(الشعب) ألقى أمس السيد الطيب بلعيز وزيرالعدل الأختام كلمة بمناسبة افتتاح السنة القضائية 2008 2009 هذا نصها: بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسوله الكريم فخامة سيدي رئيس الجمهورية، القاضي الاول للبلاد، ورئيس المجلس الأعلى للقضاء. أصحاب الدولة والمعالي والسعادة السيد الرئيس الأول للمحكمة العليا والسيدة رئيسة مجلس الدولة، والسيدات والسادة القضاة. السيدات والسادة، الحضور الكريم. السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته. شرف عظيم، وداع من دواعي سعادتي وسروري، أن أتناول الكلمة أصالة عن نفسي، ونيابة عن السيدات والسادة، قضاة وموظفي سلك العدالة كافة، لأرحب بكم، فخامة سيدي رئيس الحمهورية، وبالحضور الكريم، في هذه المناسبة الوطنية الجليلة، جلال دلالتها المفحمة بمعاني العدل والقسطاس، وما ترمز اليه من تكريم للانسان، وإرساء لدعائم دولة القانون والمؤسسات، تحت قيادتكم الرشيدة للبلاد. فإليكم، فخامة سيدي رئيس الجمهورية، أرفع تحية إجلال وإكبار، على حرصكم الدائم وإلتزامكم المتواصل، بإشرافكم شخصيا، منذ إعتلائكم سدة القاضي الاول للبلاد، على مراسيم افتتاح السنة القضائية في كل عام. وانها لسنة من سننكم الحميدة، المعبرة عما يختلج في وجدانكم، من رؤى سديدة لمستقبل البلاد، نحو تعزيز امنها واستقرارها، ومضاعفة نمائها وازدهارها، ودليل ساطع على حرصكم وتفانيكم في استكمال مابادرتم بتجسيده على ارض الواقع، من خلال مخططكم الوطني للتنمية الشاملة، وبرنامجكم الجريء لإصلاح العدالة، الذي جعلتم منه اولوية وطنية ومبتدأ لاقامتكم دولة القانون والمؤسسات، من منطلق حبكم لهذا الشعب والوطن، وايمانكم الراسخ بمبادىء حقوق الانسان والقيم الانسانية المشتركة، اصالة مشهودة لكم، ووفاء منكم للعهد مع رفاقكم واخوانكم، مجاهدينا المغاوير وشهدائنا الابرار، الذين ناهضوا الحيف والجور والظلم، وقدموا أرواحهم الزكية فدية للتحرر والإنعتاق، وقربانا للحرية والعدل. فإلى هذه المرجعية، فخامة سيدي رئيس الجمهورية، والأسوة الحسنة، المتجلية في شخصكم الكريم، وما أقرنتموه بها من عناية سامية، وتوجيهات سديدة، ومد مادي ومعنوي متواصل للمؤسسة القضائية في تطبيقها لبرنامج اصلاح العدالة، يعود فضل حشد سائر عناصر الاسرة القضائية ومساعدي واعوان القضاء كافة، حول هذا البرنامج الطموح، وتعبئة طاقاتهم وقدراتهم في بلوغ أهدافه وإدراك مقاصده، التي باتت متجلية في استكمال العدالة الوطنية إستقلالها، وإنخراطها في مضمار الحداثة والعصرنة، وبسط القانون سيادته وسلطاته، وعولمة منظومتنا التشريعية، التي أضحت في تطابق تام مع قيمنا ومثلنا الوطنية، وإتساق كامل مع إلتزاماتنا الدولية ومبادىء حقوق الانسان والقيم الإنسانية المشتركة. إصلاح العدالة حقيقة ملموسة فخامة، سيدي رئيس الجمهورية السيدات الفضليات والسادة الافاضل لقد جرت العادة ان تعطي بمناسبة مراسيم افتتاح السنة القضائية الجديدة، والى حينها اطلالة وجيزة عن وضع المؤسسة القضائية وسير دواليبها، وماترنو الى تحقيقه من مشاريع مستقبلا. وفي هذا الاطار، أؤكد لكم فخامة سيدي رئيس الجمهورية، وللحضور الكريم، بان ماتحقق من تقدم في اصلاح العدالة، حقيقة ملموسة وواقع معيش، لاجدال فيه. فعلاوة على الاصلاحات التي استهدفت النقائص الآنية الكبرى، لاسيما في باب تيسير علاقة المواطنين بالعدالة، وإيقاف مسلسل بطء الفصل في القضايا، وظاهرة التقاعس والمماطلة في تنفيذ الاحكام والقرارات القضائية، اذ باتت نسبة التنفيذ في عموم ارجاء التراب الوطني تقارب سنويا 90 ٪ ، ومدة فصل المحاكم والمجالس القضائية لاتتجاوز في المواد المدنية ستة 06 أشهر، ودونها بثلاثة 03 أشهر في القضايا الجزائية. قلت، علاوة على هذا، فان برنامج اصصلاح العدالة قد اثمر في محوره المتعلق بمراجعة واثراء منظومتنا التشريعية، حتى الآن، عددا من النصوص القانونية، اما مستحدثة او مراجعة، بلغت في مجملها 133 نصا تشريعيا وتنظيميا، مست مختلف الجوانب ذات الصلة بعمل السلطة القضائية وتهذيب الحياة العامة، وحماية وإحترام حقوق الإنسان، وتنظيم العلاقات التعاقدية والمعاملات، بما يتفق والتوجهات الإقتصادية للبلاد، وتنفيذ برامجها التنموية. ولعل أهم مكسب تحقق في غضون السنة القضائية المنصرمة، هو صدور قانون الإجراءات المدنية والإدارية، الذي جاء بما تضمنه من مبادىء كلية واحكام تفصيلية، لإرساء نهضة قانونية في مجال تيسير وتبسيط الاجراءات، وضمان حقوق الدفاع، وتعزيز سلطة القاضي المدني في المبادرة عند الاقتضاء، بوضع حد للاجراءات التماطلية. كما شهدت هذه السنة ايضا، تنصيب آليات قضائية جزائية ذات اختصاص إقليمي موسع، يؤطرها قضاة وأمناء ضبط، متخصصون في معالجة قضايا مكافحة الاشكال الجديدة للاجرام، وظاهرتي اللصوصية والفساد بمختلف صوره مع تفعيل جاد وواسع لوسائل التعاون القضائي الدولي لمكافحة الجريمة. وسيشرع ابتداء من دخول قانون الاجراءات المدنية والادارية الجديد حيز التنفيذ خلال شهر أفريل المقبل، في تنصيب الآليات القضائية المدنية ذات الاختصاص الاقليمي الموسع للفصل في منازعات التجارة الدولية، والمنازعات المتعلقة بالشركات التجارية والملكية الفكرية وغيرها من القضايا، التي تحتاج بطبيعتها المختلطة والمعقدة الى قضاة متخصصين للفصل فيها، وفقا للآليات القانونية المستحدثة في تشريعنا الوطني، بما يتسق مع التوجه الاقتصادي للبلاد، ويساير أرقى وأحدث الآليات القانونية في مجال التجارة والاقتصاد من حيث توفير الضمانات القانونية والقضائية، الكفيلة بحماية وتشجيع الاستثمار. ولأن إعداد إقتراحات القوانين، بما يتماشى والتطور الحاصل في المجتمع يتطلب، ضمان التطابق بين نصوص القوانين وروحها، تفاديا لإنعكاساتها السلبية عند التطبيق، فقد تم تنصيب مركز للبحوث القضائية والقانونية، تطمح من خلاله إلى إرساء أسس علمية لمخبر بحث قانوني وقضائي، يعني بدعم الجهود المبذولة في إطار عملية تطوير منظومتنا التشريعية ومواصلة العمل على مسايرتها للتقدم والحداثة والعصرنة. وعملا بتوجيهات فخامتكم، الرامية الى ضرورة مواكبة العدالة للتطورات ذات الصلة بالمجالات القانونية والقضائية، على المستويين الوطني والدولي، فقد تم تكثيف برامج تكوين القضاة، في مجال محاربة الاشكال الجديدة للاجرام الخطير، مثل جرائم المعلوماتية، وتبييض الاموال، والاتجار في المخدرات، وتمويل الارهاب، وجرائم الصرف، والجريمة المنظمة العابرة للحدود، وكذلك في مجال التجارة الدولية، والتحكيم، والمنازعات المتعلقة بالشركات التجارية، والملكية الفكرية وغيرها، وهي مجالات اما حديثة او عرفت تطورا كبيرا في عصرنا هذا، مما يستدعي مواكبة التكوين لها، وللنصوص التشريعية الجديدة، التي سنت بغرض مسايرة التطور والحداثة والترتيب لمواجهة اسقاطات وافرازات التحولات الاجتماعية والاقتصادية فيما قد تهدد به امن واستقرار المجتمع. واعتبار ان تخصص القضاة اضحى حتمية مؤكدة لمواجهة تعقد المنازعات القضائية وتشعبها، فان تكوين القضاة تكوينا متخصصا طويل الامد لم يتوقف منذ الشروع فيه، سواء بالمدارس والجامعات الاجنبية، او بالمعاهد والمؤسسات التعليمية الوطنية المتخصصة، وهو ما ادى تدريجيا الى تكوين نخبة من القضاة في فروع وتخصصات مختلفة، بلغ عددهم الى الآن 584 قاضيا، منهم 113 قاضيا تلقوا تكوينا متخصصا بالخارج. وفي اطار التعاون مع الدول الصديقة ومنها فرنسا، والولايات المتحدةالامريكية وبلجيكا واسبانيا وسويسرا، وبمساهمة من البرامج الممولة من طرف الاتحاد الاوروبي، استفاد 528 قاضيا من دورات تكوين قصيرة المدة بالخارج، في مواضيع شتى. وتطبيقا لأمر فخامتكم في سنة ,2004 برفع تعداد القضاة مع حلول افاق سنة ,2009 الى 50 ٪ من مجموعهم في سنة ,1999 الذي لم يكن يتجاوز 2500 قاضيا، بمختلف الرتب والدرجات وفي كل الجهات القضائية، فانه بتخرج الدفعتين، في طور التكوين بالمدرسة العليا للقضاء، مع نهاية السنة القضائية الجديدة، سيتم الانتهاء من تجسيد هذا البرنامج، كاملا. ويتواصل في نفس المسعى ايضا، مجهود تدعيم تعداد موظفي الجهات القضائية من مختلف الاسلاك وتحسين نوعية آدائهم، عن طريق تكثيف دورات تكوينهم بمختلف المراكز الجهوية المتخصصة، وفق برامج في منتهى الحداثة والمسايرة للتغيرات النوعية في أساليب العمل بالجهات القضائية، وما أدخل عليها من إعلام آلي، وتكنولوجيات حديثة للاتصال. ولأن عصرنة قطاع العدالة لاتقتصر في مفهومها على ادخال التكنولوجيات الحديثة للاعلام والاتصال فحسب بل تتعداه الى فرض تغيير للذهنيات والسلوكات، واعادة النظر في المناهج والتنظيم قصد عقلنة العمل القضائي وتبسيط اجراءات التواصل مع القضاء، مسايرة للتطور ومتطلبات العصر، واستجابة للحاجة الى عدالة ميسرة للجميع، وسريعة غير متسرعة، تتماشى والمفهوم التطبيقي لمبادىء حقوق الانسان، فان قطاع العدالة، قد عمل في هذا المنحى، على تحقيق منجزات هامة، منها النظام الجديد لصحيفة السوابق القضائية، الذي فضلا عن مواصلته توفير خدماته العمومية لجميع المواطنين، عبر التراب الوطني، في زمن قياسي دون عناء او جهد، فإنه قد أفاد، خلال هذه السنة، آلاف المواطنين المحكوم عليهم، من رد اعتبارهم بقوة القانون. وهناك أيضا، النظام الآلي لتسيير ومتابعة الملف القضائي، الذي انتهت عملية تعميمه على سائر الجهات القضائية، خلال هذه السنة، واصبح يلبي حاجة المواطنين والمتقاضين ومساعدي العدالة، في تزويدهم بكل المعلومات الخاصة بقضاياهم، عبر الشباك الإلكتروني، الذي وضع في خدمتهم على مستوى كل جهة قضائية. وقد إنصبت الجهود خلال هذه السنة كذلك على تعزيز الهياكل وتطوير الاجهزة والانظمة الآلية، قصد استغلالها الاستغلال الامثل، في تحسين مستوى اداء الخدمة العمومية تجاه المواطنين. اذ تم في هذا الاطار، تحقيق عدة انجازات هامة ورائدة في مجال توفير المعلومات المتعلقة بالقضايا أمام المحكمة العليا، على مستوى كل مجلس قضائي، حيث أصبح بإمكان المتقاضي، بأي جهة من جهات الوطن، الحصول مباشرة أو بواسطة محاميه، على المعلومات الخاصة بقضيته امام المحكمة العليا، غير المجلس القضائي حيث دائرة إقامته، أو من أي مجلس قضائي آخر بالتراب الوطني. كما ان تجربة المحاضرة عن بعد، بالصورة والصوت، التي غطت أحداثا في غاية من الاهمية، عن طريق الشبكة القطاعية لوزارة العدل، ستمهد الطريق لفتح آفاق واعدة، لاسيما في مجال التكوين، وسماع الشهود وبعض المتهمين الخطرين عن بعد، اعتمادا على نظام الاتصال عبر الاقمار الصناعية ڤشءس ضڤ الذي هو على وشك الانتهاء من اشغاله. ولايفوتني، في هذا السياق التنويه بالتجربة التي شرع العمل بها ايضا، منذ اشهر قليلة والمتمثلة اساسا، في امكانية قيام قضاة المحكمة العليا ومجلس الدولة، بمعالجة ملفاتهم عن بعد، انطلاقا من اقرب مجلس قضائي لسكناهم، وهي تجربة رائدة، والاولى من نوعها، نتطلع الى تعميمها على سائر القضاة، بمختلف الجهات القضائية. وحرصا على انجاز المشاريع الهامة، تم فتح ورشات، خلال هذه السنة، لرقمنة الارشيف القضائي بعدة جهات قضائية، والتي يجري حاليا، العمل على تعميمها، لتشمل كافة المحاكم والمجالس القضائية. وسيتم الشروع، خلال هذه السنة ايضا، في عملية رقمنة سجلات الحالة المدنية على مستوى المجالس القضائية، وهي عملية فضلا عن توفيرها الحفظ الجيد لهذه السجلات، فانها ستمكن من الاستجابة السريعة لطلبات المواطنين، ومن الرقابة الفورية والفعالة، لهوية الاشخاص المتابعين او المحكوم عليهم، قضائيا. وفي اطار تسهيل وتيسير تواصل الجميع مع المؤسسة القضائية، دون اقصاء اي فئة، إنصب الإهتمام، خلال السنة الماضية، على تهيئة المحيط، وتوفير الظروف الملائمة واللائقة بإستقبال ذوي الاحتياجات الخاصة وتلبية طلباتهم، من خلال تهيئة ممرات مخصصة للمعوقين حركيا، واحداث مرافق اخرى، متنوعة، مثل قاعات التمريض وشباك خاص، مزود بالأجهزة الحديثة، كطابعات لبراي ڤمٌٌىفْڤ التي تسمح للفئة المكفوفين بقراءة الوثائق والمستندات القضائية. واشير في هذا السياق، الى انه تم تسطير برنامج لتكوين امناء الضبط على مستوى الجهات القضائية في لغة الاشارات، والذين انطلقت منهم الدفعة الاولى، فعلا في تلقيها لهذا التكوين التخصصي، منذ اسابيع. وفي مجال اصلاح السجون، يشهد القطاع حركية دؤوبة ومتواصلة لتجسيد الاصلاحات المسطرة على ضوء السياسة العقابية الجديدة، والتطابق التام مع المعايير العالمية المعتمدة في مجال التكفل بالمحبوسين، واستعمال الاساليب العلمية الحديثة والمتطورة في عملية اعادة تربيتهم واعادة ادماجهم في المجتمع. فالاهتمام والعناية بأنسنة ظروف إيواء النزلاء، والحرص على معاملتهم معاملة تحفظ لهم الكرامة الانسانية، وترعى حقوقهم المشروعة، حقيقة اشادت بها جميع الوفود، الاوروبية والافريقية، التي حلت ببلادنا في اطار برامج التعاون، وكذلك المنظمات الحكومية وغير الحكومية التي زارت مؤسساتنا العقابية والتي نوهت جميعها، بالانجازات والمحققات المستحدثة في هذا الحقل من تطبيق مبادىء حقوق الانسان، وابهرتها، فوق كل ذلك، التغطية الصحية الشاملة للنزلاء، واستمرارها دون انقطاع من خلال دوام التأطير الطبي وشبه الطبي بالمؤسسات العقابية، وانواع التجهيزات والمعدات الطبية، المتوفرة بعياداتها. وفي إطار مساعي وجهود تحسين ظروف الإحتباس دائما، شرعت وزارة العدل في تنفيذ مشروع بناء 81 مؤسسة عقابية جديدة، طبقا لأحدث المعايير الدولية وأكثرها تطورا. مع الإشارة إلى أن هذا العدد من المشاريع، يتضمن مشاريع بناء 13 مؤسسة عقابية بطاقة إستيعاب إجمالية، تتسع ل 000,19 مكان حبس، تم تسجيلها والشروع في إنجازها خلال السنة المنصرمة، ليتم إستلامها نهاية السنة المقبلة، تنفيذا للبرنامج الإستعجالي، الذي أمرتم به، فخامة سيدي رئيس الجمهورية، من منطلق حرصكم وإصراركم، على الإسراع في الإحاطة بالمعوقات الناجمة عن فقدان مؤسساتنا العقابية الموروثة، للهياكل والفضاءات الملائمة للآليات المستحدثة ضمن سياستنا العقابية، والمنتهجة منذ صدور القانون الجديد لتنظيم السجون وإعادة إدماج المحبوسين إجتماعيا. ونظرا إلى أن الميدان الفلاحي ببلادنا، ميدان بكر وواعد، ومجال من المجالات الحيوية الأكثر قدرة على إستيعاب إعداد غير متناهية من اليد العاملة، وتوفير الحياة الكريمة والشريفة لكل راغب في العيش المتنامي والثراء المستدام، فإن قطاع العدالة، يعمل على إنتهائه، خلال السنة القضائية الجديدة من إنجاز 25 مؤسسة عقابية مفتوحة، تتسع ل 5000 محبوس قادر ومؤهل لتلقي أصول وأساليب حرفة الزراعة. وأشير إلى ان عدد النزلاء المسجلين لتلقي تعليمهم بمختلف أطوار التعليم، وفي دروس محو الأمية، قد إرتفع من 1720 نزيلا في عام ,2002 الى 740,15 نزيلا سنة .2008 وقفز عدد النزلاء المسجلين لمزاولة تكوين مهني، خلال نفس الفترة، من 1026 نزيلا الى 220,15 نزيلا، مع تسجيل زيادة معتبرة في تنوع التخصصات التي اصبح عددها اليوم 79 تخصصا. وفي مجال التتويج بالشهادات الرسمية لطوري التعليم الثانوي والمتوسط، احرز نهاية السنة الدراسية الماضية، 481 نزيلا على شهادة البكالوريا في مختلف التوجهات، و 772 نزيلا على شهادة التعليم الاساسي. وتجدر الاشارة الى ان الآليات المرنة في مجال تكييف العقوبات والاطر الجديدة لاعادة ادماج المحبوسين اجتماعيا، التي استحدثها قانون تنظيم السجون واعادة الادماج الاجتماعي للمحبوسين، قد ساهمت الى جانب الامكانيات الموقرة، في تحفيز النزلاء، على التعلم وتلقن الحرف، وسلوكهم السلوك الحسن، للظفر باحدى انظمة الإفراج المشروط، والحرية النصفية، واجازة الخروج، والافراج في اطار الأنشطة ذات المنفعة العامة، وكذلك في الادماج الاجتماعي لعدد معتبر من المفرج عنهم، الذين بلغ عددهم خلال السنة المنصرمة 1911 مفرجا عنه، مدمجا في عالم الشغل. وتفعيلا لسياسة اعادة ادماج المحبوسين اجتماعيا، تم استحداث مصالح خارجية لإدارة السجون وهي آلية تستحدث لأول مرة، منذ الاستقلال، غرضها ارشاد المفرج عنهم ومساعدتهم على اعادة ادماجهم اجتماعيا، بالاضافة الى متابعتها المحبوسين المستفيدين من مختلف انظمة اعادة الادماج. وقد تم تنصيب اول مصلحة من هذه المصالح، على مستوى مجلس قضاء البليدة، في شهر جويلية المنصرم، ليتم تعميم ذلك تدريجيا على باقي المجالس القضائية، مستقبلا. وخارج هذا الاطار، أشير إلى ان قطاع العدالة عرف قفزة كمية ونوعية في مجال تدعيم الهياكل القضائية، وتوفير وسائل العمل بها، اذ استفاد من 44 مقر جديد، منها 16 مقر مجلس قضائي و 25 مقر محكمة، فضلا عن توسيع وترميم باقي الهياكل الاخرى، في اطار عملية مستمرة لاتزال متواصلة. إرساء أسس دولة القانون والحريات فخامة سيدي رئيس الجمهورية أمام متابعتكم الحثيثة والمستمرة لتطبيق برنامج إصلاح العدالة، خلال كامل أشواطه وفي جميع مراحله، وأمام تجلي منجزاته ومحققاته للجميع على أرض الواقع، التي لا أرى أصدق منها تعبيرا عن المكتسبات التي أحرزت عليها عدالتنا الوطنية، منذ إعتلاء فخامتكم منصب القاضي الأول للبلاد، فإنني أستسمحكم، فخامة سيدي رئيس الجمهورية، في الإكتفاء بهذه اللمحة الوجيزة، والقول بأن ماتحقق من منجزات في إطار برنامجكم لإصلاح العادلة، وماهو في طريقه إلى الإنجاز، قد أرسى أسس دولة القانون والحريات، وأهل السلطة القضائية للإدلاء بدلوها في مشروع التأسيس لمجتمع الحداثة والعصرنة، الذي يتوق إليه أفراد الشعب قاطبة، ويرومون بلوغه وتحقيقه، تحت قيادتكم الرشيدة للبلاد. والأسرة القضائية، قضاة وموظفين ومساعدين وأعوانا، كلهم واعون ومدركون للتحديات الجديدة ومسؤولياتهم تجاهها، ومجندون للمحافظة على المكتسبات، ومواصلة عملهم في آداء رسالتهم، على نحو مايرضى الله والضمير، ويعزز أمن وإستقرار الوطن، ويحقق له أسباب النماء والتقدم والإزدهار. وأرى أنه من واجبي، في حضوركم وبهذه المناسبة، التنويه والإشادة بعزيمة وجهود النساء والرجال، الذين أبلوا البلاء الحسن، في إنجاح برنامج إصلاح العدالة خلال جميع مراحله، ولازالوا على العهد باقين، مجندين ومثابرين على آداء واجبهم في الصمت والعلانية. فإلى هؤلاء النساء والرجال، قضاة ومساعدي القضاء وأعوانه، وموظفي أمانات الضبط وقطاع السجون، ورجال الضبطية القضائية، بمختلف أسلاكهم ورتبهم، والأساتذة المؤطرين المشرفين على التكوين، وسائر عمال وإطارات القطاع، أتوجه بتحية خاصة، وبالشكر والتقدير والعرفان، على إخلاصهم وتفانيهم في آداء الواجب، والوفاء بالأمانة نحو الشعب والوطن. وأرفع إليكم، فخامة سيدي رئيس الجمهورية، أصالة عن نفسي ونيابة عن أفراد الأسرة القضائية قاطبة، أسمى آيات الثناء والإمتنان، على دوام دعمكم وسخاء مننكم، ورعايتكم السامية للمؤسسة القضائية والقضاء. وشكرا للحضور الكريم، على مشاركته لنا مراسيم إفتتاح هذه السنة القضائية، وعلى حسن المتابعة وكرم الإصغاء. والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.