تكتب علينا بعض الأقدار المؤلمة أحياناً، تمتد وتستمر لأعوام وأعمار، نظن معها أن لا مفر منها وأنها لن تنتهي وان تلك هي الحياة التي عرفناها منذ البداية وسنبقى نحياها حتى النهاية، كل شيء حولك يوهمك بأزلية تلك الأقدار.. قد تأتي تلك الأقدار على هيئة أشخاص فرضوا علينا بشكل أو بآخر.. أشخاص ربما أدخلناهم الى حياتنا في لحظة غفلة وخيبة أو ربما كانوا قدراً حتمياً منذ البداية أو أنهم أقحموا في حيواتنا رغما عنا.. الفرق ليس كبيرا ولا يهم كيف أصبح ذلك الشخص جاثوما يطبق على صدرك، ترزح تحت ثقله دون أمل في الخلاص. وقوع الإنسان تحت ذلك الثقل، وبقاءه محاصرا بداخل تلك الدائرة المحكمة من اليأس وقلة الحيلة وانعدام السبل يجعله يقتنع فعلاً بأنه لا مفر ولا مهرب وأن تلك الحياة قد أصبحت مصيراً قدرياً أبدياً لا يمكن أن ينتهي، بينما الواقع يقول انه دائما هناك مفر ومهرب مهما رأيناه بعيدا، صعبا أو حتى مستحيلا.. هناك دائما شق صغير نستطيع أن نحفره، نوسعه نرى منه الجانب الآخر ونحلم بأن نعبر يوما إليه، وعندما يكبر الحلم ويتنامى مع الأيام ويتعاظم حتى تضيق صدورنا به سيتحقق.. سيخرج حينها ذلك الحلم الذي أسرته كالمارد بقلبك الى النور، سيكسر القيود، يوما ما وبطريقة ما سيشق صدرك ليدخله ضوء النهار والهواء المنعش وينزاح الجاثوم.. ولكن أرجوك ألا تترفع حينها عن الاحتفاء بالنصر، لا تلم نفسك عندما تنظر لذلك الكابوس بنظرة التشفي التي تضعه موضعه «أنت مجرد كابوس وأنا أعلم أنك كابوس وانقضى أو على وشك الانقضاء أو سينقضي يوما ما».. تلك النظرة التي تجعلك تشعر بضآلة ذلك الشخص وتقزمه مع مرور الوقت.. لست شخصا سيئا وشعورك ذلك ليس لؤما أو شرا واستمتاعك به ليس ذنبا أو وزرا تداريه وتخجل منه، بل على العكس فقد كان يستمتع بانقطاع أنفاسك تحت ثقله طوال الوقت، فأين الخطأ في أن تنظر في عينيه مليا وأنت تأخذ ملئ رئتيك نفسا عميقاً سعيدا يتضوع منه عبير الحرية، تنتفخ كما الطاووس منتشيا بالنصر وعلى محياك ترتسم ابتسامة فرح فجة.