بعد 17 عاما من الغياب ومحاولات التغييب، عاد الرُبّان لِيَمْخُرَ عُباب البحر ويصعد لسفينة الحرية. هي ملامح اللحظات الأولى لحرية شيخ الأسرى اللواء فؤاد الشوبكي قد بدت على محياه وهو يرى أبناء شعبه بالآلاف يلاقونه عند حاجز ترقوميا الاحتلالي. خرج لهم متوشحا كوفيته وماشقا رأسه بعزيمة المناضلين، 17 عاما كَدَّت بالشيخِ وما كدت معها إرادة الفؤاد، وإن بدا في تقاسيم محياه الحنين. من داخل سيارة إسعاف أقلته من حاجز ترقوميا جنوب محافظة الخليل، أطل شيخ الأحرار محيِّيا ملاقيه، ملوحا بإشارة النصر في يديه، مرددا في أولى كلماته "الأسرى شهداء مع وقف التنفيذ". عاد ربان سفينة الأسرى حرا، محملا بأمراض في جسده، بعد 17 عاما من الأسر، ليحتضن أبناءه وأحفاده الذين لم يروا جدهم منذ ولادتهم. عاد الشيخ الذي كان ملجأ النصيحة لعائلته الأسرى، الذين لطالما كان ملاذ النصيحة والتوجيه لهم في معتقلات الاحتلال، ها هو الآن شيخ عائلته وملجؤهم في وجاهة الحياة ودروب الحرية والمستقبل. فؤاد الرُّبّان، اعتقله الاحتلال في الرابع عشر من آذار عام 2006، متهما إياها بالتخطيط لإحضار سفينة "كارين A« المحملة بالسلاح وتمويلها وتهريبها، حيث صادرها في البحر الأحمر في الثالث من كانون الأول عام 2002، وحكمت عليه المحكمة العسكرية الاحتلالية بالسجن ل (20) عاما، ولاحقا تم تخفيضها إلى (17). الوجهة الأولى لشيخ الأسرى بعد الحرية، كانت التوجه إلى ضريح رفيق دربه الرئيس الشهيد ياسر عرفات، ليقرأ الفاتحة على روحه وأرواح الشهداء جميعا، وقف بين حشد كبير من مناضلي حركة فتح وأبناء شعبنا يتقدّمهم عدد من أعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح والتنفيذية لمنظمة التحرير، وأمام عدسات الصحفيين، واضعا على ضريح أبو عمار إكليلا من الورود. وقال اللواء الحر: "سنواصل طريق الرئيس الشهيد ياسر عرفات حتى نيل الحرية للأسرى، ولأبناء شعبنا جميعا، ولوطننا وللقدس حتى النصر حتى النصر". وشدّد المحرّر الشوبكي، على أن الأسرى هم مشاريع شهادة داخل معتقلات الاحتلال، ويجب العمل على أن ينالوا جميعا حريتهم، مضيفا: "أرواحنا رخيصة فداء لوطننا ولشعبنا، ووفاء لآلاف الشهداء الذين استشهدوا على درب الحرية". حركة فتح أعدّت استقبالا رسميا وشعبيا حاشدا للواء الشوبكي، غصّ به مجمّع رام الله الترويحي، وهي الوجهة الثانية التي توجه لها شيخ الأسرى، حيث كان في استقباله الآلاف من أبناء شعبنا..بينما علت أنغام الفرقة العسكرية الموسيقية حينما تقدّم موكب سيارات إلى المكان. وفي كلمة باسم الرئيس محمود عباس، قال نائب رئيس حركة فتح محمود العالول: "نحن اليوم في غاية السعادة، نحن نستقبل القائد اللواء فؤاد الشوبكي، الذي شارك في مسيرة النضال الفلسطيني منذ بدايتها، ونذكره جميعا، فهو في كل لحظة وفي كل ساحة، ونفتخر بأبي حازم بمسيرته الطويلة الخاصة بالمناضلين من أجل الحرية والاستقلال، وأقول لكم نعم نسمي ثورة الجزائر ثورة المليون ونصف المليون شهيد، ولكن نسمي ثورتنا ثورة المليون ونصف المليون أسير". وأضاف العالول أنّ "اللواء الشوبكي قضى سنوات في السجن بها كم كبير من المعاناة والألم، ولكن بها أيضا عنفوان فلسطيني، فهو مكث 17 عاما ويخرج من السجن ليبقى على موقفه بأنه سيكمل الثورة، فالاحتلال يسعى للضغط على أبناء شعبنا الفلسطيني لثنيهم عن أهدافهم سواء بالقتل والاستشهاد أو بالأسر، ولكن الأسرى ينالون حريتهم ويحتفظون بمبادئهم". وأكد أن "تضحية الأسرى لا يوازيها تضحية على الإطلاق، فهي تضحية بالحرية من أجل حرية الوطن ومن أجل حرية الشعب الفلسطيني، وكل الشعب الفلسطيني يحتضن شيخ الأسرى فؤاد الشوبكي، وكلنا فخورون بك، ونحن بحاجة إلى ما اكتسبت من خبرة وبحاجة لحكمتك في ثورتنا، وسنواصل العمل من أجل الحرية واستقلال فلسطين". من جانبها، أكّدت محافظ رام الله والبيرة د - ليلى غنام على أن الحق الفلسطيني سينتصر على المنظومة الصهيونية مهما طال الزمان، مهنئة شعبنا وأحرار العالم بحرية شيخ الأسرى اللواء الشوبكي. وأضافت غنام: "اليوم خرج أبو حازم منتصرا على الاحتلال، وحطّت أقدامه في أول مكان عند رفيق دربه الزعيم الخالد ياسر عرفات، ليؤكّد رسالة الوفاء والثبات على الثوابت، ومن خلال أبو حازم نوجّه تحية إجلال وإكبار لكل الأسرى الأبطال في معتقلات الاحتلال".