أكد الباحث وأستاذ علم الاجتماع بجامعة عين تيموشنت، الدكتور طيبي غماري، أن الظروف الحالية تعيق الانتقال الرقمي في الجزائر ويستحيل الوصول إليه على الأمدين المتوسط والقريب، إلا بتوفير بعض الشروط التي تساعد على التنمية الاقتصادية من خلال الرقمنة. أشار الدكتور طيبي غماري، لدى تنشيطه ندوة فكرية لنادي البيان الثقافي بمعسكر، حول الرقمنة وفرص مواجهة الفساد المالي والاقتصادي، أن مظاهر الفساد في مختلف المستويات والقطاعات، لابد ان تناقش وتحلل قبل ان يتحول الفساد من ظاهرة إلى وباء يصعب التحكم فيه، في حال توفر ثلاثة شروط؛ منها وجود السلطة التقديرية للموظفين بوجود الثغرات القانونية وغياب الرقمنة وآليات التحكم في التنظيم والمراقبة. ولفت إلى أن دخول تدني الدخل الفردي للموظفين كعامل لتفشي مظاهر الفساد، إضافة الى غياب الاستقطاب السياسي الذي يحد من مظاهر الرقابة ويتيح إمكانية التواطؤ، فضلا عن عدم فاعلية القوانين والنظم، مشيرا أن الفساد ظاهرة عامة وشاملة في كل الدول، غير أن مستوياتها ومعاييرها تختلف من مجتمع إلى آخر. وأوضح الدكتور طيبي غماري، أن الفساد عامل مثبط للتنمية الاقتصادية، في حين تمكنت الرقمنة في الدول المتطورة من الحد من خسائره المقدرة من قبل الخبراء ب3,5% من الأموال التي تسبح في عالم الفساد - عالميا - مقابل مستوى التنمية الاقتصادية الذي يتوقف في حدود 1%، مشيرا أنه بالرغم من عدم شفافية الأرقام التي يعلن عنها الخبراء والهيئات المختصة في مكافحة الفساد، إلا أن الدول التي تعتمد على الرقمنة في نظمها الاقتصادية والمالية تمكنت من تقليص الفروقات واستطاعت تقليص خسائرها الاقتصادية الناجمة عن الجائحة الصحية التي فضحت تخلف الدول التي تأخرت في اعتماد الرقمنة. وأشار الطيبي غماري، أن فرص نجاح الرقمنة في مواجهة الفساد في الجزائر، ضئيلة، في ظل وجود رفض اجتماعي للتوجه الرقمي، فضلا عن الظروف التي تمنع ذلك في الوقت الحالي وتعيقه، من بينها تشبع سوق الإعلام الآلي بالأجهزة الرديئة والمرسكلة في بلد المنشأ والبرامج المهكرة، حيث لا تنجح الرقمنة حسب المختص في علم الاجتماع إلا بتوفير التكنولوجيات والبرمجيات الأصلية، فضلا عن غياب التحكم في نظم أمان البرامج المعلوماتية وتخلف الجامعة عن إنتاج كفاءات مختصة في هذا المجال. وأشار أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين تموشنت، أن جهود بالغة الأهمية بذلتها الجزائر في سبيل التحول الرقمي، غير أن الهيئات التي نالت حظا أوسع من الرقمنة، على غرار مصالح البلديات والحالة المدنية، بقيت في مستوى تحويل المعطيات وتخزينها أو استعمالها المحدود، مقابل تخلف واضح للمنظومة البنكية والتجارية عن مسايرة التحول الرقمي. وأشار إلى أن الأفراد الذين يقاومون التحول الرقمي، على غرار غالبية التجار، هو بسبب مخاوفهم من تقلص أرباحهم من ما سيترتب عن الرقمنة من شفافية، وذلك ما يبرر مسألة عدم فعالية القوانين والتنظيمات أمام مظاهر الفساد الاقتصادي والاجتماعي.