في الوقت الذي تشهد المنطقة المغاربية وضعا غير مسبوق، بسبب عودة المواجهات بين جبهة البوليساريو والمغرب، بعد انتهاك هذا الأخير لاتفاق وقف إطلاق النار في نوفمبر 2020، يصرّ المخزن على سياسة الهروب إلى الأمام بدعوة نشاز، يطلب من خلالها بإجراء مفاوضات مع الجزائر حول النزاع في الصحراء الغربية؟ لم يجد ناصر بوريطة، وزير خارجية المملكة المغربية، من رد مقنع على دعوة الجزائر، على لسان وزير خارجيتها صبري بوقدوم، إلى ضرورة إطلاق مفاوضات جادة بين طرفي النزاع، المغرب وجبهة البوليساريو، إلاّ إعادة اجترار تلك الاسطوانة، بينما يدرك جيّدا أنّ خصمه هو الشعب الصحراوي الذي تفاوض ثم وقّع مع ممثله الشرعي، جبهة البوليساريو، اتفاقا لوقف إطلاق النار قبل 30 سنة وفق التسوية الإفريقية الأممية. الضربات الموجعة التي تتلقاها الدبلوماسية المغربية، لا سيّما في أروقة الاتحاد الإفريقي، أدخلت المخزن في حالة من التخبّط والارتباك، لهذا وبدل أن ينظر إلى الأمور بطريقة موضوعية وواقعية، يصّر على سياسة التملّص والهروب، علّه يربح المزيد من الوقت، غير أنّه تناسى أنّ ذلك لم يعد ممكنا بعد استئناف الأعمال القتالية بين طرفي النزاع جرّاء خطيئة انتهاكه لوقف إطلاق النار، يمنّي النفس من أجل العودة إليه، بعدما أدرك حجم الحماقة التي اقترفها. يبدو أن المغرب لم يدرك بعد أن القضية الصحراوية أخذت بعدا آخر، بعد استعادة الاتحاد الإفريقي للملف وتجلّى ذلك بوضوح من خلال دعوة مجلس الأمن والسلم الإفريقي، في بيان اجتماعه الختامي المنعقد في 9 مارس الماضي، إلى وقف الأعمال القتالية ودخول طرفي النزاع في مفاوضات مباشرة ودون شروط مسبقة، وفقا للمادة 4 من القانون التأسيسي للاتحاد، مع مطالبة المفوّضية بالإسراع في إعادة فتح مكتب الاتحاد في العيون المحتلة، في ضربة أخرى (لدبلوماسية القنصليات) الفاشلة التي عوّل عليها المخزن لفرض سياسة الأمر الواقع؟.