أكّدت جبهة البوليساريو أنّ الشّعب الصّحراوي الذي تحلّى بالسّلام طيلة أربعة عقود، مستعد لاسترجاع كامل سيادته على تراب الجمهورية الصّحراوية عبر الكفاح المسلح، واصفة خطاب الملك المغربي الأخير بالمتهوّر وممزوج بالمغالطات والافتراءات والأوهام لتبرير التعنت والاستمرار في المغامرة. قالت وزارة الإعلام الصّحراوية في بيان لها، أمس، أنّ الشّعب الصّحراوي سيواصل كفاحه التحرري ضد الاحتلال المغربي حتى استرجاع السيادة الوطنية على كامل تراب الجمهورية الصحراوية. وفي ردّها على خطاب الملك محمد السادس بمناسبة ذكرى اجتياح الصّحراء الغربية، أكّدت البوليساريو أنّ الشّعب الصحراوي الذي قبل بالسلام الدائم مع المغرب من خلال التوقيع على مخطّط التسوية سنة 1991، بعد 16 سنة من الحرب، لن يتوقف عن الكفاح حتى ينهي المغرب عدوانه واحتلاله اللاّشرعي لتراب الجمهورية الصحراوية. وأوضحت الجبهة، أنّ ملك دولة الاحتلال كرّر في خطاب جديد في ذكرى الاجتياح العسكرى ضد الشعب الصحراوي ما يمكن اعتباره إعادة لغط معهود يمزج بين المغالطات والافتراءات والأوهام لتبرير التّعنّت والتهور والاستمرار في المغامرة، مشيرة إلى أنّه بالفعل، المجتمع الدولي لا يعترف للمغرب بالسيادة المزعومة على الصحراء الغربية، والتعنت على مواصلة العدوان لن يجني وراءه الشعب المغربى سوى المزيد من الفقر والحرمان والتبعية، ومزيدا من فقدان الكرامة والسيادة والمصداقية. وفي هذا السياق، قالت البوليساريو إنّ ملك المغرب يعي جيّدا أنّ الجمهورية الصّحراوية، جارة المملكة المغربية، حقيقة لا مرد لها ولا يمكن تجاوزها، والمغرب يجلس إلى جانبها في المحافل المتعددة الأطراف على المستويين القاري والدولي. تهديد ووعيد من جهته، أكّد رئيس الجمهورية الصحراوية الأمين العام لجبهة البوليساريو إبراهيم غالي، أنّ جيش الاحتلال المغربي سيتذوّق من جديد مرارة الهزائم التي لحقت به طيلة ال 16 سنة من الحرب الماضية التي خاضها ضد جيش التحرير الشعبي الصحراوي. وأعلن الرئيس غالي، في كلمة خلال إشرافه على تسليم المهام لرئيس أركان جيش التحرير الشعبي الصحراوي، على أنّ الجيش الصحراوي في أتم الجاهزية والاستعداد لمقارعة العدو، وتكبيده خسائر كبيرة كما فعل به طيلة ال 16 سنة من الحرب الماضية. وأضاف أنّ العدو المغربي وحلفاءه مهما فعلوا من مكر وخبث لن يتمكّنوا من القضاء على الشّعب الصّحراوي، وأنّه مصر على انتزاع كامل حقوقه المشروعة في الحرية والاستقلال مهما تطلّب ذلك من تضحيات جسام. تقويض الجهود الأممية لا يزال الحديث عن خرق المغرب لاتفاق وقف إطلاق النار العام الماضي وتداعياته على النزاع الصحراوي، وفي هذا الصدد أكّد السفير الصّحراوي بكينيا أباه المد، أنّ انهيار وقف إطلاق الذي كان موقّعا بين طرفي النزاع جبهة البوليساريو والمغرب سنة 1991، أدّى إلى تقويض الجهود الأممية في إنهاء النزاع في الصحراء الغربية. الدبلوماسي الصحراوي وفي مقابلة مع جريدة «الستاندارد» الكينية الواسعة الانتشار، أكّد أنّ انهيار وقف إطلاق النار من طرف المغرب بعد محاولته الإعتداء على مدنيين صحراويين بالثغرة غير الشرعية بالكركرات، قوّض الجهود الأممية لإنهاء الصّراع، مرجعا ذلك إلى الطريقة السلبية التي تعاملت بها الأممالمتحدة مع خطة التسوية، والتي أدّت إلى انهيار اتفاقية وقف إطلاق النار، واندلاع مواجهات عسكرية على طول جدار الذل والعار. وفي هذا الإطار، أوضح السّفير أباه المد أنّ الطريقة الوحيد لتحقيق حل سلمي وعادل ودائم لإنهاء استعمار الصحراء الغربية، هو تمكين الشعب الصحراوي من ممارسة حقه بحرية وديمقراطية في تقرير المصير والاستقلال، وفقًا للقانون الدولي والأممالمتحدة وقرارات الإتحاد الإفريقي. وفي ردّه على القرار مجلس الأمن الأخير 2602، اعتبر السّفير الصّحراوي بأنّ الطّريق الوحيد لضمان حل عادل ودائم يتمثل في إنهاء الاحتلال، وتمكين شعبنا من تقرير مستقبله بكل حرية. كما قدّم الدبلوماسي الصحراوي خلال المقابلة الصحفية شرحًا تفصيليا لطبيعة النزاع والواقع الجيوسياسي الراهن في المنطقة، من خلال مجموع القرارات واللّوائح الأممية التي تصف الوجود المغربي في الصحراء الغربية بالاحتلال. كما تطرّق إلى الأحكام الصادرة عن محكمتي العدل الدولية والمحكمة العليا الأوروبية في تحديد التمايز بين الإقليمين. وتحدّث السّفير أباه المد عن العلاقات الكينية - الصحراوية، وما عبّرت عنه كينيا من اعتبار الصّحراء الغربية مستعمرة وضرورة تمكين شعبها من حقه غير القابل للتصرف أو المساومة في تقرير مصيره. آخر التّطوّرات من جهته، طالب أبي بشراي البشير، عضو البوليساريو المكلف بأوروبا والإتحاد الأوروبي، الحكومة الألمانية بلعب دورها الطبيعي على مستوى القارة من أجل فرض تطبيق القانون والقرارات الصادرة عن محكمة العدل الأوروبية بشأن الإستغلال غير القانوني للموارد الطبيعية للصحراء الغربية. جاء ذلك في معرض محاضرة خلال ندوة بالعاصمة برلين حول تطورات القضية الوطنية على أثر قرار محكمة العدل الأوروبية، قدّم خلالها شرحاً مفصّلًا لقرار المحكمة الأخير، مذكّرا في هذا الصدد، بالمسؤولية التي تقع علىعاتق ألمانيا من أجل حماية القانون وضمان تطبيقه. وفي ذات السياق، حذّر الدبلوماسي الصحراوي من النتائج السيئة التي ستترتّب عن أي طعن جديد يتقدم به الإتحاد الأوروبي ضد قرار المحكمة الذي نصب وضوح على عدم قانونية الاتفاقيات المبرمة مع قوة الاحتلال المغربية لما لها من أثر على الشعب الصحراوي وحقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير. من جانب آخر، تعرّض أبي بشراي البشير، إلى التطورات والمخاطر المحدقة بالمنطقة بسبب التعنت المغربي وتقاعس الأممالمتحدة ومجلس الأمن الدولي تحديدا عن تحمّل مسؤوليته، والتي أضاف قائلا إنّها قد تجر المنطقة إلى انفجار حقيقي بسبب محاباة بعض العواصم النافذة للاحتلال المغربي على حساب باقي شعوب المنطقة. بدوره الصّحفي الألماني العائد مؤخرا من المخيمات، بورغ تِديون، قدّم شهادة حية عن الحرب الدائرة رحاها بعد تنقله إلى الجبهة وتواجده بين المقاتلين الصحراويين على مدار يومين رفقة مجموعة من الصّحافيّين، كما أبرز أيضا صمود الصّحراويّين وتقدّمهم في مشروع بناء دولتهم رغم الظّروف الصّعبة.