يرمي مشروع القانون النقدي والمصرفي، الذي سيشرع نواب المجلس الشعبي الوطني في مناقشته اليوم إلى تكييف النظام القانوني والتنظيمي وتعزيز حوكمة كل من بنك الجزائر، ومجلس النقد والقرض، واللجنة المصرفية والمؤسسات المالية، حتى تتماشى والتحوّلات الاقتصادية والمالية العميقة والتحديات التقنية والتكنولوجية التي تعرفها الجزائر والعالم. يندرج مشروع القانون هذا ضمن عملية الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية والمالية التي باشرتها السلطات العمومية، وقد جاء بجملة من الأحكام والتدابير الرامية إلى تحسين وتطوير البيئة المالية والمصرفية، منها إعادة اقتراح نظام العهدة لمحافظ ببنك الجزائر ونائبيه، ( عهدة واحدة من أربع سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة)، وإعادة تنظيم تركيبة كل من مجلس إدارة بنك الجزائر ومجلس النقد والقرض. كما يمنح المشروع مجلس النقد والقرض صلاحيات جديدة تمكنه من مرافقة التحولات التي تشهدها البيئة المصرفية، حيث وسعت صلاحياته لاعتماد البنوك الاستثمارية، والبنوك الرقمية ومقدمي خدمات الدفع، و الوسطاء المستقلين ويرخص بفتح مكاتب الصرف. كما يجعل من اللجنة المصرفية سلطة إشراف، وبهدف تحفيز تمويل الاقتصاد الوطني يقترح أن تكون اللجنة المصرفية هي الهيئة الوحيدة المخولة للفصل في أي مخالفة من قبل البنوك و المؤسسات المالية فيما يتعلق بالتعرض للمخاطر سيما منها خطر القرض، كما يقترح بوضع نظام صادر عن مجلس النقد والقرض يحدد فيه الشروط و القواعد التفصيلية التي تؤطر التمويلات التي يمكن منحها للجهات المرتبطة بالبنك أو بالمؤسسة المالية. ولتمكين بنك الجزائر من أداء مهمّته المتمثلة في الاستقرار المالي، تمّ استحداث لجنة الاستقرار المالي وتكليفها بالمراقبة الاحترازية الكلية وإدارة الأزمات، ويقترح المشروع أيضا إنشاء اللجنة الوطنية للدفع المكلفة بإعداد مشروع الإستراتيجية الوطنية لتطوير وسائل الدفع الكتابية ومتابعة تنفيذها، بعد موافقة السلطات العمومية بهدف تعزيز المعاملات المصرفية والشمول المالي. كما يجسد المشروع الصيرفة الإسلامية، من خلال المنتجات والخدمات المصرفية المطابقة لمبادئ الشريعة الإسلامية الصادرة عن الهيئة الشرعية للإفتاء للصناعة المالية الإسلامية، والتي تتمم تلك الموجودة من قبل وتساهم في تعبئة الادخار، ودائما في هذا الشق ينص المشروع على اعتماد البنوك والمؤسسات المالية التي تقوم بالعمليات المصرفية المتعلقة بالصيرفة الإسلامية حصرا وكذا الحفاظ على الشبابيك المخصصة لذلك. ويدرج النص الجديد رقمنة المدفوعات من خلال إدخال شكل رقمي من العملة النقدية ( العملة الرقمية للبنك المركزي) التي يطورها بنك الجزائر ويصدرها ويسيرها ويراقبها، وتسمى « الدينار الرقمي الجزائري»، الذي سيشكل فيما بعد دعما للشكل المادي للعملة النقدية. وفي نفس الإطار تنص رقمنة النشاط المصرفي على انفتاح النظام البيئي المصرفي على البنوك الرقمية ومقدمي خدمات الدفع وتوسيع وسائل الدفع لتشمل العملة الإلكترونية، ومن جهة أخرى توسيع مهمة بنك الجزائر في مجال الأمن ومراقبة أنظمة الدفع لتشمل نظم المقاصة والتسوية وتسليم الأدوات المالية. وفي مجال الوصول إلى المعلومة المتعلقة بالقرض ينص المشروع على إلزامية انخراط هيئات القروض الأخرى- غير الخاضعة لإشراف بنك الجزائر- في مركزيات المخاطر والمركزيات غير المدفوعة، كما ينص على توسيع نطاق الالتزام بالتبليغ عن المعلومات و البيانات إلى بعض الجهات الفاعلة غير الخاضعة لمراقبة بنك الجزائر سيما من خلال تحقيقات إحصائية. وفي حال حدوث أزمة استثنائية، غير متوقعة وغير معلن عنها، على غرار جائحة كوفيد 19 يقترح المشروع إدخال تدبير جديد يسمح لبنك الجزائر بمنح تسبيق للخزينة العمومية. كما أدرج أدوات جديدة للسياسة النقدية بهدف جعلها أكثر نجاعة وتعزيز آليات انتقالها، وهو يتيح أيضا تكييف أدوات التدخل على مستوى السوق النقدية مع خصوصيات العمليات المصرفية سيما تلك المتعلقة بالصيرفة الإسلامية والتمويل الأخضر. ونشير إلى أنه بعد العرض والمناقشة اليوم سيتم التصويت على هذا المشروع يوم 11 من الشهر الجاري.