أكدت قيادة أركان الجيش الفرنسي، أمس، أن قواتها الخاصة وصلت إلى مدينة كيدال، أقصى شمال شرق مالي، وبدأ الجنود الفرنسيون الانتشار في مختلف أرجائها، قبل تسليم المهمة للجيش المالي، والقوات الإفريقية المنتظر وصولها في الأيام القليلة القادمة. جاء دخول كيدال بعد فرار الإرهابيين منها تحت غارات للطيران الفرنسي، خلال اليومين الأخيرين، ومع وصول الجيش المالي الى غاو وتمبكتو تكون عملية استعادة المدن الثلاثة الشمال قد اكتملت بنسبة كبيرة، وبدأ التفكير الآن فيما بعد السيطرة وكيفية الحفاظ عليها، لان القتال سيأخذ أسلوبا أخر. وقام البرلمان المالي بإعداد خارطة طريق لما بعد الحرب، تقوم على ضرورة التصدي للإرهاب والجريمة المنظمة، والشروع في مفاوضات مع الجهات التي تنبذ العنف وتحترم وحدة مالي الترابية والوطنية، وتعيين لجنة تشرف على مصالحة وطنية شاملة بين جميع أطياف المجتمع، يتم استكمالها بانتخابات شفافة ونزيهة تنهي الفترة الانتقالية، وتبدو هذه المقترحات، المخرج الأنسب لمالي، لكن الأمور على الأرض تختلف تماما، لان الجميع يعرف الخلفيات الرئيسية التي أوصلت البلد إلى هذه الحال، فانعدام التنمية وهشاشة البنية الاجتماعية الاقتصادية والإنسانية، كانت وراء الحال الذي هي عليه، وأي حل لهذه الأزمة الخطيرة، يجب أن يقوم على استخلاص الدروس الماضية وإطلاق مشاريع تنموية كبرى. المجتمع الدولي وعلى رأسه منظمة الأممالمتحدة، على دراية تامة بالأوضاع في شمال، وأصدرت تقارير ولوائح تحث على دعم جهود التسوية السلمية، وتشكيل صندوق دولي للإعانات الإنسانية والاقتصادية، من اجل بعث الحياة في مؤسسات الدولة السيادية، والقيام ببرامج الإدماج الاجتماعي، ونشر الوعي ومحاربة الأفكار الهدامة والتطرف وقطع الطريق أمام بارونات المخدرات والجريمة المنظمة، الذين استغلوا حالة الإحباط والفقر لدى شباب المنطقة. لكن ما يتم في الوقت الحالي هو جمع الأموال لتمويل الحرب التي ستكلف 1 مليار، حسب التقديرات الأولية، وتشارك الأممالمتحدة في هذا الدعم اللوجيستي بينما يحظى الجانب التنموي بقسط قليل من الاهتمام، ومن دون شك فان الحرب على الإرهاب تكون بيد وتهيئة أرضية البناء بيد أخرى، ومع توقعات استمرار الحرب إلى أعوام طويلة فان المعاناة ستستمر بقدر هذه المدة.