نوّاب يشيدون بإرجاع نظام العهدة لمحافظ بنك الجزائر أكد وزير المالية، لعزيز فايد، أن أحكام مشروع القانون النقدي والمصرفي، ستسمح بعصرنة المنظومة البنكية وتسهيل تسريع العمليات المالية للمستثمرين وأصحاب المؤسسات، فيما اعتبر نواب بالغرفة السفلى للبرلمان، أن النص يوفر شروط الشفافية والاستقرار للقطاع المصرفي. عرض، أمس، وزير المالية، مشروع القانون النقدي والمصرفي، أمام نواب المجلس الشعبي الوطني، في جلسة عامة حضرتها وزيرة العلاقات مع البرلمان، سجل فيها 116 تدخل لمناقشة النص قبل عرضه على التصويت لاحقا. وقال الوزير فايد، في مستهل العرض إن «هذا القانون سيمسح بالسير قدما نحو عصرنه النظام المصرفي لمواكبة التطورات الراهنة والمستقبلية، لاسيما في شقها التكنولوجي، قصد توفير المناخ الملائم للمتعاملين الاقتصاديين لاستخدام كل الأدوات المصرفية الحديثة». وبعد أن أشار إلى التحديات والنقائص التي مازالت تواجه النظام المصرفي الجزائري، أوضح فايد أن النص الجديد «جاء لتغطية أهم الجوانب القابلة للتطوير، حيث ستسمح أحكامه بعصرنة المنظومة البنكية وتعزيز مهامها التنظيمية والرقابية وتمكينها من التماشي مع ممارسات البنوك المركزية على المستوى الدولي». وسيحل مشروع القانون النقدي والمصرفي، محل قانون النقد والقرض 90/10، ومجمل التعديلات بالأوامر الرئاسية التي أدخلت عليه، أبرزها سنة 2003 وآخر 2017. وقدم الوزير أهم المستجدات التي حملها، وعلى رأسها «اعتماد نظام العهدة لممارسة وظيفة محافظ بنك الجزائر ونواب المحافظ، قابلة للتجديد مرة واحدة، وهذا ما من شأنه إرساء مصداقية أفضل وتحقيق الاستقرار في التسيير واستقلالية أكبر لبنك الجزائر في أداء مهامه». وقبلت لجنة المالية والميزانية، التعديل المتعلق بتعيين 3 مساعدين لمحافظ بنك الجزائر، بدل 2 مثلما جاء في المشروع التمهيدي للقانون، مرجعة أسباب ذلك إلى المهام الكثيرة المسندة إلى المحافظ وتتطلب عددا أكبر من المساعدين. وضمانا لنجاعة التسيير المالي للبلاد والشفافية، سيقوم بنك الجزائر بإعداد تقرير سنوي حول نشاطاته في مجال السياسة النقدية، والإشراف المصرفي ومساهمته في تحقيق الاستقرار المالي، والذي «يتعين على محافظ البنك إرساله الى رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة أو الى الوزير الأول، وذلك في نهاية كل سداسي للسنة اللاحقة». وبموجب القانون «يجب ان يتضمن هذا التقرير العناصر المطلوبة للفهم الجيد للسياسة النقدية، ويفضي هذا التقرير الى تقديم بيان للمجلس الشعبي الوطني يكون متبوعا بمناقشة». صلاحيات أوسع وبحسب وزير المالية، يمنح مشروع القانون الجديد، لبنك الجزائر، «صلاحية إنشاء اللجنة الوطنية للدفع، وهي مسؤولة عن وضع مشروع الاستراتيجية الوطنية لتطوير وسائل الدفع ومراقبة تنفيذها، بعد اعتمادها من السلطات العمومية، بهدف تعزيز التعاملات المصرفية والشمول المالي»، مشيرا إلى «توسيع مهمة بنك الجزائر في مجال الأمن ومراقبة أنظمة الدفع لتشمل المقاصة والتسوية وتسليم الأدوات المالية». وفي السياق، يمنح النص صلاحيات أوسع لمجلس القرض والنقد، وسيخول مرافقة التحولات التي تشهدها البيئة المصرفية، إذ يتولى اعتماد البنوك الاستثمارية، والبنوك الرقمية ومقدمي خدمات الدفع والوسطاء المستقلين ويرخص بفتح مكاتب الصرف. وتابع ممثل الحكومة، بأن القانون يسمح بإنشاء بنوك رقمية وهيئات تسمى «مقدمو خدمات الدفع Psp»، والتي يمكن تأسيسها على شكل شركة أسهم أو شركة أسهم مبسطة أو شركة ذات المسؤولية المحدودة. وبموجب ذات الإطار القانوني، سيتم إدخال العملة الرقمية للبنك المركزي، التي يطورها بنك الجزائر، ويصدرها، ويسيرها ويراقبها، وتسمى «الدينار الرقمي الجزائري». تكريس التمويل الإسلامي النص الذي عرضه وزير المالية، يضع الأساس القانوني للمنتجات والخدمات المصرفية التي تتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية، والمصادق عليها من الهيئة الشرعية الوطنية، والتي تكمل تلك الموجودة بالفعل وتساهم في تعبئة الإدخار وتعزيز الشمول المالي. أما في مجال الرقابة، يتضمن المشروع إنشاء لجان جديدة، لاسيما لجنة «الاستقرار المالي»، المكلفة بالمراقبة الاحترازية الكلية وإدارة الأزمات، والتي تقوم بإعداد تقرير سنوي حول أنشطتها وترسله لرئيس الجمهورية. وتطرق الوزير فايد، إلى اللجنة المصرفية، باعتبارها «السلطة الإشرافية» الوحيدة المخولة للبت في مخالفات وأحكام القانون ولوائحه، فيما يتعلق بالمخاطر، لاسيما خطر القرض. وختم فايد قائلا: «إن مشروع القانون النقدي والمصرفي، يعتبر لبنة جديدة تضاف لسلسلة الإصلاحات الاقتصادية التي باشرتها الجزائر، ويحمل إجراءات فعّالة في تسهيل وتسريع العمليات المالية الأساسية من المستثمرين أو أصحاب المؤسسات، خاصة بعد صدور قانون الاستثمار الجديد». تطويق السوق السوداء من جانبها، نوهت لجنة المالية والميزانية للمجلس الشعبي الوطني، بأحكام مشروع القانون، ورأت أنه يأتي تجسيدا لالتزامات رئيس الجمهورية 54، خاصة في الجانب المتعلق بالإصلاحات الاقتصادية والمالية. وقالت، إن مضامينه «تسمح بإعادة هيكلة القطاع المصرفي، وتسمح بتشجيع الاستثمار الأجنبي، وستهل حركة رؤوس الأموال وكذا تطويق سوق الصرف الموازية». لترفع في المقابل جملة من المقترحات، أهمها «فتح وكالات بنكية في ولايات الجنوب، تغيير تسمية مجلس النقد والقرض إلى مجلس القرض والتمويل وكذا التكفل بالمستثمرين والتقليل من معاناتهم أمام البنوك». ودعت اللجنة إلى تحسين تدفق الأنترنت لتعزيز المنظومة المصرفية، وتعزيز استقلالية البنك المركزي عن الجهاز التنفيذي لضمان تسيير آمن للبنك المركزي. في المقابل، أشاد عدد من النواب في مداخلاتهم، بما حمله مشروع القانون، خاصة إرجاع نظام العهدة لمنصب محافظ الجزائر ومساعديه، «بما يضمن الاستقرار والشفافية وينهي العبثية التي لازمت البنك في السنوات القليلة الماضية». فيما دعا آخرون، إلى توسيع عدد المراقبين للبنك إلى أكثر من 2، واستحداث هيئة الإنذار المبكر «لتفادي وقوع جرائم الفساد المالي والمصرفي والأزمات بشكل عام»، وطالبوا بإنهاء هيمنة السوق السوداء للعملة الصعبة ورفع منحة السفر إلى الخارج التي مازالت متواضعة.