أوقف النائب والوزير المغربي السابق محمد مبدع على ذمة التحقيق في قضية تلقّي رشى وشبهات فساد، وفق ما أفاد الخميس مسؤول في جمعية تقدمت بشكوى ضده. وقال المحامي محمد الغلوسي عن "الجمعية المغربية لحماية المال العام إن قاضي التحقيق في الدار البيضاء "قرر إيداع 8 أشخاص السجن رهن الاعتقال الاحتياطي، بينهم الوزير السابق مبدع للتحقيق معهم في تهم اختلاس وتبديد أموال عمومية واستغلال النفوذ". وأوضح الغلوسي أن القضية تتعلق على وجه الخصوص بشبهات "رشى في منح صفقات عمومية"، تقدمت الجمعية بشكوى للتحقيق فيها العام 2020. ويعد توقيف وزراء أو مسؤولين نافذين في قضايا رشى أمرا نادرا في المملكة. والعام الماضي، تراجع المغرب سبع درجات على سلم مؤشر إدراك الفساد لمنظمة الشفافية الدولية مقارنة مع 2021، و14 نقطة مقارنة مع 2019. لصوص دون محاسبة أعاد خبر متابعة الوزير السابق والبرلماني محمد مبدع في حالة اعتقال على خلفية متابعته في قضية فساد، موضوع تبديد المال العام والإفلات من العقاب إلى واجهة النقاش العمومي بالمغرب، حاملا معه ملفات لا تزال تنتظر كلمة القضاء منذ سنوات طويلة، وأخرى صدرت فيها أحكام مخففة لا تتناسب مع الجريمة، أو إدانات بالسجن مع وقف التنفيد رغم خطورة الجرائم. وبالرغم من توالي المطالب والتوصيات بالضرب بيد من حديد على المفسدين وناهبي المال العام، للتقليص من حدة الفساد الذي ينخر البلاد بشهادة مؤسسات رسمية، إلا أن المسجل هو سيادة الإفلات من العقاب، وتأخر البت في الكثير من ملفات "النافذين"، والتساهل مع المتورطين في هذه القضايا، رغم أن الفساد يكلف المغرب حوالي 5% من الناتج الداخلي الخام، أي حوالي 5000 مليار سنويا، بحسب حماة المال العام. ويعتبر "حماة المال العام" أن قضية مبدع عنوان عريض على عدم سواسية المواطنين ورؤساء الجماعات أمام القانون، وعلى الإفلات من العقاب، وغض الطرف عن الفساد والمفسدين، ففي الوقت الذي يتم فيه عزل رؤساء جماعات في قضايا لا تصل إلى حجم هذه القضية، ظل مبدع في منصبه على رأس بلدية الفقيه بنصالح منذ 1997 دون أن تتحرك وزارة الداخلية وتسلك مسطرة العزل طبقا للقانون. ملفات في غرفة الانتظار وتعدد الجمعية المغربية لحماية المال العام جملة من ملفات الفساد وتبديد الأموال العمومية التي تعرف تأخرا ملحوظا في الحسم فيها، وطال الفساد حتى مجال الرياضة، حيث مازالت فضيحة التلاعب بتذاكر مونديال قطر تنتظر الكشف عنها ومحاسبة المتورطين فيها. كما تؤكد تقارير رسمية وغير رسمية أن الفساد واختلاس الأموال العمومية ينخر المغرب، ويقابل في الغالب بالإفلات من العقاب أو عقوبات مخففة، ورغم توالي المطالب والتوصيات بزجر المفسدين إلا أن الوضع لا يزيد إلا تدهورا، وترتيب المغرب في مؤشر مدركات الفساد يتراجع. الهيئة الوطنية للنزاهة ومكافحة الرشوة تؤكد في تقاريرها أن جرائم الفساد الكبرى المتميزة بالتعقيد والتواطؤ لا تجد طريقها للقضاء، وتشير إلى أن الإفلات من العقاب والرغبة في الثراء السريع يشكلان الأسباب الرئيسية لتفشي الفساد في المغرب. كما أن المغرب، بحسب الهيئة، ما زال يصنف ضمن البلدان التي تعرف استفحال آفة الفساد، ولم يصل بعد إلى المستوى الذي يسمح بانتشاله من خانة الدول التي ما زالت مجهوداتها في مكافحة الفساد غير كافية وغير فعالة، خاصة في ظل عدم فعالية القوانين، مما يجعل التجربة المغربية في مجال مكافحة الفساد ما زالت تعاني من بعض الأعطاب.