يبدو أنّ العالم يتّجه إلى إعادة رسم خارطة العملات النقدية بعد انتهاء الحرب الروسية الأوكرانية، إذ تغيّرت قواعد اللعبة جزئياً وتمكّنت روسيا تجاوزا للعقوبات المفروضة عليها من فرض الروبل في التعاملات الاقتصادية، الذي ارتفع لأعلى مستوياته في السنوات الأخيرة أمام الدولار. الجميع يتساءل الآن عن مستقبل الدولار كعملة رئيسية للعالم أجمع بعد دخول العملة الروسية في الآونة الاخيرة كمنافس للخمسة الكبار، وإن كانت الأمور «ظرفية» لأن وضع العملات في الحقيقة مرتبط بمدى قوة الاقتصادات الكبرى. وكان وزير الخارجية الأمريكي الأسبق، هنري كيسنجر قد أشار مؤخرا في حوار مع صحيفة «فاينانشال تايمز» البريطانية، أن الوضع الجيوسياسي على مستوى العالم سيشهد تحوّلات كبيرة بعد انتهاء حرب أوكرانيا، وقال إنّنا «نعيش الآن في عصر جديد تماما». الدّولار السّمة البارزة لنظام النّقد الدّولي كما هو معلوم فإنّ ميلاد نظام النقد الدولي بملامحه الحالية كان في الأربعينات من القرن الماضي، وبالضبط بعد اتفاقية النظام المالي «بريتون وودز»، وهو اسم المدينةالأمريكية الواقعة في ولاية نيوهمشر، وذلك خلال الملتقى التاريخي الذي انعقد في شهر جويلية 1944. وتمت خلاله (الملتقى) الدعوة لإنشاء المؤسستين الماليتين العالميتين: صندوق النقد الدولي والبنك العالمي؛ ليلعبا بعد ذلك دورًا مركزيًّا في ضبط السياسات المالية والتنموية في العالم، والتخطيط للاقتصاد العالمي. وقد أضحى التعامل بالدولار الأمريكي هو السائد في كافة الأسواق الدولية، وسيطرت الولاياتالمتحدة على قواعد اللعبة الاقتصادية الدولية من أسواق السلع الى أسواق الديون. وبالرغم من دخول الين الياباني واليورو الأوروبي وباقي العملات الرئيسية الى سوق السيولة الدولية في إواخر القرن الماضي في تنافس مع العملة الامريكية، غير أن هذا التنافس لم يكن صداميا حسب المحللين، باعتبار أنّ كل هذه العملات صادرة من اقتصاديات وأيديولوجية واحدة. فحتى عندما برز اليوان الصيني في بداية القرن الحالي في السوق الدولية، لم يتزعزع عرش العملة الأمريكية، لأن تراجع مكانة الدولار في الاقتصاد العالمي لا يساعد الصين كما يرى الخبراء بل سيخسر اقتصادها أكثر من قد يجنيه لاسيما وأن الصين حاليا هي صاحبة اضخم احتياطي عالميا من الدولار الأمريكي. غير أن الحديث عن الواقع الاقتصادي الجديد الذي فرضته الحرب الروسية - الأوكرانية يأتي بعد اتجاه روسيا لتبادل صادراتها مع جيرانها كالصين والهند بالعملات المحلية، واستبدال الروبل الروسي والذهب محل الدولار في التعامل التجاري الدولي مع خصومها من دول الغربية. وكان الرّئيس الروسي «فلاديمير بوتين» هدّد في مارس الماضي، بقطع إمدادات الغاز عن ما وصفها ب «الدول غير الصّديقة»، في حال رفضها الدفع بالروبل، وذلك ردّا على العقوبات التي تفرضها هذه الدول على موسكو بسبب حربها على أوكرانيا. وأعلن عملاق الغاز الروسي غازبروم في هذا السياق عن تعليقه إمدادات الغاز إلى كل من هولندا والدنمارك وشركة «شل»، بعد رفضها التسديد بالروبل مقابل ثمنه. وقالت شركة «غازبروم» إنّ قطع التدفقات يسري فاتح جوان الحالي، مشيرة إلى أنّ «شل» و»أورستد» الدنماركية فشلتا في الدفع بالروبل مقابل تسليمات الغاز بحلول نهاية يوم العمل 31 ماي، وإنّها ستوقف التسليمات إلى أن تدفعا بما يتماشى مع المطالب الروسية. وسبقت هذه الخطوة من قبل «غاز بروم»، خطوات مشابهة اتخذتها تجاه كل من بولندا وبلغاريا وفنلندا. وهكذا أخضع الروبل الروسي أكثر من 50 شركة طاقة مرتبطة بعقود مع الشركة الروسية «غازبروم»، إذ فتح هؤلاء العملاء حسابات لتسديد مدفوعاتهم بالعملة الروسية بدلا من اليورو والدولار. وتأتي خطوة الرئيس بوتين في إطار إدارة الصراع بشأن العقوبات المفروضة على بلاده من قبل الغرب وأمريكا، والتي نالت بشكل كبير من مقدرات روسياالمالية. وقد صرّح وزير المالية الروسي أنطون سيلو أنوف أن العقوبات الاقتصادية الأمريكية والأوروبية على بلاده جمّدت أكثر من 300 مليار دولار من الاحتياطات الأجنبية، فضلا عن تأميم عدد من أسهم المؤسسات الروسية الحكومية والخاصة في أمريكا وأوروبا. وفرضت الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي ودول أخرى، عقوبات اقتصادية غير مسبوقة تهدف إلى عزل روسيا عن الاقتصاد العالمي والنظام المالي الدولي المعروف ب «سويفت»، وذلك ردّا على «العملية الخاصة» لروسيا على أوكرانيا. وتشمل الحزمة الأخيرة من العقوبات وهي السادسة من نوعها ضد روسيا، الحظر الجزئي على واردات النفط الروسية، يصل إلى 80 % في نهاية 2022، وإقصاء أكبر بنك روسي من نظام «سويفت» للتحويلات الدولية الى جانب توسيع قائمة العقوبات الشخصية ضد مسؤولين روس. وأظهرت تطورات الاخيرة للجميع، أنّ الحرب باتت أكثر تعقيدا مع إصرار أمريكا والأوروبيين على رفض السماح لروسيا بالانتصار في الحرب من جهة، وعدم قدرتهم من جهة أخرى على الاتفاق على موقف موحّد تجاه الطاقة الروسية بعد اعتراض بعض الدول الاوروبية على قطع العلاقة النفطية خصوصا المجر. وصرّح رئيس مكتب رئاسة الوزراء المجرية غيرغي غوياش، أنّ الاتحاد الاوروبي لم يتبن أي عقوبات تجعل من المستحيل دفع ثمن الغاز الروسي بالروبل. وأكّد وزير الخارجية المجري بيتر سيارتو في هذا الشأن، أنّ بلاده ستدفع ثمن الغاز الروسي المورد إليها بناء على الآلية التي طرحتها موسكو، مشيرا إلى أنّ إمدادات الغاز الروسي إلى المجر عبر بلغاريا تتم بشكل طبيعي. وفي المقابل قلّل مسؤولون روس من أهمية قرار الاتحاد الأوروبي فرض الحظر الجزئي على استيراد النفط من روسيا، حيث كتب مندوب روسيا الدائم لدى المنظمات الدولية في فيينا، «ميخائيل أوليانوف على حسابه في «تويتر»، إن بلاده «ستجد مستوردين آخرين»، مضيفا أنّ «التغيير السريع للغاية لنمط التفكير يظهر أنّ الاتحاد الأوروبي ليس بحالة جيدة». ويبقى السؤال - مع بروز تكتلات وقوى اقتصادية ومالية عالمية جديدة وتحقيقها تدريجيًّا اكتفاءً ذاتيًا بل وفائضًا - هل فعلا بدأت المخاوف الحقيقية تتراكم من تهاوي الدولار، وتضرّر قطاع المال الحالي بقواعده القديمة التي تتناسب ومصالح الذين وضعوه سابقًا»؟ في الحقيقة إنّ التوقعات بانهيار الدولار وإزاحته عن عرشه، باعتباره العملة الاحتياطية الأبرز، قديمة جدا، فعلى الرغم من هبوط حصة الدولار في احتياطيات النقد الأجنبي العالمية إلى حوالي 59 في المائة، وهو أدنى مستوى على مدار 25 عاما، فإن إشارات قليلة تدلل حاليا على زواله. فحتى حلول النقود الرقمية، بأشكالها المتعددة والمتطورة، محل السيولة التقليدية لا يعنى حسب المتتبعين أنّ العالم قد وصل لعصر العدالة الاقتصادية، وأنّه حان الوقت لإحداث نظام مالي عالمي جديد يفي بمتطلبات القرن الواحد والعشرين. وعرفت في بداية القرن الواحد والعشرين أزمات مالية عالمية أدّت إلى انهيارات في أسواق الأسهم العالمية، وذلك خلال عام 2001، وكذا في عام 2008 التي سميت بالسنة الأشد سوادًا، حيث أفلست مصارف عريقة تعتبر أحد ركائز النظام المالي في تعاملاتها خاصة في الولاياتالمتحدةالأمريكية، حيث وصل عدد المصارف التي انهارت فيها لوحدها 19 بنكًا، حسب التقارير الإعلامية. وامتدّت الأزمة لتشمل دولاً أوروبية وآسيوية خليجية وبلدانًا نامية ترتبط اقتصاداتها مباشرة بالاقتصاد الأمريكي. وبالرغم من ذلك، ظل الدولار الأمريكي العملة الأقوى مقابل العملات الأخرى يأخذ حجما كبيرا من احتياطات العملة دوليا، ويحقق حاليا معدلات نمو واضحة في قيمته أمام أغلب عملات العالم مع التراجع في حصة أمريكا من التجارة الخارجية. فهو مستمر في قوته من خلال «النفوذ السياسي» لأمريكا، و»الاحتماء بقوتها» للعديد من الدول خوفا من «البعبع» الروسي الصيني الذي تستخدمه الولاياتالمتحدة لاستمرار سيطرتها على السيولة الدولية، إضافة الى عوامل ضعف الاقتصادات الأخرى وتحديات الاسواق الناشئة التي يعتمد عدد كبير منها على تمويل ميزانيتها عن طريق طرح سندات بالدولار الأمريكي. وحسب بنك التسويات الدولية، فإنّ 62 % من الدين العالمي، و56 % من القروض الدولية، وما يقرب من 44 % من حجم تداول العملات الأجنبية، وما يقرب من 60 % من احتياطيات النقد الأجنبي محسوبة بالدولار الأمريكي. إنّ لجوء روسيا لعملة الروبل المحلية في عمليات التبادل التجاري كما يرى خبراء اقتصاديون ما هو إلا نتيجة لما قامت به أمريكا وأوروبا خلال التداعيات الأخيرة، حيث يسعى المسؤولون الروس فقط الى دعم الروبل. وقال الخبير الاقتصادي الالماني آرون ساهير، الذي يرأس مجموعة الأبحاث السيادية النقدية في «معهد هامبورغ للأبحاث»، إنّ هدف فلاديمير بوتين هو ترك عمليا «للغرب فرصة التعامل مع المركزي الروسي، وهذا ما سيترجم باستقرار سعر صرف الروبل». كما يرى محللون كالخبير الاقتصادي المصري عمرو سليمان، أن التبادل بالعملات المحلية مرهون بوجود فوائض في ميزان المدفوعات والميزان التجاري للدول، ووجود شركاء تجاريين كبار لديهم الاستعداد لتنفيذ هذا الأمر. وتبقى في هذا الشأن روسياوالصين والهند مؤهلة لذلك لأنها أسواق كبيرة من حيث حصتها في التجارة الدولية، وعددها السكاني، وتأثيرها الاقتصادي. وتستطيع هذه الدول التعامل من خلال الصفقات المتكافئة أو العملات المحلية بشكل لا يمكن من حدوث أي مشاكل أو خلل. ويظل استخدام الدولار واليورو سائدا مع أمريكا واوروبا بالنسبة لدول أصغر من حيث التبادل التجاري أو الناتج المحلي الإجمالي مثل الدول النامية الصغيرة التي نصيبها في التجارة الخارجية ضعيف، فمن الممكن أن يكون التعامل لهذه الدول باليوان أو الروبل فقط مع الصينوروسيا في نوعية الصفقات الموجودة بين الجانبين. إرهاصات تحوّل ونواة نظام مالي جديد عكس ذلك، يلاحظ بعض الخبراء أن استمرار استخدام واشنطن القوي للأدوات الاقتصادية لتمرير أهداف سياستها الخارجية فقط يمكن أن تكون له نتائج عكسية وغير مرغوبة، حيث ستقوض مركزها العالمي وتعجّل بانهيار الريادة الاقتصادية الأمريكية على المدى الطويل. وتمثل الخطوة الروسية لاعتماد العملات المحلية بمثابة ارهاصات تحول اقتصادي، وولادة نواة نظام جديد وبداية النهاية لعصر لدولار. ويعتبر الخبراء أن الاستعمال المتزايد للعقوبات المالية كسلاح حرب أوجد حافزا جديدا للبلدان القوية لاسيما الصين لاستكشاف الطرق الكفيلة بالحد من التأثير في حال استخدام تدابير مماثلة ضدها. وقد تكون العواقب الأبعد أمدا على النظام المالي العالمي بعيدة الامد. وكتب السيناتور الروسي أليكسي بوشكوف على حسباه في «تيلغرام»: «بدأ النظام المالي العالمي في مرحلة رتيبة من إعادة الهيكلة». وأشار بوشكوف إلى أنه حتى صندوق النقد الدولي يعترف بأن الأحداث الأخيرة قد زعزعت مكانة الدولار كعملة رائدة في العالم. وأضاف: «لم يسقطوا بل اهتزوا، ولكن هذه البداية فقط». كما اعترفت النائب الأول للمدير العام لصندوق النقد الدولي جيتا جوبيناث في وقت سابق، بانحسار التأثير العالمي للدولار بسبب العقوبات المفروضة على روسيا. واعتبر موقع الإذاعة الالمانية الرسمية «دوتشلاند فونك»، أنه «بعد قرار بوتين، سيواجه العملاء في الغرب مشكلة، لأنه بات المطلوب تأمين مبالغ أكبر من الروبل لدفع الفواتير، والتي يمكن الحصول عليها حاليا فقط من المركزي الروسي». وذهبت صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية الى ابعد من ذلك، حيث أكّدت أنّ العقوبات ضد روسيا وتجميد جزء من احتياطاتها النقدية في البنوك الغربية، قد تقوّض الدولار وتغير النظام المالي العالمي. وأشارت الصحيفة إلى أنه «نتيجة لتصرفات واشنطن سيبرز نظام اقتصادي بديل في العالم». وقالت: «يجب الانتباه إلى خطط الصين طويلة الأجل لجعل اليوان عملة أكثر أهمية في التسويات العالمية، والتي قد يتسارع تنفيذها على خلفية رد فعل الدول الغربية على الأحداث في أوكرانيا..وكجزء من هذه الاستراتيجية، يمكن أن تسرع الصين بتقدم نظامها المصرفي (CIPS) المستخدم في أكثر من 100 دولة، وينظر إليه على أنه بديل لنظام SWIFT». وبالفعل فإن الصين تتحرّك «ببطء شديد» حسب الخبير عمرو سليمان، ولكن بقوة كبيرة فاليوان الصيني لم يكن ضمن سلة العملات الدولية منذ حوالي 7 سنوات، ولكن حاليا اليوان حاضر وموجود وترتفع قيمته. وأكّدت كبيرة الاقتصاديين في شركة «إينودو إيكونوميكس المحدودة» في لندن ديانا تشويليفا في مقال تحليلي بمجلة «فورين بوليسي» الأمريكية، أنه يبدو أن العقوبات التي فرضتها الدول الغربية على روسيا ردّا على عمليتها الخاصة في أوكرانيا ستدفع إلى تعجيل فك الارتباط الاقتصادي الجاري الآن بين الولاياتالمتحدةوالصين، خاصة إذا انتهزت بكين الفرصة لتعزيز جاذبية عملتها الوطنية، وبنيتها المالية على النطاق العالمي. وإذا استطاعت بكين جعل نظامها المالي ومدفوعاتها العابرة للحدود أكثر جاذبية، وتعززت مكانة عملتها اليوان، فإنّ هيمنة الدولار قد تتآكل بمرور الزمن، حسب مجلة «فورين بوليسي». ورأت ديانا تشويليفا أنّ إقدام واشنطن على حرمان روسيا من الوصول إلى نحو نصف احتياطاتها من العملات الأجنبية والذهب كان بمنزلة دليل على أن القوة المالية «الغاشمة» لا تزال بأيدي الغرب، الأمر الذي يمكن أن يقوي فقط من عزم الصين على التشبث بمسارها الأيديولوجي واقتطاع مجال نفوذ جيوسياسي خاص بها. ونفس الشيء بالنسبة لروسيا التي ظلت هي الاخرى تعتمد على مجموعة دول «بريكس»، التي تضم في عضويتها 5 دول من ذوات الاقتصادات الناشئة (البرازيلوروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا) لتوسيع رقعة تداول عملاتها الوطنية في مجال التجارة وتكامل نظم مدفوعاتها. وقد أعرب وزير المالية الروسي أنطون سيلوانوف اعتقاده أنّ تلك الخطوات كانت ضرورية، لأن العقوبات الغربية قوّضت أسس النظام النقدي والمالي الحالي المعتمد على الدولار. وقد أسّست روسيا نظامها الخاص للتحويلات المصرفية المعروف باسم «إس بي إف إس» (SPFS) بديلا عن نظام «سويفت» الذي أُقصيت منه. ودخل نظام «مير» الروسي للدفع بالبطاقات-الشبيه بنظامي فيزا وماستركارد- حيز العمل عام 2015. غير أنّ حصة روسيا في الاقتصاد العالمي ضئيلة حسب فورين بوليسي، فإذا لم ترد الدول المشاركة المالية والاقتصادية مع الغرب والتمسك بعملة الدولار، فليس أمامها سوى خيار واقعي واحد فقط، ألا وهو الصين وعملتها اليوان، والتي تعرف أيضا باسم «الرنمينبي». وسيكون «الاعتماد المالي على ذات» سمة بارزة من سمات النظام الجديد الناشئ، كما تقول فورين بوليسي، فإن أي دولة لم تشعر بالارتياح إزاء استعراض الغرب «الشّرس» لقوته المالية، ربما ستلجأ إلى اتخاذ إجراءات تقيها الاعتماد على الدولار، وذلك من خلال المشاركة في البدائل الروسية والصينية.