عرقاب يشارك في الاجتماع الخاص بمشروع ممر الهيدروجين الجنوبي    رمضان القادم سيعرف وفرة في مختلف المنتجات الفلاحية    رخروخ يشرف على وضع حيز الخدمة لشطر بطول 14 كلم    انطلاق الطبعة 20 للمسابقة الدولية لجائزة الجزائر لحفظ القرآن وتجويده    المشاركون في جلسات السينما يطالبون بإنشاء نظام تمويل مستدام    تحرير الرعية الاسباني المختطف: رئيس الجمهورية يقدم تشكراته للمصالح الأمنية وإطارات وزارة الدفاع الوطني    الرئيس تبون يتقدم بتعازيه الخالصة إلى الرئيس رجب أردوغان    تنظيم يوما تكوينيا لف لإطارات الأمن الوطني حول قانون البرلمان    الفريق أول شنقريحة يستقبل رئيس قوات الدفاع الشعبية الأوغندية    وزارة التربية الوطنية لم تتخذ أي إجراء لمنع الدروس الخصوصية    غوتيريش يشكر الجزائر    وحشية الصهاينة.. من غزّة إلى الضفّة    هذا موعد قرعة كأس إفريقيا    مزيان في إيسواتيني    9900 عملية إصلاح للتسرّبات بشبكة المياه    إشادة واسعة بدور رئيس الجمهورية في قيادة جهود مكافحة الإرهاب في إفريقيا    مجلس الأمة : فوج العمل المكلف بالنظر في مشروعي قانوني الأحزاب السياسية والجمعيات ينهي أشغاله    خدّوسي يقدّم إصداره الجديد البليدة.. تاريخ وحضارة    القلوب تشتاق إلى مكة.. فكيف يكون الوصول إليها؟    "فتح 476 منصب توظيف في قطاع البريد ودعم التحول الرقمي عبر مراكز المهارات"    افتتاح مركز اتصالات الجزائر للمؤسسات بحاسي مسعود    نص القانون المتعلق بحماية ذوي الاحتياجات الخاصة يعزز آليات التكفل بهذه الفئة    قوجيل: على فرنسا تحمّل مسؤوليتها الكاملة    تألّق عناصر مديرية الإدارة والمصالح المشتركة لوزارة الدفاع    لتفعيل وتوسيع النشاط الثقافي بولاية المدية..قاعة السينما الفنان المرحوم شريف قرطبي تدخل حيز الخدمة    الشروع في أشغال إعادة تركيب المعلم الأثري "باب كرفان سراي"    تيارت..الوكالة الولائية لترقية الاستثمار تستلم أكثر من 400 عقارا صناعيا    من 18 إلى 20 فيفري المقبل.. المسابقة الوطنية سيفاكس للقوال والحكواتي        الغاز: بعد استهلاك عالمي قياسي في 2024, الطلب سيستمر في الارتفاع عام 2025    وفد برلماني يتفقد معالم ثقافية وسياحية بتيميمون    وقف الحرب في غزة.. ترتيبات "اليوم التالي"    دراجات/ طواف موريتانيا: المنتخب الجزائري يشارك في طبعة 2025    كأس الجزائر لكرة القدم سيدات : برنامج مباريات الدور ثمن النهائي    الأمم المتحدة: دخول أكثر من 900 شاحنة مساعدات إنسانية لغزة    شرفة يترأس لقاءا تنسيقيا مع أعضاء الفدرالية الوطنية لمربي الدواجن    شايب يلتقي المحافظة السامية للرقمنة    وزير الأشغال العمومية والمنشآت القاعدية في زيارة عمل وتفقد إلى ولايتي سطيف وجيجل    الاحتلال الصهيوني يشدد إجراءاته العسكرية في أريحا ورام الله والأغوار الشمالية    العدوان الصهيوني على غزة: انتشال جثامين 58 شهيدا من مدينة رفح جنوب القطاع    دومينيك دي فيلبان ينتقد بشدة الحكومة الفرنسية    مواقف شجاعة في مناهضة الفكر الاستعماري    الاحتلال المغربي يطرد ثلاثة إسبان من مدينة الداخلة المحتلة    الجزائر لا ترضخ للمساومات والابتزاز    الدرك الوطني.. انتشار في الميدان لفك الاختناق وتأمين السياح    بلدية بن شود تعاني التأخر في التنمية    كرة اليد الجزائرية "مريضة" منذ سنوات    "الكناري" لتعزيز الصدارة وبلوزداد للتصالح مع الأنصار    توقع داربي جزائري ومواجهة بين المولودية وبلايلي    استشارة الأبناء تأسيسٌ لأسرة متوازنة    الجوية الجزائرية: على المسافرين نحو السعودية تقديم شهادة تلقي لقاح الحمى الشوكية رباعي التكافؤ بدءا من ال10 فيفري    الجوية الجزائرية: المسافرون نحو السعودية ملزمون بتقديم شهادة تلقي لقاح الحمى الشوكية رباعي التكافؤ بداية من 10 فبراير    وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ    بلمهدي: هذا موعد أولى رحلات الحج    رقمنة 90 % من ملفات المرضى    كيف تستعد لرمضان من رجب؟    نحو طبع كتاب الأربعين النووية بلغة البرايل    انطلاق قراءة كتاب صحيح البخاري وموطأ الإمام مالك عبر مساجد الوطن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تعديل قانون مكافحة الفساد لا يكفي
نشر في الشعب يوم 26 - 09 - 2021


تفعيل الشفافية والرقمنة وإرساء العدالة
يلحّ أستاذ القانون الدستوري بجامعة الجزائر، موسى بودهان، على مراجعة القانون المتعلق بمكافحة الفساد في إطار تعزيز الترسانة القانونية التي أعلن عنها الرئيس عبد المجيد تبّون خلال ترؤّسه لاجتماع الحكومة مع الولاّة، إذ يجب أن يكون مرفوقا بتعديل قوانين ذات الصلة بالأمر، مع ضرورة سنّ نص خاص بالمبلّغين عن الفساد، وتفعيل آليات الشفافية والرقمنة على كل المستويات لأخلقه الحياة العامة ومحاربة الظاهرة التيّ نخرت الاقتصاد، مع إرساء آليات العدالة الاجتماعية.
- «الشعب»: أعلن الرئيس، خلال ترؤّسه لقاء «الحكومة الولاة» المنعقد بداية الأسبوع الجاري، على تعزيز الترسانة القانونية لمحاربة الفساد، كيف ترون الخطوة في هذا الوقت بالذات؟
موسى بودهان: لاحظنا في القانون المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته غياب الجانب القمعي والردعي، حيث أن مسؤولون كبار نهبوا ممتلكات الأمة وخيراتها وأموالها، حُكم عليهم بعشرين سنة سجنا، وهي أقصى عقوبة لناهبي ثروات البلاد، طبقا لنص القانون المتعلق بمحاربة الفساد. علما أنه وفي قانون العقوبات كانت الجرائم المتعلقة بالرشوة وغيرها، تتراوح بين السجن المؤبد على الأقل والإعدام، حيث أن نفس الجرائم، وبحكم قانون مكافحة الفساد رقم 06 01، أضحت أقصى العقوبات على الفاسدين لا تتعدى عشرين سنة، ومليون دينار كغرامة مالية، حيث ابتعدنا كثيرا عن العقوبات القديمة التي كان ينصّ عليها قانون العقوبات، فالمواد التي تتكلم عن الإعدام والسجن المؤبد، أُلغيت واستبدلت بعقوبات أخرى، لهذا مازلنا ننتظر تشديد العقوبات على الفاسدين والمفسدين، وتشجيع المبلغين بل وحثّهم وإصدار قانون يشجعهم على التبليغ عن الفساد ماديا ومعنويا وحمايتهم. ولا أعتقد أن الرئيس في تصريحاته، كان يقصد الإعفاء من العقاب أو انتهاج سياسة اللاّعقاب، في انتظار ما الذي ستحمله التعديلات التي ستدرج على القانون المتعلق بمكافحة الفساد والوقاية منه.
من وجهة نظري وبحكم أنّني اطّلعت على أحكام هذا القانون وجدت أن الردع والقمع غير كاف لحد الآن، حتى يكون الزجر للمجرمين وتشديد العقوبات لأن العقوبات الواردة في القانون غير كافية وغير زجرية، وبالتالي لا تحمي المال العام، سواء الأموال العقارية أو المنقولة.
لذلك، أملنا كبير في أن يعدّل هذا القانون في اتّجاه تشديد العقوبات، وليس رفع التجريم عن فعل التسيير، ولابدّ من تحرير الكفاءات والكوادر والمسؤولين من كلّ القيود وكلّ ما من شأنه أن يجعلهم يترددون في اتخاذ القرارات، خاصّة من الجوانب المتعلقة بالتنمية، وتحريك عجلة الاقتصاد. لكن مقابل التشجيع والمساندة المتعلقة بتحرير المبادرات واتّخاذ القرارات بكل أريحية، ينبغي ألا ننتهج سياسة اللاّعقاب، بل يجب أن تكون سياسة العقاب قائمة ومستمرة، بالعكس يجب أن نشدد العقوبات ضد كل من يحاول المساس بأموال الشعب.
- الرئيس تحدّث عن ترسانة من القوانين، ما هي في نظركم؟
تعديل قانون مكافحة الفساد لا يكفي، لذلك لابدّ أن نعدّل ترسانة من القوانين ذات الصلة، منها القانون المتعلق بالصفقات العمومية، خاصة وأنّ دستور 2020، تحدّث كثيرا عن ضرورة أخلقة الحياة العامة ومكافحة الفساد، ويجب أن تقوم المؤسسات على المساواة والعدل، حيث لا تزال الذهنيات والعقليات بتوقيت زمن الفساد، فالجوانب الأخلاقية والدينية، يجب أن تراعى أيضا، إذ لابد أن نسلك اتجاه التوعية، تماشيا مع تعديل قانون الإجراءات الجزائية، قانون مكافحة التهريب، القوانين المتعلقة بالضرائب، بالتهريب، بأملاك الدولة، بجرائم تبييض الأموال، وقوانين حركة رؤوس الأموال من والى الخارج. أيضا لابد من أخلقة الحياة العامة الاقتصادية والسياسية، والتكفل بانشغالات المواطنين، سيما الطبقات ضعيفة الدخل والتعامل بالقسط.
- ماذا عن منع الأخذ بعين الاعتبار للرسائل المجهولة في التبليغ عن الفساد، التي صدرت بمرسوم رئاسي؟
هنا يجب الحديث عن ضرورة تشجيع المبلغين وحمايتهم. فرئيس الجمهورية كان يقصد تحرير المبادرات وإزاحة الخوف من النفوس. بالعكس نحن نشجّع هذه النقطة، حتى يتجه المواطنون نحو محاربة الفساد، وهم الذين باتوا مترددين خوفا من التحقيقات. نعم لكل هذا، لكن الحيطة والحذر أن تتّخذ هذه المنافذ والذرائع، للذهاب لسياسة اللاعقاب، حتى لا نترك المجال لمن يغتنمون الفرص ويريدون الاختباء وراء هذا التدعيم المادي والمعنوي للإطارات والمسؤولين، لاتخاذ المبادرات بكل أريحية، لا نفكر أبدا في سياسة اللاعقاب التي تؤدي إلى الفوضى حينئذ يستوي «المجرم مع المحرم». كما يقول المثل.
- لكن من يحمي المبلّغين في حالة تعرضهم لتهديدات؟
يجب مرافقة تعديل قانون الوقاية من الفساد بقوانين أخرى. صحيح وردت في قانون مكافحة الفساد بعض الإشارات والمواد، لكنها ليست بالصّيغة المطلوبة، وهذا لا يتعلق بالجزائر فقط، فالكثير من الدول قامت بإنشاء نصوص قانونية متعلّقة بالمبلغين عن الفساد، حتى نشجعهم ماديا ومعنويا، ولممارسة المواطنة لأنهم يساهمون في مكافحة الفساد، حيث تستعين الجهات المعنية بمعلومات المبلغ، وبالتالي يجب أن يكرّموا ويشجعوا ماديا ومعنويا، حتى لا نصل إلى أن يصبح المبلغ متهما بالفساد.
إلى جانب ذلك يجب تفعيل آليات الشفافية والرقمنة على كل المستويات لأخلقه الحياة العامة ومحاربة الفساد، وإرساء آليات العدالة الاجتماعية. فالدولة التي كانت وستبقى دولة ذات طابع اجتماعي، وهو ما أكد عليه الرئيس في خطابه في لقاء الحكومة مع الولاة، والدساتير كلها تنص على ذلك.
كما نشجع النصوص الجديدة التي صدرت بتخصيص حساب خاص لتسيير الأموال والممتلكات المصادرة عن المفسدين، وننتظر تفعيل الآليات القانونية من خلال الاتفاقيات الدولية لاسترجاع الأموال والممتلكات المنهوبة، لذلك وجب تفعيل عدة آليات في هذا الاتجاه، خاصة بتفعيل الآلة الدبلوماسية، والقضائية والأمني. فاليوم أصبح لدينا مبعوثون دبلوماسيون، عينهم الرئيس مؤخرا، كل في مجال تخصصه، إذ لابد أن نستغلّ فرصة تعامله مع نظرائه في الخارج لتفعيل الآلية الدبلوماسية، إلى جانب البرلمانية والتقليدية والاقتصادية والثقافية، لاسترجاع ما يمكن استرجاعه من الأموال المنهوبة، في انتظار صدور الأحكام القضائية بشكل نهائي، حيث لا يمكن أن نتصور أموالنا المنهوبة بدون ملفات كاملة ودقيقة مع المساعي الدبلوماسية والمفاوضات.
كما أن هناك حديث يدور حول المفاوضات التي يمكن أن تُجرى مع الشركات الأجنبية، المتهمة بالفساد في صفقاتها بحكم قانون الصفقات العمومية، حيث أن هناك اختلالات كبيرة وثغرات عجيبة جعلت بعض المسؤولين يغتنمون الثّغرات ويبرمون الصفقات كما يشاءون للثراء السريع والنهب.
فالإنسان الفاسد يخاف من الشفافية بفضل الرقمنة في إبرام الصفقات، لذلك لابد من تفعيلها أيضا. وبالمناسبة، أنشأنا وزارة قائمة بذاتها تتكفل بجانب الرقمنة. نتمنى أن تلتزم المؤسسات والهيئات والإدارات بآليات الشّفافية والرّقمنة لمحاربة الرشوة والغش والبيروقراطية، التي تعتبر «غولا» قاتلا. حتى الدستور يتكلم عن الأمن القانوني، معناه القانون يصدر بوضوح ويصل بسهولة وببساطة بدون ثغرات ولا اختلالات ولا تأويلات، وإلا يصبح محل تفسير كل حسب هواه.
لذلك يجب تفعيل آليات الشفافية والرقمنة على كل المستويات لأخلقه الحياة العامة ومحاربة الفساد، مع تعديل كل القوانين المتصلة بالفساد وإرساء آليات العدالة الاجتماعية. فالدولة التي كانت، ستبقى دولة ذات طابع اجتماعي، وهو ما أكد عليه الرئيس في خطابه في لقاء الحكومة مع الولاة، والدساتير كلها تؤكد على ذلك، والمنصوص عليها في إحدى مواده الصماء المادة 223 التي تتحدّث عن العدالة الاجتماعية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.