تحيين النظام المضاد للزلازل.. وتحقيق أهداف التنمية المستدامة وبعث الأمان إعداد مشروع قانون تعمير جديد بمشاركة مختصين وخبراء من عدة دول أكد وزير السكن والعمران والمدينة محمد طارق بلعريبي، أمس، أن الجزائر الجديدة تخوض معركة بناء بنهج فريد ومتميز، وإرادة وثبات وحرص شديد على ضمان العيش الكريم لمواطنيها، من أجل التغلب على الأحزان والمحن مثلما تغلبت دوما، حين واجهت الامتحانات القاسية، ببعد نظر سديد، كاشفا عن إعادة النظر في النظام الجزائري المضاد للزلازل سنة 2023. قال بلعريبي، في كلمة ألقاها في افتتاح أشغال ملتقى دولي حول «الحد من مخاطر الزلازل.. حوكمة واستشراف»، إن الجزائر التي عززت ترسانتها المؤسساتية والقانونية بإصدار القانون 04-20 الذي حدد المخاطر الكبرى العشرة، وأهمها الزلازل، خاصة في الشمال الجزائري الذي يعتبر منطقة نشاط زلزالي مستمر تتمركز فيه أغلب البنى التحتية والساكنة بنسبة 85%، هي بصدد الانتهاء من تحيين هذا القانون وملاءمته مع التوجهات العالمية الجديدة وإدخال المفاهيم الحديثة، معلنا الإنطلاق في تحيين النظام الجزائري المضاد للزلازل RPA خلال سنة 2023، وإعداد خرائط المخاطر الزلزالية عبر التراب الوطني، مع دراسة الأنسجة العمرانية الهشة بمختلف الولايات، ودراسة التقسيم الزلزالي في المناطق الحضرية ومواصلة تقييم المخاطر عبر 40 ولاية أخرى. كما يتضمن النظام الجديد، توجيه الدراسات التقنية الخاصة بالمباني الإستراتيجية، كالمستشفيات والمقرات الحكومية للأخذ بعين الاعتبار عوامل الصمود من زلازل محتملة، ومضاعفة الشبكة الوطنية للأجهزة المستعملة في رصد وتسجيل الموجات الزلزالية، حيث يبلغ عددها 570 منصة في الحقول المفتوحة وعلى بعض الهياكل مثل السدود، وكذا تزويد مخبر المركز الوطني للبحث المطبق في هندسة الزلازل CGS بطاولة اهتزازية من آخر طراز (بأبعاد 6×6 ومن 6 درجات من الحرية) لمختلف عمليات المحاكاة على المباني، بالإضافة إلى مرافق الاختبار الديناميكي الأخرى، وتحديد وتصنيف المناطق المعرضة للمخاطر من خلال أدوات التعمير والأخذ بعين الاعتبار الشروط التقنية لقابلية الأراضي للبناء، مع إجبارية إعداد ملفات تراخيص البناء من قبل مهندس معماري ومهندس مدني معتمد. ويتضمن القانون الجديد، إعداد أنظمة المعلومات الجغرافية (SIG) التي تحتوي على المخططات التوجيهية للتهيئة والتعمير ومخطط شغل الأراضي، من خلال إعداد بطاقات التأهيل إزاء البناء والمخاطر لتوجيه مشاريع التهيئة والتعمير نحو المناطق الأقل عرضة. بالموازاة مع ذلك، أعلن وزير السكن عن إعداد مشروع قانون تعمير جديد بمشاركة المختصين والخبراء من عدة دول، وهذا من منطلق تشاوري، تطمح الجزائر من خلاله إلى الاستجابة للتطورات الاجتماعية والإيكولوجية والاقتصادية وكذا الرقمنة لخلق وترقية إطار معيشي عالي الجودة وإرساء قيم مبتكرة في مجال الدراسات والتحاليل، لا سيما تجديد الأنسجة العمرانية بشكل عصري. تعلّمنا من تجاربنا المأسوية الإرادة والشجاعة وقال بلعريبي، «تعلمنا من تجاربنا المأسوية الإرادة والشجاعة لترجمة أفكارنا إلى مشاريع إيجابية وبناءة في أبعادها الاجتماعية، الاقتصادية والبيئية»، مشيرا إلى أن التقارير الدولية تشير إلى أن حوالي 66٪ من سكان العالم سيعيشون في مناطق حضرية بحلول عام 2050 وهو ما يستدعي منا العمل على وضع استراتيجيات للمدن لتصبح أكثر مرونة وتحسين قدرتها على الصمود والتعافي بسرعة من الصدمات لضمان استمرارية الخدمات. وأكد أن الجزائر في إطار التزاماتها بإطار عمل «سنداي «2015-2030 تعمل بجد للحد من مخاطر الكوارث من خلال وضع آليات تعاون واستراتيجيات خاصة، ترجمها التقدم الملحوظ في هذا المجال بفضل الإرادات السياسية التي تعمل بدون هوادة على تعزيز الصمود وتقوية المجابهة اللازمة لبلوغ النتائج المنشودة. في هذا السياق، نبه الوزير إلى أن الجزائر لم تتخلف عن المشاركة ضمن الجهود الإقليمية، خاصة العربية، بتبنيها الاستراتيجية العربية للحد من الكوارث خلال القمة العربية المنعقدة بموريتانيا، كما كان لها دور في إنشاء المركز العربي للوقاية من أخطار الزلازل والكوارث الطبيعية والذي يتخذ من الجزائر مقرا له. وقال بلعريبي «لم يكن ذلك افتخارا بل إدراكا بأهمية وجود منظمة عربية تعنى بالكوارث والزلازل توحيدا للجهد العربي، لتجاوز العقبات والنكبات»، مضيفا أن الجزائر تعمل، ومن خلال جامعة الدول العربية وكذلك الاتحاد الإفريقي والمكتب الإقليمي للأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث بالقاهرة، على المساهمة وبفاعلية في وضع الآليات الكفيلة للارتقاء بالعمل الجماعي، لأنها تدرك بأنه الأسلوب والمنهج الوحيد الذي يحقق الأهداف المرجوة، خاصة وأنها اكتسبت من التجربة ما يكفي لمقاسمتها مع باقي الدول. وأعرب بلعريبي، أن أمله في أن تنبثق عن الملتقى توصيات علمية ترسم معالم رؤية استشرافية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة وبعث الأمان، وهي قناعة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، مؤكدا أن تحسين نوعية السكن والتجهيزات في مواجهة الكوارث الطبيعية مسؤولية جميع المتدخلين، كل حسب اختصاصه.