في حوار له ، وصف عبدو عبدولاي سيديبي، نائب مدينة غاو الوضع في هذه المدينة الشمالية بالجحيم. وحذر من نشوب أزمة إنسانية خطيرة في حال لم تتدخل قوات الأممالمتحدة ومجموعة دول غرب أفريقيا لتأمين ممرات إنسانية من أجل إيصال مساعدات عاجلة للسكان. وقال أن مدينة غاو تحولت إلى جحيم، منذ تاريخ وقوعها في قبضة قوات الحركة الوطنية لتحرير أزواد بمساعدة جماعة أنصار الدين ومنظمتين إسلاميتين مجهولتي الهوية. حيث قام المسلحون، بعد أن استولوا على بلدة بوران الواقعة على بعد 100 كلم غرب غاو وقرية انسنغو في الشمال، هاجموا ثلاثة مراكز عسكرية للجيش المالي في غاو وهم يهتفون لا إله إلا الله والله أكبر ويطلقون الرصاص في الهواء. معارك طاحنة دارت بين هذه الجماعات والجيش المالي، ما أدى إلى سقوط قتلى من الجهتين. لكن في النهاية، الجيش المالي لم يتمكن من الصمود أمام هذه المجموعات بسبب نقص في المعدات العسكرية وغياب التنظيم. وبعد ذلك، استولى المسلحون على كافة المناطق الحيوية في المدينة وشرعوا في تدمير المرافق العامة، مثل العيادات الطبية والمدارس ومراكز الدرك والشرطة. حتى مراكز المنظمات الإنسانية المحلية، مثل الهلال الأحمر وفرع لمنظمة أوكسفام وغيرهما، التي كانت تقدم مساعدات غذائية للمدنيين الذين فروا من القرى المجاورة بحثا عن الأمن في غاو التي لم تنجو من عقابهم. وفي حقيقة الأمر، كان سكان المدينة يعتقدون أن الجيش المالي، لا سيما قوات الحرس الجمهوري، قادرة على حمايتهم، لكنهم أصيبوا بإحباط وخوف شديدين عندما تحققوا بأنه انهار كليا في ظرف ست ساعات تقريبا. الخراب حل في كل مكان. عدد كبير من السكان فروا في الأيام الأولى إلى موبتي وباماكو مخلفين وراءهم كل شيء. واليوم بات من الصعب جدا مغادرة المدينة بسبب نقاط التفتيش التي نصبت خارج المدينة. غاو دمرت بالكامل. المحلات التجارية مقفلة والسكان يعانون من نقص في المياه الصالحة للشرب والمواد الغذائية. النساء الحوامل لا يستطعن الذهاب إلى العيادات للولادة لأن الأطباء فروا إلى باماكو. بعضهن تعرضن إلى الخطف والاغتصاب. وإذا استمر الوضع على حاله، فسنواجه كارثة إنسانية لا مثيل لها. كيف يمكن المساعدة : نحن ندعو الأممالمتحدة ومجموعة دول غرب أفريقيا إلى التدخل السريع لحماية المواطنين العزل في مدن الشمال المحتلة. على الأممالمتحدة أن ترسل قوات عسكرية إلى غاو تمبكتو لكي تسترجع الأمن المفقود وتسمح بالتالي للمنظمات الإنسانية أن تتدخل بسرعة لتقديم العلاج للمرضى والنساء والأطفال وتوفير المساعدات الغذائية الضرورية والمياه للسكان. لقد تحدثنا مع منظمات إنسانية أجنبية لديها فروع هنا في باماكو، مثل برنامج الغذاء العالمي والهلال الأحمر وأوكسفام، وطلبنا المساعدة. فأجابوا أنهم مستعدون للقيام بذلك شرط أن يتوفر الأمن أو على الأقل ممرات إنسانية آمنة تسمح بتقديم المساعدات وإقامة مستشفيات ميدانية. وأعتقد بأن الجيش المالي غير قادر على توفير الأمن لهذه المنظمات لكي تتحرك بسرعة لسبب بسيط وهو أنه مشلول ومدمر. لكن فرنسا والجزائر مثلا قادرتان على توفير غطاء جوي وتأمين ممرات حتى غاو وتمبكتو. لكن إلى الآن هذا الحل غير وارد. نهاية الأزمة الدستورية ستفتح الأبواب: إن نهاية الأزمة السياسية وعودة الشرعية الدستورية ستعيدان نوعا من الأمل لدى الماليين. اليوم مؤسسات الدولة غائبة تماما وهي تفتقد إلى أدنى قدر من التنظيم. الانقلابيون هم المسؤولون عن كل ما يحدث في مالي. فلقد دمروا المؤسسة العسكرية، ما أدى إلى سقوط مدينتي غاو وتمبكتو. الانقلاب العسكري كان بمثابة الضربة القاضية التي مزقت كل مؤسسات الدولة. في الشمال، المدارس والعيادات الطبية مقفلة. المواصلات غير متوفرة والرواتب لم تصرف منذ شهرين. ويجب الآن طي صفحة الماضي والشروع في تشكيل حكومة انتقالية قادرة على تسيير شؤون البلاد وتحديد الأولويات الاقتصادية والأمنية. وأعتقد أن رئيس المرحلة الانتقالية الجديد دياكوندا تراوري قادر على هذه المهمة بالرغم من أنها صعبة ومستقبل مالي غامض.