذين قصدوا صالون السياحة الذي احتضنه قصر المعارض بقوة للاطلاع على مختلف العروض من أجل التحضير لعطلة الصيف ولقينا إجماع لدى الذين تحدثنا معهم بتفضيلهم للوجهات الخارجية. وأكد (ح/م) مصرح جمركي أن الوجهات الخارجية وخاصة تركيا تجلب الكثير من الاهتمام بفعل الأسعار المغرية ووفرة الخدمات و«....قد قمت برحلة أنا وزوجتي ب120 ألف دينار بما فيها تذكرة السفر وهو المبلغ الذي لا يسعني لأن أقوم برحلة نحو الجنوب الجزائري». وطرح نفس المتحدث مشكلة غلاء النقل الجوي ببلادنا داعيا إلى تخصيص عروض تخفيضية مثلما فعلته الجوية الجزائرية بالصالون من خلال تخفيض الأسعار إلى 50 بالمائة. فهي فرصة من شأنها أن تقنع الأفراد بالسفر وتغيير الوجهة. وتبقى الأسعار المطبقة وخاصة على الخطوط الداخلية مرتفعة وتفوق السفر إلى دول أوروبية في بعض الأحيان. وأكد «ت/رياض» موظف بمؤسسة خاصة عن تفضيله دبي للسياحة وصرح ل«الشعب» «... زيارة الإمارات العربية المتحدة يجعلك تنبهر للخدمات التي يستفيد منها السائح سواء في الفندقة 5 نجوم أو النقل أو القيام برحلة «سفاري» في عمق الصحراء وكل هذا ولمدة أسبوع ب120 ألف دينار وهو المبلغ الذي لا يكفيك لتسديد 3 أيام للإقامة في فندق 5 نجوم في الجزائر. وانتقد المواطنون كثيرا واقع السياحة ببلادنا من خلال تدهور الخدمات وضعف مرافق الاستقبال وتحدث «ك.أمين» مقاول عن إعجابه بتونس وما توفره من خدمات وأسعار مغرية تجعلك لا تفكر كثيرا في اختيار حمامات ياسمين أو سوسة أو جربة لقد عدت منذ 20 يوما قضيت هناك 10 أيام في أحسن الظروف بمبلغ لا يتعدى 500 أورو ولكم أن تقارنوا مع الأسعار المعروضة في الجزائر.