نفى رئيس الحكومة السيد أحمد أويحيى أمس أن يكون مسعى تعديل الدستور تراجعا عن المكاسب الديمقراطية التي جاء بها دستور 1996، وأكد لدى عرضه بمقر مجلس الأمة مضمون مشروع التعديل على اللجنة البرلمانية الموسعة أن مضمون التعديلات لا تمس بالمبادئ الأساسية التي يرتكز عليها المجتمع وتوازنات المؤسسات والسلطات. عرض رئيس الحكومة السيد أحمد أويحيى زوال أمس بمقر مجلس الأمة مسودة مشروع القانون المتضمن تعديل الدستور في إطار استكمال الإجراءات القانونية تحسبا لعقد جلسة التصويت على نص التعديل في جلسة تعقد بعد غد الأربعاء بقصر الأمم نادي الصنوبر برئاسة رئيس مجلس الأمة السيد عبد القادر بن صالح. السيد أويحيى وأمام أعضاء اللجنة الموسعة المشكلة من 75 عضوا إضافة إلى رئيسها نائب رئيس مجلس الأمة السيد عبد الرزاق بوحارة ونائب رئيس المجلس الشعبي الوطني السيد مسعود شيهوب مقررا وبحضور وزير العلاقات مع البرلمان السيد محمود خذري ألقى كلمة قصيرة شرح فيها المغزى السياسي لمبادرة تعديل الدستور، وأكد أن مسودة تعديل الدستور "لا تمس أي نقطة منها ما جاء به الشعب الجزائري في استفتائه على دستور 1996 وبالتحديد في شهر نوفمبر 1996، وأضاف السيد أويحيى باعتباره رئيس الحكومة الذي أشرف في عهد الرئيس السابق اليامين زروال على تنظيم الاستفتاء على مشروع تعديل دستور 1989 الذي جرى في خريف 1996 "أن وثيقة مشروع تعديل الدستور المطروحة حاليا لا تحتوي على أية نقطة تمس المبادئ الأساسية التي يرتكز عليها المجتمع وكذا الحريات وتوازن المؤسسات والسلطات". وأبلغ رئيس الهيئة التنفيذية المشاركين في الاجتماع الذي حضرت "المساء" جلسته الافتتاحية بأن مبادرة التعديل "تأتي كثمرة للتجارب التي عاشتها الجزائر خلال أكثر من أربعة عقود بعد الاستقلال، وتعد أيضا ثمرة التحولات التي عرفتها الجزائر". وحضر الاجتماع كل أعضاء اللجنة الموسعة للبرلمان المشكلة من نواب رئيس مجلس الأمة الخمسة ونواب رئيس المجلس الشعبي الوطني التسعة وأعضاء اللجنتين القانونيتين للغرفتين، بما في ذلك نواب أحزاب المعارضة في المجلس الشعبي الوطني. وحضر رئيس الحكومة السيد أحمد أويحيى إلى مقر مجلس الأمة في حدود الثانية والنصف زوالا وكان عند التوقيت المحدد لعقد الجلسة، وقدم خلال الاجتماع مباشرة بعد الكلمة التقديمية المحاور الخمسة لمشروع القانون المتضمن تعديل الدستور. وتحتوي وثيقة المشروع التي تحصلت "المساء" نسخة منها على 13 مادة أساسية تخص تعديل 11 مادة من ناحية الشكل والمضمون وإضافة واحدة هي 31 مكرر والتي تنص "تعمل الدولة على ترقية الحقوق السياسية للمرأة بتوسيع حظوظ تمثيلها في المجالس المنتخبة...يحدد قانون عضوي كيفيات تطبيق هذه المادة"، كما احتوى النص على مادة أخرى تشير فقط إلى استبدال وظيفة "رئيس الحكومة" بوظيفة "الوزير الأول" في المواد 83 و84 و86 و91 و116 و118 و119 و120 و125 و129 و137و158. وتمس التعديلات الواردة في الوثيقة محورا خاصا بحماية رموز الثورة حيث تنص المادة الخامسة كما هي معدلة على أن "العلم الوطني والنشيد الوطني من مكاسب ثورة أول نوفمبر 1954 وأنهما غير قابلين للتغيير"، وتوضح المادة مواصفات العمل الوطني، وتؤكد على أن"النشيد الوطني بجميع مقاطعه، هو "قسما"، وتأتي هذه المادة بهذه الصيغة لتجنب تكرار حادثة بتر النشيد الوطني في المقررات الرسمية. في حين جاءت المادة 62 بفقرة إضافية تشير إلى أن الدولة "تعمل كذلك على ترقية كتابة التاريخ، وتعليمه للأجيال الناشئة". وبخصوص المادة 74 فقد أدخل تعديل واحد وهي الجملة الثانية من المادة الأصلية حيث تم الإبقاء على فترة المهمة الرئاسية بخمس سنوات، في حين تم تعديل الفقرة الثانية على أنه"يمكن تجديد انتخاب رئيس الجمهورية" دون تحديد عدد العهدات كما كان منصوص عليه في المادة بصيغتها المعروفة في دستور 1996 وفي الباب المتعلق باستحداث منصب "وزير أول" بدل "رئيس الحكومة" فقد أشارت المادة 77 إلى أن الرئيس هو من يعين الوزير الأول والوزراء وينهي مهامهم، وأنه يمكن لرئيس الجمهورية أن يفوض جزءا من صلاحياته للوزير الأول لرئاسة اجتماعات الحكومة، إضافة إلى إمكانية تعيين عدة نواب للوزير الأول بغرض مساعدة الوزير الأول في ممارسة وظائفه وينهي مهامه أو مهامهم. وتحدد المواد من 79 إلى 81 وكذا المادة 85 و87 و90 مهام نشاط الوزير الأول، في حين تضاف جملة سابعة إلى المادة 178 التي تنص على أنه لا يمكن أي تعديل دستوري أن يمس برموز الجمهورية حيث تنص على أن لا يجب المساس ب"العلم الوطني والنشيد الوطني باعتبارهما من رموز الثورة والجمهورية". ومباشرة بعد عرض المحاور الكبرى للمشروع فتح رئيس الحكومة نقاشا مع أعضاء اللجنة، قصد بلورة صيغة التقرير الذي يعرض على جلسة البرلمان المقررة الأربعاء القادم للتصويت على نص مشروع القانون المتضمن تعديل الدستور، وينتظر أن يتوج هذا اللقاء أيضا بمشروع قانون داخلي خاص بالجلسة التي سيترأسها رئيس مجلس الأمة السيد عبد القادر بن صالح. ورجحت مصادر تشارك في الاجتماع أن يتواصل الاجتماع إلى غاية اليوم الإثنين وذلك بالنظر إلى ضرورة تعميق النقاش حول جميع المواد المتضمنة في مسودة المشروع، وكذا إعداد النظام الداخلي للجلسة. ويذكر أنه تم أول أمس السبت تنصيب اللجنة البرلمانية الموسعة المنصوص عليها في المادة 100 من القانون العضوي الناظم للعلاقات بين غرفتي البرلمان والحكومة لإعداد مشروع النظام الداخلي للبرلمان. وتنص المادة 100 من القانون العضوي الناظم للعلاقات بين غرفتي البرلمان أن "تضبط القواعد الأخرى لسير البرلمان المنعقد بغرفتيه المجتمعتين معا في نظام داخلي تقترحه لجنة مكونة من مكتبي الغرفتين يرأسها أكبر الأعضاء سنا ويصادق عليه البرلمان بغرفتيه المجتمعتين معا في بداية جلساته". أما المادة 176 من الدستور فتنص على أنه "إذا ارتأى المجلس الدستوري أن مشروع أي تعديل دستوري لا يمس البتة المبادئ العامة التي تحكم المجتمع الجزائري وحقوق الإنسان والمواطن وحرياتهما ولا يمس بأي كيفية التوازنات الأساسية للسلطات والمؤسسات الدستورية وعلل رأيه أمكن رئيس الجمهورية أن يصدر القانون الذي يتضمن التعديل الدستوري مباشرة دون أن يعرضه على الاستفتاء الشعبي متى أحرز ثلاثة أرباع (4/3) أصوات أعضاء غرفتي البرلمان".