يحتفل الجزائريون كل عام بيوم عاشوراء بالصوم والعبادة والذكر، وكذا احتفالات تتضمّن تقاليد أصيلة تجذب الاهتمام والإعجاب، والجميل في هذه التقاليد أنها ثرية ومتنوعة من منطقة إلى أخرى، خاصة ما تعلّق بالتضامن في هذا اليوم المبارك، والصدقة، وتوزيع اللحوم والحلويات وإعداد أطباق تقليدية شهية، وللأطفال نصيب من حلويات "القشقشة". كما أن لكل منطقة من الوطن تقاليدها في تحضير أطباق المأكولات الخاصة بعاشوراء، فمنطقة الشرق الجزائري تتميز بتحضيرها لكل من البربوشة والشخشوخة باللحوم البيضاء، وإلى جانب التريدة والفتات، أما منطقة الجنوب، فتتميز بالبركوكس بالقديد، والكسكس إضافة إلى المكسرات وأنواع الحلويات كطبق الروينة الذي يحضر للأطفال، أما العاصميات، متمسّكات بالرشتة والشخشوخة. تحضيرات العاصميين مبكرة يعود يوم عاشوراء والعائلات الجزائرية لاتزال متمسكة بعاداتها الأصيلة، كما أن هذا اليوم يعد كذلك فرصة لتبادل المودة والرحمة بين الأهل والأصدقاء وذكر الله والاستغفار، علما أنه نجى سيدنا موسى عليه السلام من بطش فرعون وصار يوما للصوم كما سنّه رسول الله الكريم محمد سيد الخلق صلى الله عليه وسلم . تستعد الأسواق والمحلات كما العائلات لاستقبال هذا اليوم، حيث تبدأ المحلات والأسواق في بيع كل اللوازم الخاصة لإعداد أحسن الأكلات وألذها، من توابل ودجاج وفواكه جافة، وتعتبر تجارة مربحة في هذه المناسبة لأصحاب المحلات، لأن كل من الرشتة والشخشوحة والكسكس بالدجاج، أكثر الأكلات تحضيرا في هذا اليوم، وهناك من لا تستغني عن الشخشوخة في عاشوراء بما هي طبق رئيسي بالخضر والدجاج، وهناك من يحرص في ليلة عاشوراء، بمنطقة القبائل، على تحضير طبق العصبان مرفوقا بلحم القديد الذي يترك في الملح والهواء منذ عيد الأضحى ليجفف ويحتفظ به حتى يوم عاشوراء، ويؤكل أيضا مع الكسكس. بعض العائلات العاصمية تبدأ التحضير لليلة عاشوراء بشكل مبكر، أي مع اقتراب يوم محرم وتحرص على اقتناء كل ما تحتاجه من أجل تحضير طبق الرشتة بالدجاج أي خضر وتوابل ودجاج، من أجل تناوله في اليوم التاسع، أما طبق الكسكسي، فهو يحضر في اليوم العاشر، وهناك العديد من العائلات تحرص في سهرة عاشوراء على تحضير الشاي مرفوقا بالفواكه الجافة من الجوز والفستق واللوز والتمر. مهرجان ديني وهدايا للأطفال وبدورها مدينة الجسور المعلقة، تحتفي بهذا اليوم والمناسبة الدينية، فبالإضافة إلى تحضير الأطباق التقليدية مثل شخشوخة الظفر والمرق يحضر من الحمص والدجاج والزبدة الطازجة والشخشوخة كانت تحضرها النسوة في المنازل، كما أن العائلات في قسنطينة لديها اهتمام خاص بالأطفال من أجل إدخال الفرحة في قلوبهم، فيتحوّل هذا اليوم إلى مهرجان ديني يحتفلون به منذ قرن على طريقة واحدة، علما أم ما يطلق عليها القشقشة تكون حاضرة كل عام والمتمثلة في المكسرات من الجوز واللوز والفستق والكاكاو والتمر والحلوى الذي يوضع في أكياس صغيرة، وفي الصباح الباكر يطرق الأطفال الأبواب ويغنون "هذا دار سيدنا كل عام يزيدنا" فيحصلون على ذلك الكيس المتكوّن من القشقشة. وأهم ما يميز مدينة تلمسان سلسلة من العادات، حيث يتمّ في هذا اليوم ذبح خروف يتمّ التصدّق بجزئه حيث يكرس التلمسانيون صفة التضامن وكذا مساعدة المساكين، ويطبخ الجزء الآخر منه حيث تقوم العائلات بإعداد عشاء خاص بهذه المناسبة يجتمع فيه كل أفراد العائلة على مائدة العشاء. ألبسة تقليدية جميلة كما تقوم الأمهات بإلباس بناتهن الشدة وهي اللباس التقليدي الذي تتميز به منطقة تلمسان، إلى جانب إلباس الذكور "القشابية" ويقوم بأخذ صور تذكارية بهذه المناسبة ويتمّ كذلك ختان الأطفال الصغار ويقام عشاء على شرفهم، ويتمّ توزيع الحلويات على الأطفال الصغار وكذلك تعطى لهم نقود، كما توزع الأمهات الملابس على العائلات المعوزة. فيما تحرص نساء على تأخير غسل جلد الأضحية إلى هذه المناسبة، إضافة إلى الاحتفاظ بجزء من أضحية عيد الأضحى كالرقبة والذيل لطهي أطباق خاصة بهذا اليوم، وفي هذه المناسبة، هناك بعض الفتيات من يحرصن على قص الشعر ورميه في الواد حتى يكون الشعر طويلا طول ذلك الواد، أما في قسنطينة يتمّ قص شعر الفتاة بخاتم من فضة، كما يتمّ في بعض المناطق من الوطن قص شعر الطفل الصغير لأول مرة. في حين في ولاية تيارت، فعلى غرار الأكلات التقليدية التي يتمّ إعدادها خصيصا لعاشوراء، تقوم ربات البيوت، بشراء كيس دقيق خصيصا لمناسبة عاشوراء حيث تقوم الفتيات بغربلة الكيس، وفي كل 10 حفنات توضع حفنة في إناء وعند الانتهاء يتصدق بذلك الإناء الذي به الدقيق حتى تكون يد الفتاة مباركة. إذا صوم هذا اليوم وإخراج زكاة المال، عادات تمسّك بها الجزائريون على غرار باقي الشعوب الإسلامية لكسب أجر هذا اليوم، حيث يربطون هذه المناسبة بانتصار الخير على الشر بنجاة سيدنا موسى، عليه السلام، من فرعون وقومه.