تطرقت المجاهدة خديجة بن ڤمبور، لتجربتها في مجال التمريض خلال الثورة التحريرية الكبرى، مؤكدة على أن نجاح النظام الصحي كان بفضل الانضباط والدقة التي ميزت عمل جبهة التحرير الوطني، بالرغم من نقص الإمكانات المادية لإسعاف الجرحى من المجاهدين، وذلك لدى نزولها ضيفة منتدى الشعب. أكدت المجاهدة خديجة بن ڤمبور، أن ظروف عمل المجاهدين أثناء الثورة في مجال التمريض كان صعبا وقاسيا، متحدثة عن أسباب التحاقها بسلك التمريض وتمكنها من معالجة الكثير من المجاهدين رغم نقص المواد الطبية. وأشارت إلى أنها عاشت في المنطقة المحرمة بالولاية التاريخية الثانية، التي تمتد من منطقة أكفادو إلى سكيكدة والتي تتميز بأنها منطقة جبلية. التحقت بالثورة في سنة 1956 وهي في سن الخامسة عشرة، وان الحياة آنذاك لم تكن سهلة، حيث كانت طائرات الاحتلال الفرنسي تضرب منطقة بني عيشة باستمرار، وقام النظام الاستعماري الفرنسي بعزل الشعب عن المجاهدين، مؤكدة أن الممرضات لم يتم القبض عليهن لمعرفتهن بتضاريس المنطقة وكذا الظروف الصعبة لتلك المنطقة. وتطرقت المجاهدة بن ڤمبور للحادثة التي تعرضت لها والدتها حين قصفت طائرات b26 بيتهم فأصيبت في كتفها، ونظرا للإمكانات المحدودة آنذاك ضمد كتفها بأقمشة الستائر، وبقيت مقعدة الفراش لمدة خمس سنوات. وذكرت المجاهدة، أنه بعد تلك الحادثة لم تعش هي وأختها في المنطقة المحرمة بل نقلها المجاهدون إلى ميلة، أين التحقت بالنظام السري لجيش جبهة التحرير الوطني، وطلب منها بوشريط عبد القادر المسؤول العسكري لتلك الوحدة، التوجه إلى مستشفى بني صبيح لتعلم مهنة التمريض، وهناك تمكنت من التعرف على أهم إرشادات التمريض بوسائل بسيطة، لتلتحق بعدها بالمجاهدين في الجبل وأسندت لها مهمة إسعاف المرضى من الجنود فبقيت هناك ثلاث سنوات. كما أكدت المجاهدة أنها عملت في ظروف صعبة مع بقية الممرضات بسبب انعدام الإمكانات، مشيرة إلى أنهن كن يعتمدن في الكثير من الأحيان على الطب التقليدي، وقالت «إنها كانت في معظم الأحيان تخرج مع الممرضات بعد انتهاء المعارك التي كانت تقع بين المجاهدين والجنود الفرنسيين للبحث عن الجرحى لإسعافهم، ورغم صغر سنها وضعف بنيتها الجسمية كانت تجر المرضى إلى مكان آمن لتقديم الإسعافات الضرورية». وذكرت المتحدثة، أنها في إحدى المرات تمكنت من العثور على جريح من خلال رائحة الدم، كما أنها صادفت حالات لجرحى قطعت أرجلهم بسبب الالغام. وأشارت المجاهدة إلى أنه رغم الأوضاع القاسية والمشاهد المرعبة التي شاهدتها، إلا أن نفسيتها كانت قوية إيمانا منها بعدالة القضية التي تكافح من أجلها وهي تحرير الجزائر من الاستدمار الفرنسي. ولفتت خديجة بن ڤمبور، الإنتباه إلى أهمية الجو الأخوي والأسري الذي كانت تعيشه هي وباقي الممرضات مع المجاهدين في الجبل، مؤكدة أن المسؤولين كانوا يقومون بتوجيههن كقادة وآباء، وقالت: «عشنا في البرد ظروفا قاسية وفي الثلج كنا نبحث عن الأعشاب وبيض العصافير من أجل أن نقتات منها». وأضافت: «لم أعش سعيدة، لم أنم جيدا كنت أمشي حافية القدمين والدم يسيل، رغم ذلك لست نادمة على ما فعلت». وأشارت المجاهدة بن ڤمبور إلى أن ما ساعدهن في عملهن هو الانضباط والتنظيم في صفوف جبهة التحرير الوطني، حيث تمكنّت من إسعاف الكثير من جنود جيش التحرير، مؤكدة أنه كثيرا ما ثبط الجوع والخوف عزيمتها، لأن الفتيات إذا تم القبض عليهن يتم تعذيبهن ثم قتلهن مباشرة بلا محاكمة في المنطقة المحرمة.