يرى الخبير الاقتصادي بوشيخي بوحوص، أنّ ارتفاع اسعار النفط في السوق العالمية قد يمنح الجزائر هامش تحرّك لتخطي عجز ميزانية 2022، غير أنّه شدّد على ضرورة البحث عن بدائل اخرى لريع المحروقات لتحقيق الموازنة وإنعاش الخزينة العمومية. قال الخبير الاقتصادي بوشيخي بوحوص في اتصال هاتفي مع ''الشعب''، إنّ ميزانية الدولة للسنة الحالية بنيت على أساس سعر مرجعي 45 دولارا لبرميل النفط، وبعد القفزة الكبيرة في سعر هذه المادة بوصوله الى قرابة 100 دولار للبرميل أتوقع وجود هامش تحرك مهم. وتابع ''الميزانية الحالية بنيت على أساس أن هناك عجز، حيث بلغت الارادات حوالي 5.6 مليار دج، اما النفقات فقدرت بحوالي 6.3 مليار، اي عجز موازي ب 0.7 مليار بغض النظر عن ميزانية التجهيز التي تقدر ب 03 مليار دج، أي أن الحكومة مطالبة بتوفير ما يقارب ب 03.7 مليار دج، وبالتالي فإن العجز مؤكد. ويعتبر بوشيخي أن الارتفاع الحالي في اسعار المحروقات يعد فرصة لانعاش الاقتصاد الوطني، وانقاذ الدولة من اللجوء الى الإستدانة الخارجية اذا ما بقيت الاسعار على حالها إلى غاية نهاية السنة. وفرصة جيدة للحكومة لاستدراك فشل الحكومات السابقة، وبالتالي فرصة ذهبية لإعادة توجيه الاقتصاد الوطني للمحافظة على التوازنات الاقتصادية الكلية، مؤكدا ان بقاء الاسعار على حالها سيسمح بزيادة مخزون احتياطي الصرف مما يتيح للدولة بالدفع بالعملة الصعبة مقابل الاستيراد. لكن على صعيد آخر، يرى بوشيخي أنّ الأرباح المالية التي ستجنيها الجزائر من ارتفاع اسعار النفط في السوق الدولية في ظل الأزمة الروسية الأوكرانية، ستتأثّر بشكل كبير بسبب ارتفاع معدلات التضخم المستورد، وارتفاع تكاليف الإنتاج بسبب ارتفاع أسعار الطاقة. ولأنّ الجزائر مثل بقية الدول العربية تعتمد اعتمادا كبيرا على الاستيراد لتلبية احتياجاتها من السلع الغذائية والخدمات، فسوف تدفع نصيبا كبير مما جنته من أرباح من ارتفاع أسعار النفط، والسلع والخدمات التي تستوردها. فرصة للنّهوض بقطاعات أخرى بالمقابل يرى بوشيخي أنّ الاستفادة من مدا خيل المحروقات يجب أن يرافق قطاعات أخرى، مثل التحول إلى الطاقات المتجددة التي تستعمل بداية للاستهلاك الداخلي، لاسيما وان الجزائر تمتلك جميع المؤهلات لتحقيق ذلك، للحد من الاستهلاك المحلي للغاز والنفط، وتوجيه الحصة الموفرة إلى التصدير». وعبّر المتحدث في الوقت ذاته عن أسفه لارتباط كل القطاعات بمداخيل المحروقات من نفط وغاز، منوّها بأهمية تنويع النشاطات الاقتصادي من خلال تنويع أسواق التصدير والعائدات الضريبية ، للتخفيف من حدة تقلب أسعار النفط التي لطالما كانت تؤثر بالسلب على الاقتصاد الوطني. ويؤكّد بوشيخي أن التنوع الاقتصادي من شأنه أن توجيه العملية الاقتصادية والهيكلية الاقتصادية اللازمة لاحتواء الطبقة العاملة المتصاعدة، إذ لا تستطيع صناعة النفط وحدها توفير فرص شغل دائمة. مخاطر مستقبلية فيما يخص المخاطر المستقبلية على سوق النفط في الجزائر، يقول بوشيخي إنّ «تداول النفط مبني على التوقعات الجيو سياسية ولا تحدده شروط دائمة، وبالتالي فنحن أمام سيناريوهين لمستقبل الحرب في اوكرانيا أولهما انتهاء المعارك بالأراضي الاوكرانية، وحصول اتفاق روسي اوكراني على انهاء الحرب، وبالتالي عودة الاسعار الى مستواها الاول. أما السيناريو الثاني فيتمثل في استمرار الحرب، ومن ثمة سنكون أمام استمرار ارتفاع أسعار المحروقات، وعليه فإن الجزائر مجبرة على إيجاد بدائل للنقد الأجنبي خارج ريع المحروقات.