يعش العالم على تململ، بعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية وتلويح القوى الغربية بإقصاء الطرف الروسي من نظام "سويفت"، وما قد يترتب عن القرار من زيادة حدة الأزمة، في حين يجمعُ خبراء في الاقتصاد على أن هذه الحرب ستلقي بظلالها على الجزائر رغم أن هذه الأخيرة قد استفادت ومنذ بداية الأزمة من ارتفاع أسعار النفط، التي تجاوزت ال 100 دولار لبرميل خام سلة برنت، ويعد صحاري بلاند من أغلاها كونه الأكثر طلبا. ويرى مراقبون أن تكون الجزائر وعدة دول منتجة للنفط من أبرز المستفيدين من الأزمة الأوكرانية، في ظل ارتفاع أسعار النفط على أقصى مستوياته منذ سنة 2014، حيث من المحتمل أن ترفع إنتاجها ومداخيلها من المحروقات لتعزز ميزانها التجاري واحتياطي الصرف بشكل كبير. وتشكل احتمالات وقف إمدادات النفط والغاز إلى الدول الأوروبية مصدر قلق للاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، التي تحاول اتخاذ إجراءات استباقية لتعزيز أمن الطاقة الأوروبي، ومنع حدوث اضطراب واسع في إمدادات الغاز والنفط وأسعاره في السوق العالمية، جراء العقوبات المحتملة التي ستفرضها إدارة بايدن، حيث ستمنع العقوبات الدول من شراء الغاز والنفط الروسيين، أو أن تؤدي الحرب إلى منع تدفق الطاقة بسبب مخاطر النقل عبر الأراضي الأوكرانية أو عبر البحر الأسود إلى أوروبا. وتشير تقديرات رسمية إلى أن دول الاتحاد الأوروبي تعتمد في تلبية نحو 40 في المائة من حاجتها إلى الغاز الطبيعي على روسيا، وأن إيجاد بدائل عن الغاز الروسي لن يكون بالأمر اليسير. ويرى مراقبون أن تحويل الغاز سيكون بدرجة أكبر من دول الجزائر ومصر وقطر إلى دول الاتحاد الأوروبي سيحتاج إلى مزيد من الوقت، إضافة إلى أن قدرات قطر في ظل التزاماتها تجاه الدول المستوردة للغاز في آسيا وإفريقيا، ستظل بحدود تعويض جزئي لحاجة تلك الدول من الغاز الروسي، كما أن دولا منتجة للنفط مثل السعودية والعراق والكويت والإمارات يمكنها المساهمة في تقليل اعتماد الأوروبيين على النفط الروسي. ويرى الخبير الاقتصادي نبيل جمعة، أن سوق الطاقات سيصعد لرقم تاريخي لم يسبق أن شاهده العالم، و لا يمكن التنبؤ بالسعر الحقيقي أو المضبوط . و أوضح الخبير، أن الغاز سيكون أكثر طلبا و تدولا باعتبار أن روسيا أكبر الممول بالغاز لأوروبا بنسبة 48 بالمائة، مشيرا إلى أن تصريح الدولة القطرية الأخير يبرز استحالة تعويض هذا النقص الفادح الذي سيعصف بأوروبا، خاصة وأن جل المصدرين للغاز لا يخدمهم بتوجيه هذا المورد الحيوي نحو أوروبا. و أبرز ذات المتحدث، أن الجزائر ستعمل على رفع إنتاجها و ستستغل الفرصة، شرط أن تستدرك أخطاء الماضية و تستثمر فيها أحسن استثمار بالمقابل، قال الخبير في الشؤون الاقتصادية ناصر سليمان ل "الجزائر الجديدة" إن الكثيرين تفاءلوا بقيام الحرب بين روسيا وأوكرانيا والغرب من جهة أخرى لأن ذلك سيرفع أسعار النفط إلى مستويات قياسية جديدة، ويتساءلون في الوقت ذاته لماذا لا يستغل هذا الارتفاع في إنعاش الاقتصاد وتحسين القدرة الشرائية الجزائريين. وأوضح المتحدث أنه عندما يصل سعر النفط مثلا بسبب اندلاع الحرب إلى 150 دولار أمريكي، فإن هذا الارتفاع سيلقي بظلاله على كل المواد التي تنتج بهذين الموردين. واستدل المتحدث بأسعار النفط العالمية التي تضاعفت عدة مرات بسبب جائحة كورونا، ومن المرتقب أن تتضاعف أكثر فأكثر بسبب غلق الممرات البحرية التي ستصبح غير آمنة بسبب الحرب بالأخص وأنها تجري بين قوتين عظمتين تمتلكان أكبر مخزون للسلاح وأكثره تطورا في العالم وهما روسيا وحلف الناتو. ويشير الخبير في الشؤون الاقتصادية إلى أن موارد الطاقة البترول والغاز يستعملان في إنتاج الكثير من السلع والخدمات، ما يعني أن ارتفاع أسعارهما سيزيد من أسعار كل السلع والخدمات في الدول المتقدمة وبالتالي سيصلنا على شكل تضخم مستورد من خلال السلع المستوردة. ويقول المتحدث في هذا الإطار إن الحرب ليست نزهة واندلاعها يعني أن الجميع خاسر فيها وقد تكون أسوأ حرب منذ الحرب العالمية الثانية. وقد يلقي هذا بظلاله على أسعار المواد الاستهلاكية في السوق المحلية لأن المواد المدعمة لا يتجاوز عددها الأصابع لذلك قد نجد أنفسنا في القريب العاجل أمام ارتفاع جديد في الأسعار. ومن بين ما سلط عليه الضوء الخبير في الشؤون الاقتصادية أن ارتفاع مداخيل النفط ستضخ مباشرة في الخزينة العمومية لسد العجزالذي تعاني منه هذه الأخيرة والذي هو في حدود 4175 مليار دينار أي ما يعادل 30.5 مليار دولار، من أجل تجنب اللجوء إلى الخيارات التي قد تضر بالاقتصاد الوطني والمتمثلة في اللجوء إلى التمويل غير التقليدي أو الاستدانة الخارجية.