اهتمام إفريقي بتجربة ريادة الأعمال الجزائرية والابتكار حرص رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، على توفير الشروط وتهيئة الظروف لبلوغ مراتب الريادة، بدءا بدعم الشباب الذي أمامه كل الفرص، وعليه الاندماج في مقاربة تعتبر نموذجا اقتصاديا فعالا. حيث أقر رئيس الجمهورية أن يكون المستقبل للشباب، من خلال إجراءات ملموسة، انطلاقا من استحداث وزارة للمؤسسات الناشئة، ودبلوم للمؤسسات الناشئة والابتكار على مستوى الجامعات التي فسحت لحاضنات الأعمال، إضافة إلى استحداث تخصصات جامعية بحسب متطلبات سوق العمل. وتوسعت بورصة التحفيزات إلى استحداث لآليات التمويل برأس مال مخاطر. بالموازاة مع تعديلات على مستوى قانون العمل تمنح حق الاستفادة من عطلة لمدة ستة أشهر قابلة للتجديد في حال أراد الموظف خوض تجربة المؤسسة الناشئة. اعتبر الخبير في المؤسسات الناشئة وتصميم نماذج العمل، عز الدين شيباني في اتصال أجرته معه "الشعب"، أن مقاربة الشركات الناشئة والمشاريع المبتكرة، تجربة رائدة في الجزائر كنموذج جديد تم تكريسه بموجب قرار من رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، يقوم على الاهتمام بالحلول الإبداعية والابتكارية من أجل خلق قيمة مضافة، وفق معادلة منجماتية أهم متغيراتها، تقليص الآجال الزمنية والتقليل من الكلفة الإنتاجية، من أجل المساهمة إلى جانب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والمؤسسات الاقتصادية الكبرى، في تقديم حلول ذكية للرفع من أداء ومردودية هذه الأخيرة من خلال مشاركتها كحلقة محورية ضمن سلاسل الإمداد للدورة الإنتاجية. من الفكرة المبتكرة إلى براءة الاختراع إن توسع امتداد نشاط المؤسسات الناشئة - يقول المتحدث - قد توغل إلى أدق تفاصيل الاقتصاد الوطني بما فيها المحروقات، ليشمل مجالات عديدة وإستراتيجية، كالفلاحة، إنتاج الأدوية، الخدمات، إلى جانب مجال التصنيع الذي أصبح ارتباطه بالمؤسسات الناشئة قويا وحيويا، خاصة في شقه المتعلق بالمناولة وضمان مختلف المدخلات التي تحتاجها المؤسسات الكبرى في مختلف مراحل عملياتها الصناعية. مما دفع السلطات العمومية، بدافع الحاجة الملحة لنسيج صناعي كثيف يدعم الاقتصاد الوطني، إلى التفكير في كيفية ترسيخ ثقافة المقاولاتية لدى الشباب، وتشجيعهم على دخول عالم المقاولاتية وإعداد نماذج تكون مخبرية في مرحلتها الأولى، ثم قابلة للتصنيع اقتصاديا في المرحلة الثانية. بدءا بالعمل على تشكيل نظام بيئي اقتصادي، إما عن طريق مؤسسات جزائرية 100% أو عن طريق مؤسسات أجنبية بالجزائر تنشط في مجال المؤسسات الناشئة، من خلال التواصل مع المخابر المتواجدة على مستوى الجامعات وتقديم إشكاليات كنقطة انطلاق سيعمل الطلبة على إيجاد الحلول المبتكرة لها من خلال فرق عمل مصغرة تجمع عددا من الطلبة، وفقا لمخطط عمل متوازن ومرحلي، يقوم انطلاقا من الفكرة المبتكرة إلى الاحتضان، إلى تصميم النموذج الأولي، ثم اختبار النموذج الأولي وتحديد جوانبه الايجابية ونقاط القوة والضعف المكونة له، للوصول أخيرا إلى تسجيل الابتكار على مستوى معهد الفكرية الصناعية الذي تتمثل مهامه في حماية براءة الابتكار. اِجراءات ملموسة تؤكد إرادة سياسية حقيقية أما عن المجهودات التي تبذلها الدولة الجزائرية من أجل إنجاح مقاربة المؤسسات الناشئة، أوضح شيباني أنه يمكن وصفها بدون مبالغة، ب«الفريدة من نوعها على المستوى العربي والعالمي"، من خلال جملة الإجراءات التنظيمية والتسهيلات المالية والإدارية التي أقرها رئيس الجمهورية وجعلها ضمن الأولويات، تشجيعا للشباب حامل مشعل الغد على دخول عالم ريادة الأعمال، وتحويله من باحث عن فرص الشغل إلى موفر لها وخلاق للثروة، وذلك من خلال، ولأول مرة في تاريخ الجزائر، استحداث وزارة للمؤسسات الناشئة تعنى بطموحات الشباب، وتتبنى أفكارهم وترافق مشاريعهم، بما فيه ذلك التمويل. فبمجرد حصول صاحب المشروع المبتكر على وسم "المؤسسة الناشئة"، يمكنه الحصول على تمويل من طرف صندوق تمويل المؤسسات الناشئة، عن طريق التسجيل مباشرة في المنصة الرقمية المخصصة لاستقبال الملفات، تكريسا لمبدأ الشفافية ومبدأ تساوي الفرص الممنوحة لجميع الشباب عبر جميع مناطق التراب الوطني. وقال شيباني إن استحداث حاضنات أعمال على مستوى الجامعات كمرحلة أولى، تلتها خطوة مكملة متمثلة في استحداث دبلوم ثاني يمنح للطالب من طرف الجامعة، متمثل في دبلوم المؤسسة الناشئة والابتكار، دليل على اضطلاع الجامعة بدورها الجديد، كجهاز حاضن لأفكار الشباب من خلال توفيرها لنظام بيئي مرتبط وذي علاقة وطيدة بالمؤسسات الاقتصادية، مما يضع الطالب ضمن فريق عمل متكامل، فيما يخص تبادل الأفكار من أجل انجاز مشاريع مبتكرة، وابتكار حلول ذكية ورقمية لمختلف الإشكاليات المطروحة. فرق عمل متعددة التخصصات والجنسيات وفي ذات السياق، أشاد الخبير بالاهتمام الخاص الذي أولته السلطات العمومية للدفع بالمؤسسات الناشئة الجزائرية إلى المحيط الاقتصادي الخارجي، بدءا بدول الجوار من خلال علاقات الشراكة مع الشركات الناشئة من مختلف الدول الإفريقية، كإثيوبيا، مالي، السنغال، جنوب إفريقيا، مالي والتشاد، أين بدأت المؤسسات الناشئة بالتنسيق والتواصل فيما بينها من أجل استحداث أسواق جديدة مشتركة وخلق شبكات تواصل فيما بينها من أجل نسيج خدماتي وإنتاجي متكامل. مما يعبر عن اهتمام الطالب الإفريقي، بالمقاربة الجديدة لريادة الأعمال متمثلة في المؤسسات الناشئة، من خلال الاندماج مع الطلبة الجزائريين في ما يخص الابتكار وتصميم النماذج. والانخراط بالنوادي العلمية المتخصصة على مستوى الجامعات مما يسمح بالاندماج مع فرق متعددة الاختصاصات ومختلفة الجنسيات مما يخلق بيئة إبداعية وجوا من التبادل المعرفي والثقافي. ومن أجل تكريس ثقافة الدعم والتشجيع، ذكر الخبير أن الجزائر قامت من خلال مختلف هيئاتها، باستحداث جوائز وتنظيم معارض من أجل تثمين جهود الشباب المبدع وبعث روح التنافسية، "كالجائزة الوطنية للابتكار" من أجل إعطاء الأفضلية للتحويل التكنولوجي وتطوير الابتكار واقتصاد المعرفة. إضافة إلى "الصالون الوطني للابتكار"، من أجل إبقاء الابتكار عملية مستمرة ودائمة تستوجب تضافر الجهود، بهدف الوصول إلى إرساء منظومة وطنية للابتكار قوية وفعالة، تعمل على توفير مناخ ملائم لتشجيع الاستثمارات والتحول التكنولوجي السريع، لا سيما في المرحلة الجديدة للصناعة من الجيل الرابع. وبهدف الوصول إلى ذلك، ينبغي تشجيع وعقلنة مختلف أجهزة الدعم الموجهة للبحث والتطوير من أجل خلق التكامل فيما بينها.